الأمثال الشعبية جزء من التراث الذي تتناقله الأجيال، والمرأة المصرية في الأمثال الشعبية كان لها نصيب كبير منها، حيث يتضح من خلالها الفكر السائد في المجتمع في فترة ما، الذي بموجبه تكونت لدى الكثيرين العديد من القناعات والأحكام تجاه موقف معين أو شخص ما، تعال معي عزيزي القارئ في السطور القليلة القادمة لنبحر في عالم الأمثال الشعبية ونتعرف على بعضها؛ والذي تناول المرأة بشكل خاص.
المرأة المصرية في الأمثال الشعبية:
كثرت وتعددت الأمثال الشعبية التي تحدثت عن المرأة، كان بعضها سلبيًا لدرجة الشدة والعنف، ولن يعجب الكثير من النساء خاصة في زمننا الحالي، بينما جاء البعض الآخر إيجابيًا محفزًا ومشجعًا، ومن أهم الأمثال الشعبية التي تناولت المرأة المصرية ما يلي:
اكسر للبنت ضلع يطلع لها 24:
هذا المثل وإن كان يعبر عن ضرورة التربية الحاسمة والصارمة للفتيات، إلا أنه يشتمل بين حروفه على نوع من العنف، ويعبر عن ازدواجية المجتمع الذكوري، الذي يكيل بمكيالين في أسلوب التربية.
اقرأ أيضًا: ما هي كوسة بقى.. تعرف على أشهر الأمثال الشعبية وقصتها
إن كنت وحشة خليكي نغشة:
هذا المثل ينصح الفتاة إذا لم تكن جميلة، بأن تكون خفيفة الظل، وتمارس بعض أنواع (الدلع) لكسب قلوب الرجال، وهذا المثل شديد السلبية لدرجة تعتبرها بعض النساء إهانة! لأنه يرسخ لفكرة خاطئة وهي أن جمال الوجه أهم للفتاة من جمال العقل، وأن الفتاة من أهم مميزاتها أن تكون جميلة، وإن لم تكن كذلك فعليها أن تمارس بعض الألاعيب لتستطيع أن تتزوج.
آخذ ابن عمي واتغطى بكمي:
هذا المثل يقال في تفضيل زواج الأقارب، حيث تتزوج الفتاة من ابن عمها، ولو كان فقيرًا ولا يملك ما تتغطى به، وهذا المثل قد يكون إيجابيًا، لو اعتبرنا إنه يدعو الفتاة للارتباط بمن تحب وتحمل مشقة قرارها في سبيل الحب، وقد يكون سلبيًا أيضًا، من ناحية تشجيعه فكرة أن البنت (متخرجش بره العيلة)، وهناك آباء يستغلون هذا المثل في إجبار الفتيات للزواج من الأقارب حتى ضد رغبتهن.
اللي يسعدها زمانها تجيب بناتها قبل صبيانها:
هذا المثل يشبر إلى مميزات إنجاب المرأة للبنات قبل الذكور، وقد يكون لهذا المثل جانبان، جانب إيجابي وآخر سلبي، فالجانب الإيجابي هو اعتبار أن إنجاب البنات أمر مميز ومرغوب فيه، أما الجانب السلبي فهو أن يعتبر شغل البيت هو أساس عمل المرأة، وأن إنجاب الفتيات لمساعدة الأم في أعمال المنزل وخدمة الموجودين فيه.
الحما حمة ولو كانت ملكة من السماء:
كثيرًا ما يساء للحموات في أمثالنا الشعبية، غير مدركين لكون الحموات سيدات محترمات وأمهات فاضلات، وبالرغم من أن هذا المثل قد يعكس للأسف درجة من الواقع خاصة في القرن الماضي، حيث كانت الفتاة تتزوج وتنتقل لبيت زوجها لتعيش معه وسط أهله، فكانت تعمل كـ (خادمة) لأهل زوجها، أما الآن فقد تغير الوضع تمامًا.
الست اللي ما بتخلفش زي الضيف:
يدل هذا المثل على أن المرأة التي لا تنجب مصيرها سيكون الطلاق، وسلبية هذا المثل أنه يرى المرأة أو الزوجة أمًا فقط، وليس لها أية أدوار أخرى، وإذا لم تؤدِّ هذا الدور فهي قابلة للرحيل، ولكن هذا المثل يعبر بشكل كبير عن نظرة المجتمع للمرأة قديمًا، إذ كان يعتقد أن السبب في عدم الإنجاب يرجع للمرأة وحدها.
يا أبو البنت ما تعوزها مصيرها لبيت جوزها:
ينصح هذا المثل الأب بألا يعتمد كثيرًا على ابنته؛ لأنها في النهاية ستذهب إلى بيت زوجها وتتركه بعكس الأبناء، ولكن هذا المثل غير منصف للمرأة تمامًا، ويحمل داخله اتهامًا للمرأة بالعقوق لوالديها، لكنه ربما كان يعكس واقعًا قديمًا خاصة في القرى الريفية، حيث كان الآباء يعتمدون على الذكور في مساعدتهم في العمل ومشاركتهم في الإنفاق.
اكفي القدرة على فمها، تطلع البنت لأمها:
يجسد هذا المثل الشعبي مدى التشابه الشديد بين الأم وابنتها، في الصفات والطباع والأخلاق، وهذا المثل قد يراه البعض أنه يوضح نظرة سطحية، تعتبر فقط أن الأم هي المثل الأعلى الوحيد للفتاة، بينما قد تكون هناك العديد من النماذج التي تقتدي بها الفتاة في حياتها وأكثر من مسار تسلكه، فضلًا عن اختلاف الأجيال والثقافة ما بين الفتاة وأمها، ما يجعل للفتاة شخصية مستقلة قد تكون بعيدة عن شخصية الأم.
لما قالوا لي ولد.. اشتد ضهري واتسند، ولما قالوا لي بنت.. اتهدت الحيطة عليا:
هذا المثل للأسف يعبر عن نظرة المجتمع الذكوري للفتاة، حيث يرسخ فكرة أن الأبناء الذكور هم السند، وأن إنجاب البنت لا يأتي من ورائه سوى المشاكل، ولكن الواقع أن الأنثى مثل الذكر، وقد تتفوق عليه في تحمل المسئولية، وتكون هي السند لأهلها، وقد أثبت الواقع بالفعل في كثير من المواقف تخلي الابن عن والديه، وتحمل الابنة مسئولية الوالدين ورعايتهما.
وفي النهاية تظل الأمثال الشعبية برغم ظلمها الشديد في تناولها للمرأة، إلا أنها تبقى دستورًا شعبيًا كالعادات والأعراف يسير عليها الكثيرون من فئات الشعب المختلفة.
اقرأ أيضًا: رموز الحكمة.. جولة في عالم الأمثال الشعبية المشهورة وأسرارها
كتبت: سحر علي.