في رحلة التعليم التي يمر بها كل طالب مصري، تعد مرحلة الثانوية العامة الأكثر إثارة، ومع ذلك ما قد لا يدركه الكثيرون أن هذه المرحلة لم تكن دائمًا كما هي اليوم، تطورات نظام الثانوية العامة في مصر على مدار العقود الماضية كانت مليئة بالمفاجآت والتحديات، حيث شهد هذا النظام العديد من التحولات التي غيرت بشكل جذري طريقة تعامل الطلاب مع هذه المرحلة الحاسمة، فما هي هذه التطورات؟ وكيف أثرت على مستقبل التعليم في مصر؟ دعونا نكشف الستار عن هذه التغييرات ونستعرض مسيرة الثانوية العامة عبر الزمن.
تطورات نظام الثانوية العامة في مصر:
منذ 71 عامًا مضى، حين صدر القانون رقم 211 بشأن تنظيم التعليم الثانوي، تم تقسيم هذه الفترة الدراسية إلى مرحلتين هما الإعدادية والثانوية، ونص القانون على أن تكون مدة الدراسة الثانوية 3 سنوات يتخصص فيها الطالب، وتوالت تطورات نظام الثانوية العامة في مصر، كالتالي:
- في عام 1981م، صدر القانون رقم 139، الذي اشترط على الطلاب الراغبين في استكمال دراستهم الثانوية من خلال الالتحاق بالصف الأول الثانوي، أن يكونوا حاصلين على شهادة إتمام التعليم الأساسي وهي الشهادة الاعدادية، وأن تكون الدراسة عامة في الصف الأول الثانوي، ويختار الطالب التخصص بين القسم العلمي والقسم الأدبي، بدءًا من العام الثاني.
- في عام 1987م، أثناء عهد الدكتور أحمد فتحي سرور تم إعداد مبادرة لتطوير التعليم الثانوي، حيث تم الفصل بين القسمين الأدبي والعلمي، وتم تطوير الدراسة في المدارس الثانوية، حيث أصبحت المرحلة الثانوية مرحلة منتهية تؤهل الطلاب للعمل، ولكن هذه الخطة لم يتم تنفيذها بسبب التغيير الوزاري آنذاك.
اقرأ أيضًا: مقارنة بين أنظمة الثانوية العامة حول العالم.. ما الأنسب لك؟
- في عام 1988م، صدر قرار وزاري جديد، بعودة نظام الثانوية العامة إلى نظام السنة الواحدة، بحيث تكون الدراسة في الصفين الأول والثاني الثانوي دراسة عامة، ثم التخصص في الصف الثالث الثانوي فقط، ولم يمر إلا عامان فقط، وتم تعديل نظام الدراسة في الثانوية العامة مرة أخرى، حيث تم إدخال المواد الاختيارية لدراسة ميول وقدرات الطلاب، وهو ما يسمى بالمستوى الرفيع، وهي المرة الأولى التي يتم فيها ذلك لمساعدة الطلاب على زيادة المجموع.
- في عام 1994م، صدر قانون آخر بموجبه أصبح نظام الدراسة في الشهادة الثانوية نظامًا ممتدًا بين العامين الثاني والثالث الثانوي، وكانت الدراسة حسب هذا النظام تتم بموجب مواد إجبارية ومواد اختيارية يختارها الطالب عند التخصص في الصف الثاني الثانوي، وحساب الدرجات بمتوسط ما حصل عليه الطالب من درجات في نهاية السنة الثانية والثالثة.
- في نفس العام 1994م، أدخلت وزارة التربية والتعليم نظامًا سمي بنظام التحسين، الذي يتيح للطالب التقدم لامتحان دور ثانٍ في شهر أغسطس؛ لتحسين درجاته في المواد التي يرغب فيها سواء رسب أو لم يرسب، ولكن هذا النظام فشل فشلًا كبيرًا، وأثار جدلًا واسعًا ووصفه الخبراء بأنه مثل (الباراشوت) حيث أنه أرهق الأسرة المصرية، وأضاف إلى اعبائها ماديًا ومعنويًا، وكان يحصل الطلاب على مجاميع وهمية، لدرجة حصول المئات من الطلاب على 105%، وأصبح الطالب الحاصل على 95% فاشلًا وليس له مكان في الكليات التي يرغبها.
اقرأ أيضًا: آفاق جديدة.. كيف تغير بدائل الثانوية العامة مسار التعليم؟
- في سبتمبر 1997م، قام كمال الجنزوري رئيس الوزراء في ذلك الوقت، بإلغاء العمل بنظام التحسين، مع استمرار الثانوية العامة تدرس بنظام العامين والشعبتين (الأدبي والعلمي).
- في عام 2012 م، صدر قرار وزاري بعودة نظام السنة الواحدة، وأن يجرى الامتحان للحصول على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة على مرحلة واحدة في نهاية السنة الثالثة.
- في عام 2013 م، تم إدخال التابلت لمدارس التعليم الثانوي العام في الفصول، ووضعت عليها المناهج، وتم التعاقد بين وزارة التربية والتعليم وإحدى شركات التأمين لتتولى عمليات الصيانة، ولكن هذه التجربة فشلت ولم يستمر تنفيذها.
- بعد مرور 6 سنوات، بدأ استخدام التابلت من بداية الصف الأول الثانوي، وتم توزيعه على الطلاب، ولكن للأسف أساءوا استخدامه، وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع متعددة لعدد من الطلاب أثناء محاولتهم توصيل التابلت بشاشة العرض داخل الفصل عن طريق البلوتوث ومشاهدة أغاني ومقاطع راقصة.
- في عام 2015-2016، بداية التسريبات ومحاولات الغش في الانتشار، لدرجة أن الوزارة قامت بإلغاء الامتحان في بعض المواد الدراسية، وتأجيل البعض الآخر.
اقرأ أيضًا: تعرف على أشهر 9 معلومات عن الثانوية العامة
- في سبتمبر عام 2018، قررت وزارة التربية والتعليم إلغاء العمل بنظام الثانوية العامة والعمل بالنظام الجديد، الذي بدأ تطبيقه عام في 2018-2019 على طلاب الصف الأول الثانوي، الذي بموجبه تم الاعتماد على أنظمة التعليم من خلال بنك المعرفة، واستخدام التابلت بهدف تعويد الطالب على التعلم عن طريق البحث والفهم والتفكير، بدلًا من الحفظ والتلقين، وأصبحت نتيجة الطالب في الثانوية العامة بالتقدير (ممتاز، جيد، جيد جدًا، مقبول).
- في عام 2024م، أعلنت وزارة التربية والتعليم إعادة هيكلة الثانوية العامة من خلال تقليل عدد المواد الدراسية لطلاب الصف الأول الثانوي من 10 إلى 6 مواد، على أن تشمل المواد الجديدة اللغة العربية واللغة الإنجليزية ومادة التاريخ والرياضيات والعلوم المتكاملة والفلسفة والمنطق، على أن تشمل العلوم المتكاملة مادتي الكيمياء والفيزياء في مادة واحدة.
وفي خضم هذه التطورات المتسارعة، يبقى السؤال الأهم: إلى أين تتجه الثانوية العامة في مصر؟ مع كل تغيير يطرأ على هذا النظام، يزداد فضول الطلاب وأولياء الأمور حول مستقبل التعليم، هل سنشهد المزيد من الإصلاحات التي قد تضعنا على أعتاب ثورة تعليمية جديدة؟ أم أن هذه التحولات ستستمر في تشكيل مستقبل غامض لهذا النظام الذي طالما كان مرآة لمستقبل أجيال بأكملها؟ يبدو أن رحلتنا مع تطورات نظام الثانوية العامة في مصر لم تصل بعد إلى محطتها الأخيرة.
اقرأ أيضًا: إسأل مجرب.. 9 نصائح ذهبية لطلاب الثانوية
كتبت: سحر علي.