الفصام (الشيزوفرينيا) اضطراب نفسي شديد ومعقد يؤثر على كيفية تفكير الشخص وشعوره وسلوكه، غالبًا ما يتجلى في شكل هلاوس سمعية أو بصرية وأوهام واضطرابات في التفكير، مما يؤثر بشكل كبير على الحياة اليومية والعلاقات الاجتماعية للشخص المصاب، ويعد من أكثر الاضطرابات النفسية تحديًا، ليس فقط للشخص المصاب ولكن أيضًا للأهل والأصدقاء والمجتمع المحيط به.
نسمع كثيرًا عن الشيزوفرينيا، تتردد هذه الكلمة كثيرََا في الأفلام والمسلسلات العربية، لكن قليل منا يعرف أنها مرض نفسي يدعى الفصام، كثيرََا منا يجهل أعراضه، أسبابه، وطرق العلاج المتاحة، فهي غاية في الأهمية لنتمكن من التعامل مع الشخص المصاب بهذا الاضطراب.
ما الفصام؟
يعد الفصام اضطراب نفسي مزمن يتسم بتغيرات شديدة في الإدراك والعواطف والسلوك، غالبًا ما يبدأ هذا الاضطراب في مرحلة الشباب، لكنه يمكن أن يظهر في أي مرحلة عمرية، ويُعتبر من بين أكثر الاضطرابات النفسية انتشارًا، حيث يعاني حوالي 1% من سكان العالم من هذا الاضطراب، بحسب منظمة الصحة العالمية.
اقرأ أيضًا: الانفصام العقلي.. كيف نواجه الفجوة بين الوهم والواقع؟
أعراض الفصام:
تنقسم أعراضه إلى ثلاث مجموعات رئيسية: الأعراض الإيجابية، الأعراض السلبية، والأعراض الإدراكية، وهي كالتالي:
الأعراض الإيجابية:
- الهلاوس: هي تجربة إدراك غير حقيقية مثل: سماع أصوات غير موجودة، رؤية أشياء غير حقيقية، أو حتى الشعور بأشياء غير موجودة.
- الأوهام: هي معتقدات غير واقعية يعتقد الشخص المصاب بأنها حقيقية، مثل الشعور بأنه مراقب أو مضطهد.
- اضطرابات التفكير: يتميز بعدم قدرة الشخص على تنظيم الأفكار والتعبير عنها بشكل منطقي، مما يؤدي إلى الكلام المربك أو غير المرتبط.
الأعراض السلبية:
- اللامبالاة: انخفاض في العواطف والتفاعل مع الآخرين.
- الانعزال الاجتماعي: ميل الشخص المصاب للانعزال والابتعاد عن الأنشطة الاجتماعية.
- انعدام الإرادة: نقص القدرة على بدء وإنهاء المهام.
الأعراض الإدراكية:
- صعوبة التركيز: يجد الشخص المصاب صعوبة في التركيز أو الانتباه.
- ضعف الذاكرة: خاصة فيما يتعلق بالمهام اليومية والتعلم.
- صعوبة في اتخاذ القرارات: يجد الشخص المصاب صعوبة في اتخاذ القرارات المنطقية.
أسباب الفصام:
رغم أن السبب الدقيق له غير معروف حتى الآن، إلا أن الباحثين يعتقدون أن هناك مجموعة من العوامل الوراثية، البيئية، والكيميائية التي تساهم في ظهور هذا الاضطراب، مثل:
- العوامل الوراثية: تلعب الوراثة دورًا كبيرًا في زيادة خطر الإصابة به، إذا كان أحد الوالدين مصابًا بهذا الاضطراب، فإن احتمال إصابة الأبناء يزيد.
- العوامل البيئية: تشمل هذه العوامل التعرض للتوتر الشديد، أو الصدمات النفسية، أو بعض الأمراض الفيروسية أثناء الحمل، التي قد تزيد من خطر الإصابة به.
- العوامل الكيميائية: يُعتقد أن هناك اضطرابات في بعض المواد الكيميائية في الدماغ مثل الدوبامين الذي يلعب دورًا في تطور هذا الاضطراب.
طرق علاج الفصام:
يعتبر علاج هذا الاضطراب تحديًا كبيرًا، نظرًا لتعقيده وتنوع أعراضه، ومع ذلك هناك عدة استراتيجيات علاجية يمكن أن تساعد في السيطرة على الأعراض وتحسين جودة حياة الشخص المصاب، وهي كالتالي:
العلاج الدوائي:
تُعد الأدوية المضادة للذهان الأساس في علاج هذا الاضطراب، حيث تساعد هذه الأدوية في تخفيف الأعراض الإيجابية مثل: الهلاوس والأوهام، ومن المهم أن يتم تناول هذه الأدوية تحت إشراف طبي دقيق لتجنب الآثار الجانبية.
العلاج النفسي:
يمكن أن يكون العلاج النفسي مفيدًا للغاية في مساعدة الشخص المصاب على التعامل مع أعراضه، ويشمل ذلك العلاج السلوكي المعرفي الذي يركز على تغيير الأنماط السلبية من التفكير.
التأهيل الاجتماعي:
يهدف التأهيل الاجتماعي إلى مساعدة الشخص المصاب على العودة إلى المجتمع والاندماج فيه، ويمكن أن يشمل ذلك التدريب على المهارات الاجتماعية، ودعم الحياة المستقلة، والتوجيه المهني.
الدعم الأسري:
تلعب الأسرة دورًا حاسمًا في دعم الشخص المصاب، فمن الضروري أن تكون العائلة على دراية بطبيعة الاضطراب وكيفية التعامل معه بشكل صحيح.
كيفية التعامل مع الشخص المصاب بالفصام؟
من المهم تقديم الدعم والرعاية للشخص المصاب، وتجنب النقد أو الحكم عليه بسبب أعراضه، كما يجب أن يكون التواصل مع الشخص المصاب واضحًا وبسيطًا، مع إظهار التعاطف والفهم، حيث يمكن أن يكون العلاج الجماعي مفيدًا؛ لأنه يوفر للشخص المصاب فرصة للتفاعل مع آخرين يواجهون نفس التحديات.
الفصام هو اضطراب نفسي معقد يحتاج فهمًا عميقًا وتقديم دعم مستمر للشخص المصاب، على الرغم من التحديات التي يواجهها الأشخاص المصابون بالفصام، إلا أن هناك العديد من العلاجات المتاحة التي يمكن أن تساعد في تحسين حياتهم، ومن الضروري توعية المجتمع حول هذا الاضطراب، والعمل على إزالة الوصمة المحيطة به؛ لضمان حصول الأشخاص المصابين على الدعم والرعاية التي يحتاجونها.
اقرأ أيضًا: العلاج النفسي للانتحار في 10خطوات
كتبت: نهلة سمير.