لكل أمة موروثاتها الثقافية الخاصة بها؛ والتي حصلت خلال التاريخ، والأمثال الشعبية خير دليل على ذلك، فضيحة بجلاجل، وسالمة يا سلامة، هما عبارتان من الموروثات المصرية التي يتداولها الناس عند مرورهم بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه، وهذا ما سوف نتناوله في السطور التالية حيث نؤكد على أن أصل المثل ما قد حصل.
الأمثال الشعبية:
فضيحة بجلاجل:
الجلاجل هي الأجراس، وقد كان عقاب المجرم قديمًا من خلال وضعه على حمار بالمقلوب بصحبة الشرطة، وهم يحملون الأجراس التي يقومون بدقها؛ ليتنبه الناس ويرون المجرم، وهو يُطاف به في المدينة بين السكان فتكون فضيحته بجلاجل.
وقصة هذا المثل أنه في قديم الزمان قام شخص بسرقة بعض البيوت، فقاموا بإلقاء القبض عليه وسلموه إلى العدالة، فحكم عليه القاضي بعدة أحكام؛ كي يكون عبرة لغيره ممن يفكرون بالسرقة، حتى لا يتكرر ذلك مرة أخرى، وهذه الاحكام هي:
- أولًا: أن يجلسوه على حمار بشكل عكسي، حتى يلفت انتباه الناس إليه.
- ثانيًا: أن يرتدي ثيابًا مقطعة كثياب المشردين.
- ثالثًا: أن توضع برقبته جلاجل (أجراس)؛ لترن أثناء حركته، ويتنبه الناس لمرور الحمار، فكان كلما مر أمام بيت، يخرج أهل البيت ويرون هذا المنظر المخجل البشع، ومن هنا جاءت (اتفضح فصيحة بجلاجل).
اقرأ أيضًا: بين الظلم والتمجيد.. كيف صورت المرأة المصرية في الأمثال الشعبية؟
سالمة يا سلامة رحنا وجينا بالسلامة:
قد يعتقد البعض إن هذه العبارة قيلت بمناسبة عودة غائب من السفر أو أسير من الأسرى، ولكن ستتعجب كل العجب عزيزي القارئ عند معرفة أصل هذا المثل وما قد حصل، في أربعينيات القرن الماضي، لم تكن أعمال الدعارة مُخالفة للقانون المصري، بل كانت لها أماكنها المعروفة والمشروعة قانونًا، وكانت لها تراخيص وأوراق قانونية، وكان العمل في هذا المجال للنساء اللواتي يتمتعن بصحة جيدة، فكان على الحكومة المصرية أن تضع شروطًا صحية على هؤلاء الفتيات للتأكد من صحتهن بتوقيع الكشف الطبي الصارم عليهن في إحدى المستشفيات الحكومية كل فترة.
ويبدو أن الكشف كان صعبًا وصارمًا، لدرجة أن كثيرًا من الفتيات كن يخسرن رخصتهن بسبب فشلهن في الكشف الطبي، أما الفتيات اللواتي ينجحن في هذا الكشف الطبي بسلام، كن يحتفلن أثناء خروجهن من المستشفى، ويرددن كلمات: “سالمة يا سلامة، رحنا وجينا بالسلامة”، وقد تحولت هذه الكلمات فيما بعد إلى أغنية شعبية شهيرة.
وسواء كانت فضيحة بجلاجل، أو سالمة يا سلامة، ستظل هذه العبارات نموذجًا من الأمثال الشعبية في التراث الثقافي المصري الموروث، الذي يتناقل عبر الأجيال، ويظل أصل المثل ما قد حصل.
اقرأ أيضًا: أمثال شعبية خطأ.. هل كتر السلام يقل المعرفة؟
كتبت: سحر علي.