جزيرة الأرانب في اليابان، المعروفة باسم أوكونوشيما (Ōkunoshima)، هي واحدة من أكثر الوجهات السياحية الغريبة والمحبوبة في اليابان، الجزيرة تقع في بحر سيتو الداخلي بالقرب من ساحل هيروشيما، وهي معروفة بعددها الكبير من الأرانب التي تعيش هناك بحرية وتجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم، فإذا كنت من محبي الحيوانات، أو تبحث عن تجربة فريدة في اليابان، فزيارة جزيرة أوكونوشيما ستكون بالتأكيد تجربة لا تُنسى.
جزيرة أوكونوشيما تمتد على مساحة صغيرة تبلغ حوالي 4.3 كيلومترات مربعة، ومع ذلك، فهي تحمل تاريخًا غنيًا ومعقدًا يتناقض مع طبيعتها الحالية الهادئة والمليئة بالحياة.
تاريخ جزيرة الأرانب:
خلال الحرب العالمية الثانية، كانت أوكونوشيما موقعًا سريًا لإنتاج الغاز السام لصالح الجيش الياباني، بعد نهاية الحرب تم إغلاق المصنع وتركت جزيرة الأرانب دون أي استخدام رسمي لفترة طويلة، لكن الأرانب بدأت في الظهور، وهناك عدة نظريات حول كيفية وصول الأرانب إلى الجزيرة، أحدها يقول أن الأرانب جلبت إلى الجزيرة لغرض البحث في تأثيرات الغاز السام، ولكن تم إطلاق سراحها بعد الحرب، ونظرية أخرى تقترح أن الأرانب الحالية هي أحفاد للأرانب الأليفة التي أطلقها السكان المحليون في السبعينيات.
اليوم جزيرة أوكونوشيما تحولت إلى مقصد سياحي يجذب الكثير من محبي الحيوانات والطبيعة، ويُمنع الصيد على الجزيرة، مما أدى إلى زيادة أعداد الأرانب التي أصبحت ودودة جدًا مع البشر، وتقترب من الزوار بحثًا عن الطعام، الجزيرة ليست فقط موطنًا للأرانب، ولكنها تحتوي أيضًا على متحف للغاز السام يُوثق تاريخ الجزيرة خلال الحرب العالمية الثانية، المكان اليوم يمثل توازنًا بين التاريخ الغامض والماضي العسكري، والطبيعة الهادئة والحيوية التي توفرها الأرانب اللطيفة.
اقرأ أيضًا: محمية الزرانيق.. جنة الطيور المهاجرة في قلب سيناء
التاريخ العسكري لجزيرة الأرانب:
قبل أن تُعرف الجزيرة باسم (جزيرة الأرانب)، كانت جزءًا من مشروع عسكري سري خلال فترة الحرب العالمية الثانية، في عام 1929، تم اختيار أوكونوشيما كموقع لإنشاء مصنع لإنتاج الأسلحة الكيميائية، تحديدًا غاز الخردل السام، وكان هذا المشروع سريًا للغاية لدرجة أن الحكومة اليابانية لم تُظهر الجزيرة على الخرائط العامة، وخلال فترة الحرب تم إنتاج آلاف الأطنان من الغاز السام على الجزيرة، وكان العاملون في المصنع يعملون في ظروف قاسية وخطيرة.
بعد الحرب العالمية الثانية، تم تدمير المصنع وأخفى السجلات المتعلقة بالإنتاج الكيميائي، ولكن آثار هذه الفترة المظلمة لا تزال موجودة، وفي الثمانينيات تم افتتاح متحف الغاز السام على الجزيرة، الذي يعرض معلومات وحقائق حول إنتاج الأسلحة الكيميائية في تلك الحقبة، يزور المتحف العديد من الزوار سنويًا للتعرف على هذا الجزء المظلم من تاريخ الجزيرة.
ظهور الأرانب في جزيرة أوكونوشيما:
رغم التاريخ العسكري للجزيرة، فإن قصة الأرانب تُظهر تحولًا ملحوظًا في طبيعة الجزيرة، الأرانب التي يبلغ عددها الآن بالمئات، أصبحت رمزًا للحياة والسلام على هذه الأرض التي كانت في يوم من الأيام مكانًا للموت والدمار.
الأرانب ليست محصورة في منطقة معينة من الجزيرة بل تنتشر في كل مكان، وتقترب من الزوار دون خوف؛ لأنها اعتادت على وجود البشر، وعادة الزوار يجلبون معهم طعامًا خاصًا بالأرانب مثل الجزر والخس لإطعام هذه الكائنات اللطيفة، ومع ذلك يحظر إحضار الكلاب أو القطط إلى الجزيرة لحماية الأرانب.
الأنشطة السياحية في جزيرة الأرانب:
جزيرة أوكونوشيما أصبحت وجهة شهيرة للسياح الذين يأتون للاستمتاع بالطبيعة والتفاعل مع الأرانب، تبدأ الرحلة إلى الجزيرة من ميناء (تادانومي) حيث يمكن للزوار ركوب العبّارة إلى الجزيرة، الرحلة بالعبّارة تستغرق حوالي 15 دقيقة، وهي تجربة ممتعة تقدم إطلالات خلابة على بحر سيتو الداخلي، بجانب التفاعل مع الأرانب، يمكن للزوار الاستمتاع بالمشي في مسارات طبيعية تغطي الجزيرة، هناك أيضًا آثار تاريخية مثل بقايا مصنع الغاز السام، ونقاط مراقبة تطل على مناظر رائعة للبحر والجزر المجاورة.
نصائح لزيارة جزيرة أوكونوشيما:
- احمل طعامًا للأرانب: بالرغم من وجود نقاط بيع للطعام على الجزيرة، إلا أنه يفضل إحضار الطعام معك لتجنب نفاد الكمية.
- ارتدِ ملابس مناسبة: الجزيرة مليئة بالطبيعة والمسارات الترابية، لذا يفضل ارتداء أحذية مريحة وملابس مناسبة.
- احترم الطبيعة: لا تترك أية نفايات خلفك، واحرص على الحفاظ على نظافة الجزيرة.
جزيرة أوكونوشيما هي مكان مميز يجمع بين التاريخ المعقد والطبيعة الساحرة، إنها وجهة تذكر الزوار بأهمية السلام والتعايش مع الطبيعة، بعيدًا عن ماضي الجزيرة المظلم، فإذا كنت تبحث عن تجربة سياحية فريدة من نوعها في اليابان، فإن زيارة جزيرة الأرانب ستكون بالتأكيد تجربة لا تُنسى، مليئة باللحظات الجميلة والتعلم من التاريخ.
اقرأ أيضًا: المحميات الطبيعية في مصر.. عجائب طبيعية بانتظار عشاق الاستكشاف
كتب: رفيق عادل.