في عالم الحروب والمكائد لم تكن الأساطير مجرد قصص تروى، بل كانت دروسًا حية تنبض بالحياة، فمن أبرز تلك الحكايات هي قصة حصان طروادة، الذي تحول إلى رمز لخداع الأعداء وغفلة المنتصرين، ولكن ما الذي يحدث عندما يتكرر هذا السيناريو في عصرنا الحديث؟ كيف يمكن لأسطورة تاريخية أن تجد طريقها إلى ساحة معركة في القرن الحادي والعشرين حيث تتبدل الأدوار وتختلف الأدوات؟

حصان طروادة:

من الحوادث المشهورة في التاريخ اليوناني تلك الحرب الطاحنة التي جرت بين ملوك مدينتي أثينا وطروادة، فلم تكن اليونان قد وحدت بعد، بل كانت تعيش في ما يسمى ممالك المدن، فلكل مدينة ملكها واقتصادها وتجارتها وجيشها، وهي في حالة استغناء عن المدن الأخرى اليونانية، وظلت تلك هي حال اليونان حتى وحدهما الإسكندر الأكبر المقدوني قبل أن يغزو الشرق الأوسط والشرق الأقصى.

حصان طروادة

حصان طروادة

اقرأ أيضًا: رحلة عبر أحداث تاريخية في شهر ربيع الأول.. قصص لا تنسى

حرب أثينا وطروادة:

قام ملك أثينا بغزو مدينة طروادة التي تحصنت خلف أسوارها العالية الحصينة، ولم يستطع جيش أثينا أن يخترق تلك الأسوار، وبدأت الحملة تسير نحو الفشل، لكن أحد قادة أثينا اقترح على ملكها أن يبنوا حصانا كبيرا من الخشب ويضعوا فرقة قوية من الجنود الأشداء؛ لينسحب جيش أثينا من أمام أسوار مدينة طروادة، فيفتح أهلها أبواب مدينتهم ويحتفلوا بانتصار مدينة طروادة على جيش أثينا المنسحب، ويجدوا هذا الحصان الخشبي العملاق فيسحبوه إلى داخل مدينتهم كرمز خالد على انتصارهم على جيش أثينا.

حرب أثينا وطروادة

حرب أثينا وطروادة

وبتلك اللحظة في جنح الظلام تخرج الفرقة العسكرية من باطن الحصان، وتفتح الأبواب لجيش أثينا المتأهب لغزو مدينة طروادة، وهذا ما حدث بالضبط وانتصرت مدينة أثينا على طروادة، واتخذت مثلًا عالميًا لمن يأتي بعدوه إلى داخل منزله وهو غافل عما يفعل.

حزب الله والأجهزة الإلكترونية:

يبدو أن تلك القصة حدثت بالظبط، وإن كانت الشخصيات ومواقع الأحداث قد تغيرت، ففي يوم الثلاثاء والأربعاء 17 و18 من شهر سبتمبر تعرضت لبنان الممثلة في حزب الله وكوادره في حرب مخابراتية شبيهه بحرب طروادة، إذ قامت المخابرات الصهيونية بتفخيخ وإعطاء إشارات تدمير لآلاف من الأجهزة الإلكترونية، التي يستخدمها أفراد حزب الله منها: البيجر، وأجهزة إرسال واستقبال، وألواح طاقة شمسية.

حزب الله والأجهزة الإلكترونية

حزب الله والأجهزة الإلكترونية

وأسفر هذا العدوان الغاشم السيبراني عن 37 شهيد وما يقترب من 3000 جريح، الكثير منهم في العناية المركزة والبعض فقد بعض أطرافه، ويبدو أن هذا العدوان مقدمة لعدوان أكبر على الأراضي اللبنانية، حيث خرج زعيم حزب الله (حسن نصر الله) ليؤكد أن الحزب قد تلقى ضربة موجعة وغير مسبوقة، لكنه ما زال صامدًا في وجه العدوان الإسرائيلي.

وفي النهاية، يا ليتنا نقرأ تاريخنا ونتعلم ونواكب الأمم علمًا وعملًا، حتى لا نقع في خدعة حصان طروادة، ونفتح أبوابنا لأعدائنا.

اقرأ أيضًا: شهر الانتصارات والفتوحات.. 10 أحداث تاريخية وقعت في شهر رمضان

كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.