الفقاعة العقارية في مصر.. حقيقة أم وهم؟

الفقاعة العقارية

الفقاعة العقارية

تخيل أنك تنفق الملايين على عقار، فقط لتكتشف لاحقًا أن قيمته بدأت في الانهيار، هذه هي الفقاعة العقارية، التي قد تبدو في البداية وكأنها فرصة ذهبية، لكنها تحمل في طياتها خطرًا يهدد استثمارات الأفراد واقتصاد الدول، فهل نحن على أعتاب فقاعة عقارية في مصر؟ أم أن السوق العقاري المصري يمتلك مقومات تجعله صامدًا أمام هذا المصير؟ في هذا المقال سنكشف حقيقة ما يجري خلف الكواليس.

ما الفقاعة العقارية؟

مفهوم الفقاعة العقارية ببساطة هو أن العقارات في بلد ما أصبحت تقيم بأكثر من قيمتها الحقيقية، وهذا التقييم مع ضعف الطلب يؤدي إلى بيع تلك العقارات بأقل من سعرها المعلن لسداد ديون البنوك أو عدم دفع ديون البنوك بالكلية؛ مما يجعل البنك يقوم ببيع تلك العقارات بأي سعر ليحصل على أمواله التي هي أموال المودعيين، مما يخلق موجة من البيع العام في البلد وانهيار أسعار العقارات في تلك البلد، وفي النهاية إفلاس البنوك التي منحت قروضا عقارية بآلاف المليارات الدولارات لعقارات لا تساوي إلا الملايين من الدولارات.

ما الفقاعة العقارية؟

وبالتالي عند إفلاس البنوك تتبخر أموال ملايين من المودعيين والمساهمين والمشاركين في تلك البنوك، مما يعني حالة إفلاس وخسارة عامة لجميع أو معظم مستثمري تلك الدولة، هذا ما حدث بالضبط عام 2008 في الولايات المتحدة الأمريكية في أزمة الرهن العقاري، التي أصبحت علامة دامية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية المالي.

اقرأ أيضًا: العقارات المصرية.. هل تظل الاستثمار الآمن في مستقبل مصر؟

مصر والفقاعة العقارية:

السؤال المهم الآن: هل تلك الظروف والملابسات تنطبق كلها أو بعضها على السوق المصري؟ بالطبع وبكل ثقة نقول لا لا تنطبق تلك الظروف على السوق المصري؛ لأن البنوك المصرية لا تعطى أية قروض عقارية لعملائها، وجميع مشتري ومستثمري العقارات في مصر يشترون تلك العقارات بأموالهم الخاصة، ولا شأن للبنوك المصرية بأسعار تلك العقارات سواء بالزيادة أو بالنقصان، بل أن البنوك المصرية تحارب القطاع العقاري برفع قيمة الفوائد البنكية؛ مما يجعل الكثيرين من المستثمرين يفضلون فوائد البنوك وعوائدها على الاستثمار العقاري.

مما يعني أن البنوك وأموال المودعيين وأموال الدولة في أمان، وهي غير معرضة لأي خطر مالي أو اقتصادي، ونأتي للسؤال المهم والأهم: هل أسعار العقارات في مصر تتجاوز قيمتها الحقيقية؟ وتأتي الإجابة القاطعة من وحي التجارب والأمثلة الحقيقية ليكون لكلامنا براهينه ودلالته، ففي عام 2008 تم شراء شقة 160 متر بالقاهرة بمبلغ 550 ألف جنيه، وكان في هذا الوقت سعر جرام الذهب 155 جنيه مصري، وسعر الدولار الأمريكي 5,5 جنيه لكل دولار، والآن في عام 2024 عندما يكون سعر الدولار 48,65 جنيه لكل دولار، وسعر الذهب اليوم3650 جنيه مصري.

مصر والفقاعة العقارية

إذًا، بكم تقدر الآن سعر تلك الشقة؟ لو تم تقييم تلك الشقة بسعر الذهب لأصبح سعرها 17 ضعف ما كان عليه في عام 2008، ويساوي الآن أكثر من تسعة مليون جنيه، ولو تم تقييم تلك الشقة بالدولار لأصبح ثمنها مئة ألف دولار أي ما يساوي خمسه ونصف مليون جنيه، لكن المفاجأة المدوية إن تلك الشقة سعرها السوقي الآن هو ثلاثة مليون جنيه مصري، مما يعنى أن السوق العقاري المصري ما زال أقل بكثير من أسعار الذهب والدولار، وهو يقيم إلى الآن بأقل من قيمته الحقيقية.

وأن كنت تشك في كلامنا فإليك كلام أكبر مستثمر عقاري في الشرق الأوسط وهو السيد محمد العبار مالك وشريك ومدير شركة إعمار العقارية العالمية الإمارتية، في حديثه لشبكة سي أن بي سي العربية، حيث قال: “لا فقاعة عقارية في مصر، العرب الخليجيون ينفقون أكثر من 90 مليار دولار على السياحة الخارجية، وقلبي يحدثني أن مصر ستكون قبلة كل خليجي، وسأقوم باستثمار ملياري دولار هذا العام والعام القادم في القطاع العقاري المصري، هذا بخلاف الـ 15 مليار دولار التي تم استثمارها في الساحل الشمالي في مراسي وأخواتها”.

مستقبل القطاع العقاري:

من المؤكد أن القطاع العقاري يحتاج إلى المزيد من العمل، وحل كثير من المعوقات والمشاكل خاصة في مجال العقود والالتزام بمواعيد التسليم، ومواصفات وشروط تسليم الوحدات السكنية والتجارية، لكن من المؤكد أن القطاع العقاري المصري هو أكبر قطاع عقاري بالمنطقة، والأكثر نشاطًا والأفضل مستقبلًا؛ لوجود أكثر من مئة وعشرة مليون مواطن يبحثون عن السكن والعمل والاستثمار يحتاجون إلى عقار.

مستقبل القطاع العقاري

بالإضافة إلى عشرة مليون ضيف وليس لاجئا يتجولون في ربوع مصر، وأيضًا هناك خمسة عشر مليون سائح بعضهم يفضل المساكن الخاصة عن الفنادق والمنتجعات، والخطة الموضوعة لمصر 2030 هي مضاعفة تلك الأعداد.

ختامًا، تبقى الفقاعة العقارية ظاهرة مثيرة للقلق، ولكن عند النظر إلى واقع السوق العقاري المصري، نجد أن الظروف الحالية تختلف جذريًا عن تلك التي أدت إلى الأزمات السابقة، في حين يعاني البعض من تحديات، يبقى السوق المصري مدعومًا بقاعدة قوية من الطلب والنمو، لذا فإن المستقبل يبدو واعدًا، مما يمنح المستثمرين الثقة في استثماراتهم ويؤكد أن السوق العقاري المصري ما زال يحمل الكثير من الفرص رغم المخاوف المحيطة بالفقاعة العقارية.

اقرأ أيضًا: الأسواق العقارية في المنطقة.. الاستثمار الأكثر أمانًا والأعلى عائدًا

كتب: أحمد عبد الواحد إبراهيم.