طائر الدودو

هل فكرت يومًا في مصدر العبارة “ميت مثل طائر الدودو” التي تستخدم لوصف شيء عفا عليه الزمن وأصبح غير مهم، هذه العبارة مستمدة من القصة المؤسفة لهذا الطائر الذي انقرض منذ زمن بعيد، وتم توثيقه لأول مرة من قبل المستكشفين الأوروبيين في موريشيوس، وقد اكتسب الدودو سمعة كطائر غبي، وانقرض خلال فترة قصيرة لا تتجاوز القرن بعد اكتشافه.

قصة طائر الدودو:

طائر الدودو يعتبر من المخلوقات الغامضة نظرًا لندرة البقايا المتبقية والأوصاف والرسمات غير العلمية الموجودة في سجلات السفن، مما يجعل العلماء غير متأكدين من شكله الحقيقي وعلى الرغم من عدم وجود مفترسات طبيعية له، فقد تطور حتى أصبح كبيرًا وثقيلًا وغير قادر على الطيران، حيث يصل ارتفاعه إلى متر (3.3 قدم) ووزنه إلى 20 كيلوجرامًا، لم يكن يخشى البشر، ولم يستطع الهرب من البحارة البرتغاليين الجائعين الذين أطلقوا عليه اسم دودو الذي يعني الغباء.

قصة طائر الدودو
قصة طائر الدودو

بعد أن أعجب الزوار تم رصد آخر طائر دودو حي في نهاية القرن السابع عشر، حتى أنه في القرن الثامن عشر أصبح طائر الدودو موجودًا خياليًا وغبيًا، إذ كان يظهر في صفحات الأساطير مثل حوريات البحر.

اقرأ أيضًا: طائر الحدأة.. بين فخر التراث وتحديات البقاء

أماكن تواجد طائر الدودو:

طيور الدودو التي انقرضت وكانت غير قادرة على الطيران، كانت تستوطن جزيرة موريشيوس في المحيط الهندي شرق مدغشقر، ويعد طائر ناسك رودريغيس أقرب الأقارب لها، وكلاهما ينتمي إلى عائلة الرافينيات التي تشمل الحمام، أما الطائر الأقرب حاليًا إلى الدودو فهو حمام نيكوبار، وكان يعتقد سابقًا أن هناك طائر دودو أبيض يعيش على جزيرة ريونيون القريبة، لكن تبين لاحقًا أنه طائر أبو منجل ريونيون، وبالرغم من أن بعض الرسومات أظهرت دودو أبيض.

تشير بقايا الدودو إلى أن طوله كان يقارب المتر ووزنه يتراوح بين 10.6 و21.1 كجم، والدليل الوحيد المتبقي على وجوده يتمثل في اللوحات التي رُسمت في القرن السابع عشر، ونظرًا للتباين الكبير بين هذه اللوحات وبعض الرسوم التي استندت إلى عينات حية ما زالت حياة الدودو غامضة والقليل معروف عن سلوكياته، رغم وصفه في الروايات بأنه طائر سمين وغبي، إلا أنه تبين أنه كان متكيفًا جيدًا مع بيئته.

أماكن تواجد طائر الدودو
أماكن تواجد طائر الدودو

وأول إشارة إلى طائر الدودو جاءت من البحارة الهولنديين عام 1598، وخلال السنوات اللاحقة تعرض الطائر للصيد من قِبل البحارة ونتيجة لأنواع دخيلة؛ مما أدى إلى تدمير بيئته الطبيعية، وكانت آخر مشاهدة مؤكدة له عام 1662، لم يُلاحظ انقراضه مباشرة، مما دفع البعض إلى اعتباره كائنًا أسطوريًا، وفي القرن التاسع عشر أُجريت دراسات على بقايا أربع عينات أُرسلت إلى أوروبا في أوائل القرن السابع عشر وشملت هذه البقايا رأسًا جافًا، وهو الوحيد من نوعه الذي ما زال محفوظًا حتى اليوم.

ومنذ ذلك الحين تم جمع كمية كبيرة من بقايا الدودو في موريشيوس، خاصة من مستنقع (ماري أوكس سونغز)، وانقراض طائر الدودو في أقل من قرن من اكتشافه سلط الضوء على تأثير الإنسان على انقراض الأنواع، وهو أمر لم يكن معترفًا به سابقًا، حيث اكتسب الطائر شهرة واسعة بعد ظهوره في قصة (أليس في بلاد العجائب)، وأصبح منذ ذلك الحين رمزًا للانقراض والزوال في الثقافة الشعبية.

اقرأ أيضًا: إليك 5 قدرات ميز الله بها طائر البطريق

شكل طائر الدودو:

وصفت طيور الدودو بأنهم يمتلكون ريشًا بنيًا مائلًا للرمادي وأقدامًا صفراء، وذيلًا يشبه خصلة شعر، ورأسًا رماديًا عاريًا، ومنقارًا بلون أسود مع أصفر وأخضر، كما يستخدمون حصى المعدة لمساعدتهم في هضم الطعام، ويعتقد أن موطنهم الأصلي هو غابات الشواطئ الجافة في موريشيوس، كما يضعون بيضة واحدة على الأرض، ويعتقد أن عدم قدرتهم على الطيران ناتج عن قلة توفر مصادر غذائية وفيرة وانعدام الحيوانات المفترسة بشكل نسبي في موريشيوس.

هل طائر الدودو غبيًا؟

الدودو هو طائر ارتبط اسمه بالغباء، لكن الأبحاث أثبتت أن هذا الطائر المنقرض لم يكن غبيًا بل كان يتمتع بذكاء ملحوظ، واسم الطائر مستمد من كلمة ذات جذور في لغات دول الشرق الأقصى وتعني الطائر الأخرق، وذلك بسبب عدم قدرته على الدفاع عن نفسه كما أنه لم يكن قادرًا على الطيران بسبب عدم استخدامه لجناحيه لفترات طويلة؛ مما أدى إلى انقراضه بعد أن استولت كائنات أخرى على مواطنه الأصلية.

هل طائر الدودو غبيًا؟
هل طائر الدودو غبيًا؟

كما قال العلماء إنهم توصلوا إلى حجم مخ الطائر وتركيبه من خلال تحليل جمجمة محفوظة بشكل جيد من إحدى المجموعات المتحفية، ووجدوا أن مخه لم يكن نادرًا في صغره، بل كان مناسبًا تمامًا مع حجم جسمه واستنتجوا أيضًا أن طائر الدودو كان يتمتع بحاسة شم قوية تفوق تلك التي لدى الطيور الأخرى، حيث كان لديه فص شم كبير في دماغه بخلاف باقي الطيور، قد تكون هذه الميزة هي التي ساعدته على استنشاق الروائح واختيار الفواكه الناضجة للتغذية عليها.

اقرأ أيضًا: سمكة القيامة.. مخلوق نادر أم نذير شؤم؟

آخر مرة شوهد فيها طائر الدودو:

يشار إلى أن آخر مشاهد موثوق بها لهذا الطائر كانت في ستينيات القرن السابع عشر، وانقرضت هذه الحيوانات الكبيرة غير الطائرة خلال عدة عقود فقط بعد وصول المستكشفين الأوروبيين إلى جزيرة موريشيوس، التي تقع شرق مدغشقر في المحيط الهندي، وهي موطنها الأصلي قبل 350 عامًا، أطلق اسم الدودو على هذا الطائر من كلمة برتغالية تعني أحمق، وذلك بعد أن استهزأ المستعمرون الأوروبيون بنقصان ذكائه الواضح للخوف من الصيادين البشر.

يعتبر طائر الدودو رمزًا للتغير البيئي وتأثيرات الإنسان على الحياة البرية، وبالرغم من انقراضه في القرن السابع عشر، ما زال الدودو يعيش في ذاكرة البشرية كدرس مهم حول أهمية الحفاظ على التنوع البيولوجي وحماية الأنظمة البيئية، وتذكرنا قصته بأننا مسئولون عن حماية الأنواع الموجودة وحماية الأرض للأجيال القادمة، فإن المحافظة على الطبيعة ليست مجرد واجب، بل هي استثمار في مستقبل مليء بالحياة والجمال.

اقرأ أيضًا: دليل شامل لعصافير الكوكتيل.. من الفقس إلى البلوغ

كتبت: هناء مسعود.