تشهد ساحة تاراكو أرينا بلاسا التاريخية كل عامين حدثًا استثنائيًا يجذب أنظار محبي مسابقة الأبراج البشرية بإسبانيا ومن كل مكان، ففي هذا الحدث الضخم تتنافس أبرز فرق بناء الأبراج البشرية في كتالونيا على لقب الأبطال، تتراقص الفرق المشاركة وكل منها يحمل معه تراثًا وثقافة فريدة، لتقدم عروضًا مذهلة تبهر الحضور، مع كل برج بشري جديد يتم بناؤه يرتفع مستوى الإثارة والتنافس، مما يخلق أجواءً من الحماس لا تضاهى، ويعود تاريخ هذا الحدث إلى عام 1932، حيث استضافت الساحة نفسها أول نسخة من هذه المسابقة التي باتت اليوم من أهم الأحداث الثقافية في المنطقة.

مسابقة الأبراج البشرية بإسبانيا:

شهدت مدينة تاراجونا الإسبانية احتفالًا صاخبًا بتقليدها العريق في بناء الأبراج البشرية، واجتمع حوالي 11 ألف متفرج في حلبة مصارعة الثيران ليشهدوا هذا العرض المذهل الذي يعود تاريخه إلى القرن الثامن عشر، وقد أدرجت اليونسكو هذه العادة ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية في عام 2010؛ اعترافًا بأهميتها في الحفاظ على الهوية الثقافية الكتالونية.

مسابقة الأبراج البشرية بإسبانيا

مسابقة الأبراج البشرية بإسبانيا

يقام هذا الحدث كل عامين في مدينة تاراجونا، وتشهد الساحة التاريخية منافسةً شرسة بين فرقٍ ماهرة تعرف بـ (البناة)، حيث يتسابق هؤلاء البناة لبناء أبراج بشرية شاهقة تتطلب منهم مهارات توازن وقوة خارقة، حيث يقفون على أكتاف بعضهم البعض في تشكيلات معقدة، وفي النسخة الأخيرة من هذه المسابقة استطاع فريق فيلافرانكا أن يتفوق على 40 فريق منافس، وحقق إنجازًا تاريخيًا ببناء برج يرتفع لأكثر من 13 متر أي ما يعادل تقريبًا مبنى من أربعة طوابق، هذا الإنجاز الاستثنائي كلفهم ساعات من التدريب الشاق والتنسيق الدقيق، وحصدوا عنه جائزة مالية قيمة قدرها 16000 يورو.

اقرأ أيضًا: رياضة الخماسي الحديث.. تاريخها وتطورها ودورها في المنافسات الأولمبية

منافسات الأبراج البشرية وسحر العمل الجماعي:

تعتبر منافسات الأبراج البشرية حدثًا مليئًا بالإثارة والتحدي، حيث يتسابق الفرق لبناء أطول وأكثر الأبراج استقرارًا، ومع ذلك فإن هذه المنافسة تحمل في طياتها مخاطر كبيرة، حيث تشهد كل عام سقوط بعض الأبراج وإصابة بعض المشاركين في الواقع شهدت النسخة الأخيرة من هذه المسابقة العديد من الحوادث، حيث اهتزت بعض الأبراج بشكل خطير قبل أن تنهار؛ مما أدى إلى إصابة العشرات ونقل بعضهم إلى المستشفى.

منافسات الأبراج البشرية وسحر العمل الجماعي

منافسات الأبراج البشرية وسحر العمل الجماعي

حيث إن وراء كل برج بشري شاهق توجد قصة كفاح وتعاون، فبناء هذه الأبراج يتطلب تضافر جهود جميع أفراد الفريق من الأطفال إلى الكبار كما تؤكد آنا جورد، فإن الأطفال يلعبون دورًا حيويًا في هذه العملية، حيث يتحملون مسئولية كبيرة في بناء القمم العلوية للأبراج، وعلى الرغم من المخاطر التي تواجههم، إلا أنهم يواصلون المشاركة في هذه المنافسة، مدفوعين بحبهم للتحدي ورغبتهم في أن يكونوا جزءًا من هذا التقليد العريق، ووصف خوان مانويل رودريجيز المبرمج المخضرم في فريق تاراجونا منذ 13 عامًا مشاركته في هذه المنافسة بأنها أكثر من مجرد هواية، وصرح رودريجيز البالغ من العمر 39 عامًا قائلًا: “نلتقي مرتين أسبوعيًا للتدريب، لكن هذا النشاط يتجاوز بناء القلاع فحسب، إنه فرصة لتقوية الروابط الاجتماعية وتطوير مهاراتنا في العمل الجماعي”.

منافسات الأبراج البشرية

منافسات الأبراج البشرية

تعد مسابقة الأبراج البشرية بإسبانيا أكثر من مجرد عرض ترفيهي، فهي تمثل تراثًا ثقافيًا يمتد لقرون وتجسيدًا لقيم التعاون والتحدي والعمل الجماعي، ومع ذلك فإن هذه المنافسة تواجه تحديات مستمرة، منها الحفاظ على سلامة المشاركين وتطوير التقنيات المستخدمة في بناء الأبراج، وكذلك ضمان استمرارية هذا التقليد ونقله إلى الأجيال القادمة، وفي السنوات الأخيرة شهدت هذه المنافسة تطورات ملحوظة حيث يتم التركيز بشكل أكبر على الجانب الأمني والسلامة، وتم تطوير معدات وأدوات جديدة تساعد على بناء أبراج أكثر استقرارًا.

اقرأ أيضًا: لعبة الكانوي والكياك.. من الحضارات القديمة إلى البطولات الحديثة

كتبت: هناء مسعود.