مسمار جحا

في حياتنا اليومية، قد نجد أنفسنا أمام مواقف تتشابه مع الأمثال الشعبية القديمة، حيث يبدو أن مسمار جحا يظهر عندما نجد أنفسنا أمام حجج واهية تُستخدم لإبقاء الوضع على ما هو عليه، وفي الوقت نفسه قد نتعثر في طريقنا نحو الفرح، كما في قصة جات الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح، حيث تقف الظروف ضدنا وتجعلنا نشعر وكأننا لا نجد مكانًا لتحقيق أحلامنا، في هذا المقال سنغوص في قصص هذه الأمثال ونسبر أغوار الحكم والدروس المستفادة منها، لعلها تلقي ضوءًا جديدًا على مواقف نمر بها جميعًا.

مسمار جحا:

الأمثال والحكايات عن شخصية جُحا كثيرة، وهي محبوبة ومتداولة باستمرار، فبالرغم من بساطتها إلا أن البعض يراها طريفة، والبعض يراها حكيمة، وآخرون يرونها فلسفية عميقة، ولهذا يعرفها الكثيرون ويستدلون بها في مواقف كثيرة، مسمار جحا هو مثل أو قول يُستخدم للتعبير عن الحجج غير المنطقية التي قد يستخدمها الشخص لتبرير قيامه بفعل ما.

مسمار جحا
مسمار جحا

ويقال إن قصة ذلك المثل عندما أراد جحا أن يبيع منزله، اشترط على المشتري أن يترك مسمارًا له على حائط المنزل؛ فوافق المشتري، ولكن عاد جحا في اليوم التالي بحجة الاطمئنان على مسماره، فرحب به الرجل وأطعمه، ولكن تكرر هذا الأمر كثيرًا، وأصبح جحا يأتي للرجل في أوقات الغداء والعشاء، لدرجة إنه وصل به الحال لنومه في المنزل لرغبته في النوم بظل المسمار، وظل الأمر هكذا حتى نفد صبر الرجل، وترك المنزل بأغراضه وهرب منه، فأصبح يدل هذا المثل على الحجج غير المنطقية كما ذكرنا، ويدل أيضًا على الأشخاص المتطفلين غير المرحب بهم، والذين يتخذون من أي شيء مبررًا للتطفل.

اقرأ أيضًا: نقبك طلع على شونة وعند أم ترتر.. حكايات من الأمثال الشعبية

جات الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح:

قصة هذا المثل أنه كان في إحدى البلاد العربية عائلة تُلقب بـ (تفرح)، وكانت هذه العائلة معروفة ومشهورة بحسن الضيافة والاستقبال، وكانت إحدى فتيات هذه العائلة فتاة جميلة ومعروفة بخلقها وأدبها واسمها (الحزينة)، وفي يوم من الأيام جاء أحد التجار ويدعى (مطرح) ونزل بالمدينة وأراد النوم فيها، فنصحه أهل المدينة بالذهاب إلى منزل (تفرح) لمساحته الكبيرة وقدرته على استيعاب الضيوف، وعندما وصل التاجر إلى المنزل، أعجب بالحزينة وقرر خطبتها لابنه الذي يدعى (إلها).

جات الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح
جات الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح

وبعد إتمام الخطبة، اكتشف (إلها) أن (الحزينة) شديدة العصبية، ولا يستطيع تحملها، ونشب شجار بينهما قبل الزفاف، وانتهى باعتذار (الحزينة) من خطيبها (إلها) الذي قرر الانتقام منها، وجاء يوم الزفاف وتم التحضير لكل شيء، وحضر المدعوون وتأخر الوقت، والمفاجأة غياب العريس وعدم حضوره، حتى ضاق المدعوون من الانتظار وذهبوا، وقالوا: “جت الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح” وصارت هذه الجملة مثلًا يقال عند سوء حظ أحدهم، أو عدم اكتمال ما كان مخططًا له.

في الختام، تحمل الأمثال الشعبية مثل مسمار جحا وجات الحزينة تفرح ما لقت إلها مطرح حكمة عميقة تلخص تجارب إنسانية متنوعة، وتبقى تعابير بسيطة ولكنها معبرة عن واقع نعيشه جميعًا، لذلك تبقى هذه الأمثال مرآة تعكس مواقف الحياة، تلهمنا لاستخلاص الدروس وتجاوز العقبات بابتسامة ووعي.

اقرأ أيضًا: بين الظلم والتمجيد.. كيف صورت المرأة المصرية في الأمثال الشعبية؟

كتبت: سحر علي.