حقًا أن القرآن الكريم نزل في مكة، ولكن تلاوته وإجادته كانت من مصر، الشيخ عبد الباسط عبد الصمد أحد الشيوخ البارزين في مجال قراءة القرآن الكريم، لما تمتع به من صوت ملائكي رخيم، هادئ مفصل وبسيط، استطاع به أن يحصل على عدة ألقاب مثل: لقب قارئ عموم المسلمين، صاحب الحنجرة الذهبية، صوت السماء، صوت مكة، وغيرها، تعال معي عزيزي القارئ في رحلة مع أبرز المحطات في حياة شيخنا الجليل عبد الباسط عبد الصمد.

ماذا تعرف عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟

هو عبد الباسط محمد عبد الصمد سليم داوود، ولد في 26 جمادى الآخرة 1345هـ الموافق 1 يناير 1927م، بقرية أرمنت في محافظة قنا جنوب مصر، نشأ في أسرة تهتم بالقرآن الكريم حفظًا وتجويدًا، حيث كان جده الشيخ عبد الصمد من حفظة القرأن المعروفين بالتمكن من الحفظ والتجويد بالأحكام، والده هو الشيخ محمد عبد الصمد كان أيضًا أحد المجودين المجيدين للقرآن حفظًا وتجويدًا.

ماذا تعرف عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟

ماذا تعرف عن الشيخ عبد الباسط عبد الصمد؟

وكان للشيخ عبد الباسط شقيقان، هما محمود وعبد الحميد اللذان كانا يحفظان القرآن الكريم في الكُتّاب، وعندما بلغ الشيخ عبد الباسط سن السادسة، انضم إليهما في رحلتهما لحفظ القرآن، حيث التحق بكتاب الشيخ الأمير بأرمنت، ومنذ اليوم الأول توسم فيه الشيخ كل المؤهلات القرآنية مثل: سرعة استيعابه، شدة انتباهه، حرصه على متابعة شيخه بشغف وحب، دقة نطقه لمخارج الألفاظ والوقف والابتداء، فضلًا عن عذوبة صوته وصدق تعبيره، وكل هذه المؤهلات أكدت أنه سيكون قارئًا مميزًا ومتميزًا في المستقبل.

اقرأ أيضًا: ميلاد ورحيل قيثارة السماء.. الشيخ محمد رفعت وأثره الخالد

عبد الباسط عبد الصمد في مذكراته:

يقول الشيخ عبد الباسط في مذكراته عن شغفه الشديد في تعلم القرآن الكريم وعلومه: “كان سني عشر سنوات عندما أكملت حفظ القرآن، وكان يتدفق على لساني كالنهر الجاري، والدي كان موظفًا بوزارة المواصلات، وجدي كان من العلماء، وكنت أريد أن أتعلم القراءات فنصحاني بالذهاب إلى مدينة طنطا لأتلقى علوم القرآن والقراءات على يد الشيخ (محمد سليم)، ولكن كانت المسافة بين أرمنت في جنوب مصر وبين طنطا في الوجه البحري بعيدة جدًا.

عبد الباسط عبد الصمد في مذكراته

عبد الباسط عبد الصمد في مذكراته

ولكن لأن الأمر كان متعلقًا بصناعة مستقبلي، جعلني ذلك أستعد للسفر وأتحمل صعابه، ولكن يشاء الله قبل سفري إلى طنطا بيوم واحد أن يحضر الشيخ محمد سليم إلى (أرمنت) ليستقر ويقيم بها مدرسًا للقراءات بالمعهد الديني بأرمنت، وكأن القدر قد ساق هذا الرجل إلى في الوقت المناسب، وأقام أهل البلد جمعية للمحافظة على القرآن الكريم، فكان يُحَفّظ القرآن ويُعَلّم علومه والقراءات، فذهبت إليه وراجعت عليه القرآن كله، حتى أجدته بعلم القراءات السبع”.

اقرأ أيضًا: صاحب الحنجرة الذهبية الشيخ مصطفى إسماعيل

أهم المحطات في حياة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد:

حياة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد زاخرة بالأحداث، أبرزها:

  • في عمر الثانية عشرة، بدأت شهرته وانهالت عليه الدعوات من كل المدن والقرى المجاورة لهم.
  • في عام 1951م طلب الشيخ الضباع من الشيخ عبد الباسط أن يتقدم إلى الإذاعة؛ ليكون قارئًا معتمدًا.
  • تقدم للإذاعة بإحدى تسجيلاته الصوتية في المولد الزينبي، وانبهر الجميع بأدائه القوي العالي الرفيع المحكم المتمكن، واعتُمِد الشيخ عبد الباسط بالإذاعة عام 1951م.
  • في عام 1952م انتقل للإقامة بالقاهرة مع أسرته في حي السيدة زينب.
أهم المحطات في حياة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

أهم المحطات في حياة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

  • زاد الإقبال على شراء أجهزة الراديو وتضاعف إنتاجها في ذلك الوقت، وانتشرت بمعظم البيوت؛ لحرص الناس على سماع تسجيلاته الإذاعية، وانتشرت بمعظم البيوت للاستماع إلى صوت الشيخ عبد الباسط في تسجيلاته الإذاعية.
  • في أولى زياراته إلى مكة، كان إمام الحرم المكي يقرأ من سورة البقرة إلى سورة الأنعام بقراءة ورش عن نافع، ولكنه أخطأ في أحد المواقع ليقرأ برواية حفص عن عاصم، فقابله الشيخ عبد الباسط ليصحح له سهوه في القراءة، فأقره الشيخ على هذا السهو في القراءة وطلب منه أن يبقى في الحرم المكي معهم، وحينها لقب بصوت مكة.
  • بدأت شهرته تتعدى حدود مصر والدول العربية، فقام بعدة رحلات خارجية إلي الهند وباكستان وإندونيسيا وجنوب إفريقيا وفرنسا وألمانيا وبعض الولايات الأمريكية.

اقرأ أيضًا: ذكرى ميلاد الشيخ الحصري.. إليك رحلته مع القرآن التي امتدت لأكثر من 50 عاما

التكريمات التي حصل عليها الشيخ عبد الباسط عبد الصمد:

تم تكريم الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، حيث يعتبر القارئ الوحيد الذي نال حظًا من التكريم لم يحصل عليه أحد، ومن أبرز هذه التكريمات:

  • في عام 1956م حصل على وسام الاستحقاق في سوريا.
  • وسام الأرز من لبنان.
  • الوسام الذهبي من ماليزيا.
  • وسام من السنغال والمغرب.
التكريمات التي حصل عليها الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

التكريمات التي حصل عليها الشيخ عبد الباسط عبد الصمد

  • آخر الأوسمة التي حصل عليها قبل وفاته من الرئيس محمد حسني مبارك في الاحتفال بليلة القدر عام 1987م.
  • في عام 1984 وسام العلماء من الرئيس الباكستاني ضياء الحق.
  • وسام الإذاعة المصرية في عيدها الخمسين.
  • وسام الاستحقاق أثناء الاحتفال بيوم الدعاة في مصر.

مرض الشيخ عبد الباسط عبد الصمد ووفاته:

أُصيب الشيخ عبد الباسط عبد الصمد بمرض السكري، وعانى من مضاعفاته خاصة في أواخر أيامه، وكان يحاول مقاومة المرض بالالتزام في تناول الطعام والمشروبات، وتناول الأدوية بحرص شديد، ولكن تزامن الكسل الكبدي مع مرض السكري؛ فلم يستطع أن يقاوم المرضين معًا، فأصيب بالتهاب كبدي قبل رحيله بشهر وتدهورت صحته، وفي يوم الأربعاء 21 ربيع الآخر 1409هـ الموافق 30 نوفمبر 1988م توفي الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وأقيمت له جنازة وطنية ورسمية على المستويين المحلي والعالمي، حضرها جمع كبير من الناس يتضمنهم سفراء وملوك ورؤساء دول؛ تقديرًا للشيخ الراحل، ودوره الكبير في مجال الدعوة بأشكالها المختلفة محليًا وعالميًا.

وبعد هذه الرحلة مع أبرز المحطات في حياة الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، صاحب الحنجرة الذهبية، صوت مكة وقارئ عموم المسلمين، نسأل الله له الرحمة والمغفرة، وأن يجعل كل ما قدمه للقرآن الكريم في ميزان حسناته.

اقرأ أيضًا: خطيب عرفة 2024.. الإمام ماهر المعيقلي يخاطب القلوب في عرفات

كتبت: سحر علي.