لقد أضاءت الحضارة الإسلامية سماء العلم والمعرفة بنور ساطع، فكانت منارة تهتدي بها الأمم، فما الذي جعل هذه الحضارة تزدهر وتنتج علماء ساهموا في تطور البشرية؟ وما الدروس التي يمكن أن نستلهمها من تجربتهم؟

لماذا ندرس التاريخ؟

لأن هذا الكون وكل ما فيه يسير على سُنن ثابتة لا تتغير ولا تتبدّل، وأننا في حاجة لإدراك هذه القوانين كي نتمكن من استعمال نعم الله الكثيرة التي خلقها وسخرها لنا في هذا الكون، لكي نستطيع أن نحيا الحياة الصحيحة باستيعابنا للتجارب السابقة التي جرت عليها سُنن الله في كونه، ذلك أن هذه السُنن لا تتغير ولا تتبدل ولا تتحول.

وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا (42) اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ ۚ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ۚ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ ۚ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا (43) {سورة فاطر}.

لماذا ندرس التاريخ؟

لماذا ندرس التاريخ؟

اقرأ أيضًا: رحلة في تاريخ الحضارة المصرية القديمة وبناء حضارتها العظيمة

أهمية وفوائد دراسة التاريخ:

  • هو مرآة الأُمم يعكس ماضيها، ويُترجم حاضرها، وتستلهم من خلاله مستقبلها.
  • تُعرف به الأحداث والوقائع وتاريخ وقوعها وما صاحبها من تغيُّرات ومُجريّات.
  • الاستعانة على معرفة حال الأُمم والشعوب، من حيثُ القوة والضعف والعلم والجهل والنشاط والركود ونحو ذلك من صفات الأُمم وأحوالها.
  • فيه العِظات والعِبر والأيات والدلائِل.
  • فيه شحذ الهِمم وبعث الروح من جديد، وتنافُس في الخير والصلاح والعطاء.
  • يُبرز القدوات الصالحة الذين تركوا صفحات ناصعة في شتى مجالات الحياة الإنسانية.
  • معرفة أخطاء السابقين والحذر من المزالق التي تم الوقوع فيها عبْر التاريخ.

ما الإسهامات الإيجابية للحضارة الإسلامية الفاعلة العملية في عصورها المزدهرة للبشرية في الميادين؟

  • السياسية.
  • الاقتصادية.
  • الاجتماعية.
  • الصناعية.
  • التجارية.
  • التكنولوجيا والمعلومات.
ما الإسهامات الإيجابية للحضارة الإسلامية الفاعلة العملية في عصورها المزدهرة للبشرية في الميادين؟

ما الإسهامات الإيجابية للحضارة الإسلامية الفاعلة العملية في عصورها المزدهرة للبشرية في الميادين؟

اقرأ أيضًا: الخبز عند المصريين القدماء.. الطعام الذي شكل ثقافة وحضارة

ما المقصود بالحضارة في العصور الإنسانية المختلفة؟

كل إنتاج أو عمل تنعكس عليه الأسس الفكرية والسلوكية والوجدانية للإنسان الواعي ضمن إطارات ذات قيمة عالية ومبادئ تتمثل بإسعاد البشرية جمعاء، وهناك مظاهر الرُقي المادي، ومظاهر الرُقي المعنوي.

ما الحضارة الإنسانية؟ وما الغاية القصوى من الحضارة؟

بناء الإنسان بناء نفسيًا وفكريًا من أجل إعداده للمهمة الثقيلة الملقاة على عاتقه تلك المهمة التي أطلق عليها القرآن الكريم (الأمانة).

“إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا” (72) {سورة الأحزاب}.

ما الحضارة الإنسانية؟ وما الغاية القصوى من الحضارة؟

ما الحضارة الإنسانية؟ وما الغاية القصوى من الحضارة؟

ما أقدم الحضارات في العالم بالترتيب؟

  1. الحضارة السومرية بالعراق.
  2. الحضارة المصرية.
  3. الحضارة الإغريقية.
  4. الحضارة الصينية.

كيف تطورت الحضارة الإنسانية؟

كيف كانت أحوال الجزيرة العربية وسكانها قبل تأسيس الدولة الإسلامية؟

  • تناحُر بين القبائل البشرية.
  • تعظيم العصبية القبلية.
  • عبادة الأحجار (الأوثان).
  • المُفاخرة بالأنّساب.
  • انتشار الفواحش مثل: شرب الخمر، والزنا، ولعب القمار (الميّسر) وقتل البنات.
  • كثرة الحروب فيما بينهم لأسباب تافهة.

كيف أظهرت الدولة الإسلامية المجتمع البشري؟

  • الوحدة بين القبائل.
  • العمل بمبدأ الأخذ والعطاء.
  • ترك التكرار والتقليد.
  • التجديد والابتكار.
  • رفض العصبية والإقليمية الضيقة.
  • رفض الإلغاء والإقصاء.
  • التكامل المعرفي للبشرية.
  • التنوع في الفنون والعلوم والعمارة.

ما سمات علماء الدولة الإسلامية بداية من القرن الخامس الميلادي وحتى القرن الخامس عشر الميلادي؟

اتسم علماء الدولة الإسلامية بالتخصصات المتنوعة والمصداقية البحثية مما جعلهم:

  • مشاعل التنوير ودُعاة الاستنارة.
  • المُجددين والمُبدعين للعلم.
  • تفاعلوا مع مواهب الطبيعة؛ ففجروا الأرض واستثمروها وساحوا فيها واكتشفوا معالمها وتطلعوا إلى السماء وتعرفوا على مواقع نجومها.
  • عملوا على تركيب المواد والعناصر لمعرفة قيمتها وخصائصها.
ما سمات علماء الدولة الإسلامية بداية من القرن الخامس الميلادي وحتى القرن الخامس عشر الميلادي؟

ما سمات علماء الدولة الإسلامية بداية من القرن الخامس الميلادي وحتى القرن الخامس عشر الميلادي؟

  • غاروا في داخل جسم الإنسان وفهموا طبيعة فسجلوا أعضاءه وتعرفوا على دائِه ودوائِه.
  • مارسوا عمارة المُدن والطرق والجسور والسدود فأبدعوا فيها.
  • تمسكوا بالعمل المتقن الجاد وتمسكوا بمكارم الأخلاق دومًا.

ما خصائص الحضارة الإسلامية؟

  • حضارة مصدرها الوحي الإلهي.
  • حضارة اللغة العربية لُغتها الأصلية (لغة الدين والعلوم والأحكام والثقافة) حيث إنها لُغة ذات أصول ثابتة وقابلة للتجدد دائمًا.
  • حضارة أخلاقية.
  • حضارة عقلية وعلمية.
  • حضارة تقوم على التسامح.
  • حضارة العدل والمساواة والرحمة.
  • حضارة شاملة وحيوية.
  • حضارة تراعي عادات المجتمعات.
  • حضارة تُدرك قيمة الزمن.
  • حضارة صالحة لكل زمان ومكان.
  • حضارة متوازنة حافظت على توازُن الجانبين الروحي والمادي، وتحقيق العدالة بينهما.
  • حضارة باقية إلى يوم القيامة تطورت بعد نزول الوحي على يد قائدها رسول الله سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

ريادة الدولة الإسلامية في سنّ القوانين لصالح البشرية:

في عهد الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- تم صدور القوانين أدناه:

  1. قانون مُصابي الحروب.
  2. قانون الضمان الإجتماعي.
  3. قانون الطفل.
  4. قانون حرية التعبير.
  5. رفض قانون تحديد المُهور، وترك للمجتمع أمر تحديد المهور حسب الاستطاعة.

هكذا تُصنع القوانين حسب غايات المجتمع وطموحاته وثقافاته، وذلك بالغوص في قاع المجتمع المستهدف بتلك القوانين.

اقرأ أيضًا: أشهر معالم الحضارة المصرية وتاريخها ونشأتها 2022

مميزات الحضارة الإسلامية:

  1. الحث على العمل وعمارة الأرض بكل ما هو مفيد وجعل العمل من العبادة (إذا ابتغى به وجه الله تعالى).
  2. نشر الحرية الملتزمة.
  3. إرساء قيم الحق.
  4. مراعاة أعراف المجتمع وتقاليده ما لم يخالف الدين.

مميزات الحضارة الإسلامية في الحياة السياسية:

  1. الحُكم بالعدل مهما اختلفت الديانات، أو ما أظهر الناس وما أبطنوا.
  2. جعل مبدأ الشورى أصلًا ثابتًا في تدبير أمور الأُمة.
  3. حرية الكلام والتعبير عن الرأي.
  4. النزعة الإنسانية من خلال الأخلاق.

مميزات الحضارة الإسلامية في الحياة الاقتصادية:

  1. التنمية الكبيرة في التجارة من خلال الضرب في الأرض.
  2. تقوية الاقتصاد بالزكاة.
  3. إنشاء بيت المال.
  4. استصلاح الأراضي والإنتاج الزراعي.

مميزات الحضارة الإسلامية في الجانب العسكري:

الجهاد في سبيل الله ودحر الفساد والمُفسدين والمساعدة، فيما يلي:

  1. تحرير البشرية من عبودية المادة.
  2. تحرير البشرية من طُغيان الحكام.
  3. تحرير البشرية من عبودية وتأليه الملوك.
  4. تحرير البشرية من الظلم الاجتماعي.

مميزات الحضارة الإسلامية في المجال الصناعي:

برزت إسهامات المهندسين المسلمين من خلال الاستخدامات الصناعية المبتكرة:

  1. استخدام الطاقة المائية.
  2. استخدام طاقة المد والجزر.
  3. استخدام طاقة الرياح والبخارية.
  4. استخدام الوقود الأحفوري مثل النفط.
  5. إقامة مجتمعات صناعية كبيرة.
  6. صناعة السفن والملاحة البحرية.
مميزات الحضارة الإسلامية

مميزات الحضارة الإسلامية

مميزات الحضارة الإسلامية في المنهج العلمي:

  • التقدم الكبير في المنهجية المُتبعة.
  • استخدام الأساليب العلمية من خلال أعمال الحسن بن الهيثم:
  1. القياس الكمي للتمييز بين مجموعة من النظريات العلمية المتكافئة في مجال علم النفس.
  2. الإدراك البصري فكان مقدمة لعلم النفس الطبيعي وعلم النفس التجريبي.
  • إسهامات علماء المسلمين في العلوم المختلفة على سبيل المثال وليس الحصر:

  1. أبي نصر محمد الفارابي في علم الفلسفة.
  2. الإدريسي في إنجازه أول خريطة جغرافية للعالم تصف الأماكن والطرق، وكذلك علم الفلك.
  3. ابن النفيس في الطب.
  4. الرازي وجابر بن حيان في علم الصيدلة والكيمياء.
  5. الخوارزمي في علم الرياضيات.
  6. عبد الرحمن بن خلدون في علم الاجتماع وفلسفة التاريخ.
  • استنتاج النظريات الجديدة والبحوث المبتكرة:

  1. قوانين الحركة.
  2. القوانين المائية.
  3. قانون الجاذبية الأرضية.
  • بعض الأبحاث العلمية:

  1. الوزن النوعي للمعادن المختلفة.
  2. قياس الوزن النوعي للسوائل، الذي يُعد في هذا العصر بما فيه من وسائل متطورة أمرًا عسيرًا.
  • اعتمد العلماء المسلمين على كتب وأبحاث السابقين:

  1. كتاب الطبيعة لـ (أرسطوطاليس) الذي تحدث فيه عن علم الحركة.
  2. مؤلفات أرشميدس التي تحوي معلومات هامة عن الأجسام الطافية على الماء والوزن النوعي لبعض المواد.
  3. مصنفات أكتسيوس التي تتضمن نتائج علمية عن المضخّة الرافعة وكذلك الساعات المائية.
  4. هيرون السكندري الذي تحدث عن البَكَرَة والعجلة وقانون الشُغل.

ثم ما لبث العلماء المسلمون أن طوروا نظريات وأفكار السابقين في الفيزياء، واستطاعوا أن يخرجوها من طور النظرية المجردة إلى طور التجربة العملية التي هي عماد هذا العلم، وبعض الابتكارات لعلماء الدولة الإسلامية، هي:

  • صناعة كاميرا بدائية.
  • صناعة المحرك المرفقي.
  • صناعة مضخة مكبس (الشفط الترددية).
  • صناعة الساعات الميكانيكية عن طريق الماء.
  • صناعة النسيج.
  • صناعة المشرط ومنشار العظم.
  • صناعة الملقط والخيوط الجراحية.
  • صناعة طواحين الهواء.
  • صناعة القلم الحبر.
  • صناعة الزجاج الملون.
  • اختراع الصابون.
  • اختراع معجون الأسنان.
الابتكارات لعلماء الدولة الإسلامية

الابتكارات لعلماء الدولة الإسلامية

  • اختراع التقطير النقي.
  • اختراع التسييل.
  • اختراع البلورة.
  • اختراع التنقية.
  • اختراع الأكسدة.
  • اختراع التبخير.
  • اختراع الترشيح.
  • اختراع الكحول المقطر.
  • اختراع الأوزان.
  • اختراع الأقفال المجمعة.
  • اختراع التطعيمات واللقاحات.
  • تأسيس مصانع الورق.
  • تأسيس المكاتب العامة التي تُعير الكتب للاطلاع والقراءة.

إنجازات الحضارة الإسلامية:

هكذا نجد أن المسلمين ساهموا في إعلاء الحضارة العالمية الإنسانية وتطورها بفضل علمائهم وأعلامهم في العلوم والفنون والتربية والفلسفة والشعر والموسيقى وتجد في مكتبات العالم اليوم آلاف الوثائق التي تشهد بالفضل للمعجزات الحضارية الإسلامية في حقول العلوم المختلفة:

في مجال الطب:

تفوق المسلمون والعرب في فنون الشفاء التي كانت معروفة في مصر القديمة وبلاد الرافدين ما بين النهرين (العراق)، وكانت مؤلفات الرازي المتقدمة في الطب مرجعًا للأوربيين حتى وقت متأخر من القرن السادس عشر الميلادي، كما ظل الأوروبيون حتى القرن السابع عشر الميلادي يتعلمون من نظريات ابن سينا الطبية، وكان ابن سينا أول من أشار إلى الطب العقلي وهو ما أصبح فيما بعد أساسًا لعلم النفس.

وكان للعلماء المسلمين إسهامات عدة في تطوير كسر العظام، حيث كان الأطباء يستعملون أنواعًا من الجبائر من البوص وجريد النخل أو من الخشب، وكان المجبرون يعالجون خلع المفاصل وكسر العظام بالطرق اليدوية في خبرة ومهارة دون حاجة الى الشق بالجراحة، وفي كثير من الأحيان يستعملون الشد على المفصل لمنع تكرار الخلع، كما ابتكروا طريقة الرد الفجائي للخلع.

وكان الكي بالمكاوي المختلفة قد توارثه العرب منذ فترة الجاهلية وقد استعمله المعالجون المسلمون كمسكن للألم والصداع النصفي، وكذلك عرق النساء وحددوا خرائط لجسم الأنسان حددوا فيها مواضع الكي بالنسبة لكل مرض، وقد يكون الكي في أكثر من موضع للمرض الواحد، كما أبتكر الأطباء المسلمون أنواعًا من المكاوي المحماة من بينها الأبر الدقيقة ذات السن الواحد أو شعبتين أو ثلاثة، وكذلك صنعوها من الحديد أو النحاس أو الذهب أو الفضة، وحددوا درجة الحرارة المناسبة لعلاج كل مرض، كما حدد العالم ابن سينا في كتابه القانون القواعد الرئيسية لجراحة السرطانات في مراحله الثلاثة:

  • الاكتشاف المبكر.
  • الجراحة المبكرة.
  • الاستئصال التام.

وقد كان للعالم الزهراوي باع كبير في علاج السرطان حيث قال في كتابه (التصريف) متى كان السرطان في موضع يمكن استئصاله كله، كالسرطان الذي يكون في الثدي أو في الفخذ ونحوهما من الأعضاء المتمكنة لإخراجه بجملة إذا كان مبتدأ صغيرًا فافعل، أما متى تقدم فلا ينبغي أن تقربه فأني ما استطعت أن اٌبري منه أحدًا ولا دأبت قبلي غير وصل إلى ذلك.

ووصف العملية قائلًا: “ثم تلقى في السرطان الصنابير التي تصلح له، ثم تقوره من كل جهة مع الجلد على استقصاء، حتى لا يبقى شيء من أصوله، واترك الدم يجري ولا تقطعه سريعًا بل اعصر المواضع ما أمكنك”، وكان الزهراوي يجري عملية استئصال الغدة الدرقية وهي عملية لم يجرؤ أي جراح في أوروبا على إجرائها، إلا في القرن التاسع عشر ميلاديًا بعده بتسع قرون أي 900 سنة.

كما بين الزهراوي أوضاع المريض في جراحة الأمعاء، وجب أن يكون الميل ناحية الرأس والعكس صحيح، والهدف من ذلك الإقلال من النزيف أثناء العملية والتوسعة ليد الجراح، ونبه على أهمية تدفئة الأمعاء عند خروجها من البطن إذا تعذر ردها بسرعة، وذلك بالماء الدافئ حتى لا تصاب بالشلل.

والجدير بالذكر أن أول من أبتكر عملية تفتيت حصوة المثانة قبل إخراجها كان العالم الزهراوي، وفي عام 836 م أمر الخليفة العباسي المعتصم ببناء مشرحة كبيرة على شاطئ نهر دجلة في بغداد بالعراق، وأمر أن تزود هذه المشرحة بأنواع من القرود الشبيهة في تركيبها بجسم الأنسان، وذلك لكي يتدرب طلبة الطب على تشريحها، كما كان يمتحن المتقدم للإجازة الطبية في التشريح أولًا، فاذا لم يعرفه فلا حاجة بك أن تمتحنه على المرضى.

وكان العلماء المسلمون يعتمدون أول أمرهم على ما كتبه الإغريق في تشريح جسم الإنسان، وذلك تجنبًا للحرج الديني ولكنهم اكتشفوا عن طريق التشريح المقارن أي تشريح الحيوانات، وكان هناك الكثير من الأخطاء في معلومات الإغريق فبدأوا الاعتماد على أنفسهم، كما اكتشف العالم ابن النفيس الدورة الدموية الصغرى، واكتشف أن الكبد يتكون من فصين وليس من خمسة فصوص كما كان يعتقد الإغريق.

والعالم عبد اللطيف البغدادي المتوفي في عام 1231م هو من اكتشف أن الفك السفلي للإنسان يتكون من عظمة وليس من عظمتين، كما ذكر جالينوس بعد أن فحص ألفي جمجمة بشرية، واكتشف أن عظمة العجز (عظم كبير مثلث الشكل يقع في قاعدة العمود الفقري في الجزء الخلفي العلوي من الحوض) تتكون من قطعة واحدة وليس من ست قطع كما ذكر جالينوس الإغريقي.

العالم ابن الهيثم المتوفي في عام 1037م قد اكتشف تشريح طبقات العين ووظائف كل طبقة: العدسة، الحدقة، الشبكية، والأعصاب المتصلة من العين الى المخ، كما اكتشف العالم ابن رشد وظائف شبكية العين، وكان المسلمون يطلقون على طب العيون اسم الكحالة، وقد اشتهر عدد من أطبائهم بلقب الكحال؛ لبروزهم في هذا الفن حيث لا تقتصر الكحالى على العلاج بالكحل والقطور فحسب، وقد تطورت جراحة العيون في البلاد الإسلامية التي تكثر فيها هذه الأمراض مثل: مصر، والأندلس (يطلق عليها أسبانيا حاليًا.

في مجال الرياضيات:

اخترع الخوارزمي علم الجبر، وانتشر العلم بفضله في العالم وأخذت أوروبا في الرياضيات عن العرب مفهوم الصفر ونظام التقويم والنظام العشري الذي دفع بعلم الرياضيات خطوات للأمام، والأرقام العربية هي اليوم أوسع الأرقام انتشارًا في العالم.

في مجال العمارة:

عرف المسلمون طرازًا معماريًا يجسد في بناء المساجد، مما عده الأوروبيون نماذج هندسية في فن البناء، ويعترف علماء أوروبا والغرب أن الجامع الأموي في دمشق بسوريا، وجامع ابن طولون في القاهرة بمصر كان أساسًا لبناء عدة كاتدرائيات ضخمة في أوروبا، وقد تأثر فن البناء الغربي الأوروبي كثيرًا ببناء المآذن للمساجد والأقواس والمثلثات والمنحنيات المعكوسة وهندسة القباب والمكعبات، كما كان لفن الزخرفة والخط والنقوش تأثيرًا كبيرًا على الأوربيين، خاصة ما تركه المسلمون في الأندلس (أسبانيا) على سبيل المثال: قصر الحمراء، والجامع الكبير في قرطبة.

في الفيزياء وقوانين الحركة:

غزا الإنسان بقوانين الحركة الفضاء الخارجي، واستطاع أن يهبط على سطح القمر، وكذلك تعد قوانين أساس جميع العلوم الفيزيائية التي تقوم على الحركة فالبصريات هي حركة الضوء، والصوت هو حركة الموجات الصوتية والكهرباء هي حركة الإلكترونات، أما عن دور إسحاق نيوتن فقام بتجميع مادة هذه القوانين وصياغتها وتحديدها في قالب رياضي، بعد أن استولى على مادته من اكتشافات علماء المسلمين لقوانين الحركة الثلاثة.

إنجازات الحضارة الإسلامية

إنجازات الحضارة الإسلامية

في مجال الملاحة والجغرافيا:

كان لعلماء الدولة الإسلامية تأثير كبير على الغرب الأوروبي، حيث أخذوا من الكنعانيين (أسياد البحر) ومن القدماء المصريين ما أعانهم على تطوير البوصلة، فبرع العالم الإدريسي في القرن الثاني عشر الميلادي بابتكاراته المذهلة واكتشافاته حيث وضع أول أطلس في العالم حاويًا 70 خريطة بعضها لمناطق لم تكن معروفة من قبل.

رحلات ابن بطوطة وتدويناته التي كانت خير معين للأوربيين على معرفة مناطق جغرافية لم يكونوا يعرفونها، وفي القرن السادس عشر تمكن العالم المسلم حسن الوزان من كشف مجاهل أفريقيا، كما يدين له الغرب الأوروبي بذلك ويعرف عندهم باسم (ليون الأفريقي)، وفي رحلات (فاسكو دي جام الشهيرة) كان الملاح العربي المسلم (أحمد بن ماجد) هو البحار الرئيسي في القيادة، ويقال أن (كريستوفر كولومبوس) كان يتكل على بحار عربي في توجيه حملته البحرية التي أدت الى اكتشاف أمريكا.

في علم النبات والجنائن والحدائق:

كان كتاب (الفلاحة الأندلسية) للعالم المسلم ابن العوام مرجعًا أوروبيًا في علم النبات؛ لأنه وصف فيه نحو 500 نبته وبيّن طريقة زراعتها والاعتناء بها وبالأرض والتربة، وكذلك ظل الأوروبيين لوقت طويل يستفيدون من العرب المسلمين خاصة الأندلسيين في فنون حفظ الخضروات والفواكه والأزهار ومواد التجميل ومساحيق الوجه والعطور والتطيب والجواهر والحٌلي.

في الفنون والحرف:

كان للمسلمين باع كبير في الحرفيات الدقيقة، وكذلك في الزجاجيات والخزفيات والحفر ومزج الألوان وصباغة الحرير والأقمشة والجلود والدباغة وصقل الحديد، وما زالت بعض هذه الحرف والخامات تحمل في الغرب الأوروبي أسمها الأصلي مثل: حرير دمشقي، دباغة مغربية، أزرق محمدي،.. إلخ.

في الموسيقى وآلاتها:

طور العرب المسلمين في الموسيقى وآلاتها فعرف الغرب الأوروبي الكثير منها، وما زالت حتى اليوم الآت عديدة منها على سبيل المثال: القيثارة، الطبلة، الزار، الناي، المزمار، مزمار القربة، كما أخذ الأوروبيون الكثير من الألحان العربية التي كانت شائعة في غناء القصائد العربية في قصور الملوك.

في الفلسفة وعلم الاجتماع:

نقل العلماء المسلمون أهم مصادر الفلسفة المشرقية واليونانية القديمة ترجمة وتطويرًا، فاشتهر العالم المسلم (الكندي) بتطوير فلسفة أفلاطون وأرسطو، وكذلك اشتهر العالم المسلم (الفارابي) بفكرة المدينة الفاضلة، كما اشتهر (ابن سينا) بفلسفته العقلية، وكذلك اشتهر ابن خلدون بنظرياته الاجتماعية التي ما زالت حتى اليوم في أصل مؤلفات الكثير من الفلاسفة الاجتماعيين الأوروبيين.

عزيزي القارئ لك الحق بالفخر بهذه الحقبة من التاريخ، حيث كانت وما زالت الحضارة الإسلامية لها الفضل في الإنجازات الحضارية وفي حقول العلوم المختلفة (الفلك، الرياضيات، الفيزياء، الكيمياء، الطب، الصيدلة، الجغرافيا، العمارة،.. إلخ)، وليس فقط الفخر بهذه الحضارة وإنما الفخر بكونك مسلما إذا تمسك بدينه على شأنه في الأرض، واستخلفه الله فيها.

كما قال سيدنا ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث روى مسلم في صحيحه من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله تعالى عنهما- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: “تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به، كتاب الله”، ورواه الحاكم من حديث ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- عن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أنه قال: “يا أيها الناس، إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبداً، كتاب الله، وسنة نبيه”. والله أعلم.

اقرأ أيضًا: أشهر معالم الحضارة البابلية

كتب: دكتور منير علام.