لم يكن ازدهار العلوم العربية مجرد صدفة، بل كان نتيجة عصور من الإبداع والتقدم خلال العصر الذهبي للحضارة الإسلامية، حيث كان اغتيال العلماء العرب جزءًا من محاولات وأد هذه النهضة في مهدها، لقد أسس هؤلاء العلماء دعائم المعرفة التي استفادت منها البشرية بأسرها، لكن هناك مقولة متوارثة تقول: “إذا أردت أن تهدم دولة، فدمر حضارتها، واقتل مفكريها، وانشر الفتن، وابتكر ألعابًا بغيضة، ثم ابقَ في مخبئك وشاهد النتيجة”.
وكأن هذه الكلمات تحققت واقعًا، حيث سعت قوى خفية إلى تفكيك النهضة العربية عبر استهداف عقولها النابغة، سواء بالتصفية الجسدية أو بتوجيه العقول الشابة نحو مشاريع تخدم مصالحها الخاصة، وللأسف لم يتوقف هذا النهج عند الماضي، بل ما زال مستمرًا حتى يومنا هذا، حيث يتعرض العلماء العرب للاغتيال، سواء داخل أوطانهم أو بعد انتقالهم إلى الغرب بحثًا عن بيئة علمية أكثر دعمًا، لكنهم يجدون أنفسهم في مواجهة مصير محتوم، وكأن تفوقهم العلمي أصبح ذنبًا لا يُغتفر.
تاريخ اغتيال العلماء العرب:
لم يكن اغتيال العلماء العرب حديث العهد، فقد بدأ ذلك منذ اجتياح المغول لبغداد عام 1258، عندما قام هولاكو بهدم مكتبة بغداد التي كانت منارة للعلم، وقتل العلماء والمفكرين، وتشير بعض الروايات إلى أن الحبر الناتج عن الكتب المحترقة غيّر لون مياه نهر دجلة، كما استخدم المغول الكتب لإنشاء جسور للعبور.
أما في العصر الحديث، فقد استمرت عمليات اغتيال العلماء العرب، ومن أبرز هؤلاء:
- الدكتور حسن الصباح (1935): عالم الذرة، الذي لقي حتفه في ظروف غامضة.
- الدكتورة سميرة موسى (1958): رائدة أبحاث الطاقة النووية، التي توفيت في حادث سيارة مشبوه في الولايات المتحدة.
- الدكتور سمير نجيب (1967): عالم مصري في الذرة، قُتل في حادث غامض أثناء عودته إلى مصر.
- الدكتور رمّال حسن رمّال (1991): عالم لبناني في الفيزياء، قيل إنه توفي بسبب سكتة قلبية، لكن السلطات الفرنسية رفضت التحقيق في ملابسات وفاته.

تاريخ اغتيال العلماء العرب
- الدكتور جمال حمدان (1997): مفكر جغرافي ومؤرخ، وجد محترقًا في شقته وسط اتهامات موجهة للموساد الإسرائيلي.
- الدكتور محمد الزواري (2016): مهندس تونسي طور طائرات (أبابيل) لصالح المقاومة الفلسطينية، اغتيل بـ 20 رصاصة.
- الدكتور إبراهيم الظاهر (2004): عالم الذرة، قُتل بإطلاق نار أثناء قيادته سيارته.
- الدكتور فادي البطش (2018): مهندس كهربائي من غزة، اغتيل في ماليزيا أثناء ذهابه لصلاة الفجر.
- الدكتورة ريم حامد (2024): باحثة مصرية، توفيت في ظروف غامضة بعد أن صرحت بأنها مراقبة من جهة مجهولة.
اقرأ أيضًا: سياسية الانتقام.. أبرز عمليات اغتيال قادة حركة حماس الفلسطينية
الهدف من اغتيال العلماء العرب:
لا يقتصر الأمر على مجرد تصفية جسدية، بل يمتد إلى محاولات مستمرة لإفراغ الدول العربية من عقولها المبدعة، فالغرب عبر مؤسساته ومخابراته يعرض على العلماء العرب الانتقال إلى جامعاته ومراكزه البحثية ويوفر لهم كل الإمكانيات، ليتمكن من احتكار العلم والتكنولوجيا، وحين يصبح هؤلاء العلماء مصدر تهديد بتطور بلادهم، يتم التخلص منهم إما باغتيال مباشر أو بحوادث مدبرة.

الهدف من اغتيال العلماء العرب
مهمة الأجيال القادمة ضد اغتيالات العلماء العرب:
ما يجهله الغرب أن الشعب العربي رغم كل هذه المحاولات، لا ما زال متمسكًا بالعلم والمعرفة، فكما قالوا: “موت العلماء لا يزيدنا إلا إصرارًا على التطور، فالمعرفة تتوارثها الأجيال”، إن من واجب الشعوب العربية اليوم نشر الوعي بين الشباب، وفضح الجهات التي تستهدف العقول المبدعة، ودعم العلماء والمفكرين لضمان استمرار النهضة العلمية.

مهمة الأجيال القادمة ضد اغتيالات العلماء العرب
في النهاية، يبقى اغتيال العلماء العرب جرحًا نازفًا في تاريخ الأمة، لكنه لم ولن يكون نهاية الحكاية، فالعلم نور لا يمكن إخماده بالرصاص أو المؤامرات، وما دامت العقول العربية قادرة على الإبداع، سيظل هناك أمل في نهضة جديدة تعيد للأمة مجدها، فالمعرفة لا تموت باغتيال أصحابها، بل تتجدد في الأجيال القادمة، التي يقع على عاتقها حمل الشعلة ومواجهة كل محاولات طمس الإبداع العربي.
اقرأ أيضًا: سيلان الدم الرئاسي الأمريكي في محاولات الاغتيال
كتب: دكتور خالد فواز.