في خضم المشهد السوري المعقد، وما رافقه من حروب وصراعات إقليمية ودولية طاحنة، برزت تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا كأحد النماذج الأكثر إثارة للنقاش والجدل، سواء بين السياسيين أو الأكاديميين أو الرأي العام المحلي والإقليمي، اليوم يأتي كتاب جديد صدر في القاهرة ليقدّم قراءة معمقة لهذه التجربة، بوصفها مشروعًا وطنيًا واجتماعيًا وإداريًا نشأ من رحم الأزمة، وأثبت قدرته على الاستمرار رغم التحديات الكبرى.
ماذا يتناول كتاب اللامركزية وبناء مستقبل سوريا؟
الكتاب الذي يعد إضافة نوعية إلى المكتبة العربية في مجال الدراسات السياسية والاجتماعية، يتناول بالنقد والتحليل تجربة الإدارة الذاتية منذ نشأتها، وكيف استطاعت أن تشكّل بديلًا واقعيًا عن الدولة المركزية التي فشلت في إدارة التنوع المجتمعي السوري، كما يقدّم خلفية عن السياق السياسي والتاريخي الذي ساعد على ظهورها في لحظة فراغ مؤسساتي وأمني كبير.

اقرأ أيضًا: عبد الرحيم كمال بين الأدب والسيناريو.. ندوة ثرية بمعرض الكتاب
ندوة القاهرة لمناقشة كتاب اللامركزية وبناء مستقبل سوريا
من المقرر أن تُعقد ندوة وحفل توقيع كتاب اللامركزية وبناء مستقبل سوريا.. الإدارة الذاتية نموذجًا يوم السبت 20 سبتمبر 2025، في المنتدى الثقافي المصري بجاردن سيتي، في تمام الساعة السادسة مساءً، تحت إدارة الكاتب شريف عبد الحميد، ويشارك في هذه الندوة مجموعة من الشخصيات العامة والخبراء:
- د. مختار غباشي: أمين عام مركز الفارابي للدراسات السياسية.
- أ. إلهامي المليجي: كاتب ومحلل سياسي، ومنسق المبادرة العربية لحرية القائد أوجلان.
- أ. مجدي الدقاق: كاتب ومحلل سياسي.
- أ. أسماء الحسيني: مدير تحرير الأهرام.
- لواء خالد مطاوع: خبير في الشؤون السياسية والأمن القومي.
- د. ذيب القرالة: كاتب ومحلل سياسي أردني.
- د. ليلى موسى: الكاتبة والباحثة (صاحبة الكتاب).

نبذة عن مؤلفة كتاب اللامركزية وبناء مستقبل سوريا
الكاتبة والباحثة ليلى موسى، ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في القاهرة، تتمتع بخبرة سياسية وأكاديمية كبيرة، حصلت على إجازة في الفلسفة وماجستير في إدارة المخاطر والأزمات، وعملت في التدريس والعمل السياسي والدبلوماسي، وهي أيضًا عضو الهيئة الإدارية في مركز روج آفا للدراسات الاستراتيجية، هذه الخلفية المتنوعة انعكست بوضوح في كتابها، الذي جمع بين التحليل النظري والرؤية الواقعية المبنية على الميدان.

الإدارة الذاتية كبديل عن المركزية التقليدية
يشير الكتاب إلى أن تجربة الإدارة الذاتية لم تكن مجرد قرار فوقي أو مشروع مستورد، بل كانت نتيجة طبيعية لاحتياجات الناس وتفاعلهم مع الواقع، حيث إن القرارات في هذا النموذج تُبنى من القاعدة إلى القمة عبر مجالس محلية منتخبة، وهو ما جعلها نموذجًا مغايرًا تمامًا لفكرة الدولة المركزية.
المرأة في كتاب اللامركزية وبناء مستقبل سوريا
من أبرز المحاور التي يناقشها الكتاب هي دور المرأة في الإدارة الذاتية، حيث لا تقتصر مشاركتها على التمثيل الرمزي، بل أصبحت ركيزة أساسية للمجالس والإدارات المحلية، وتولت أدوارًا قيادية وعسكرية غير مسبوقة في المنطقة.
اقرأ أيضًا: إلهامي المليجي يستحضر روح غالب هلسا في ندوة رواية السؤال
الإدارة الذاتية ومكافحة الإرهاب
يُبرز الكتاب الدور المحوري الذي لعبته الإدارة الذاتية في مواجهة التنظيمات المتطرفة، خصوصًا داعش، وحماية السلم الأهلي، بالإضافة إلى قدرتها على منع مشاريع التقسيم والاحتلال عبر تعزيز مبدأ الأمة الديمقراطية وضمان الحريات وفتح الحوار السوري – السوري بعيدًا عن الإقصاء.
أهمية كتاب اللامركزية وبناء مستقبل سوريا
الكتاب لا يعرض التجربة من منظور وصفي فقط، بل يقدم دراسة معمقة على مدى أكثر من عقد، مع مقارنات نقدية بين نموذج المركزية وفكرة الإدارة الذاتية، ويُظهر كيف استطاعت هذه التجربة تقديم حلول عملية للتنوع المجتمعي في سوريا، وهو ما يجعلها ذات قيمة فكرية وسياسية للباحثين وصناع القرار.
اقرأ أيضًا: إلهامي المليجي.. رواية شامة سوداء أسفل العنق والتاريخ المنسي
ختامًا، يؤكد الكتاب أن تجربة الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا ليست مشروعًا محليًا محدودًا، بل رؤية ذات أبعاد أوسع يمكن أن تُلهم تجارب أخرى في المنطقة، فهي تطرح بديلًا واقعيًا لإدارة الدول المتعددة الأعراق والطوائف، وتفتح الباب أمام مستقبل لسوريا أكثر ديمقراطية وعدلاً، قائم على العدالة الاجتماعية والعيش المشترك، بعيدًا عن المركزية التي أثبتت فشلها.
كتب: محمد بلال.

