أحيانًا تفاجئنا الطبيعة بظواهر تعيد رسم خريطتنا لفهم الأرض، وكان ثوران بركان هايلي جوبي في شمال شرق إثيوبيا واحدًا من هذه اللحظات النادرة؛ إذ استيقظ أحد أقدم البراكين الهادئة بعد آلاف السنين من السكون في انفجار مفاجئ لفت أنظار العالم، لم يكن الأمر مجرد ثوران عابر، بل حدث أعاد فتح ملف البراكين الخامدة ودورها الغامض، كما سلط الضوء على التعقيد الجيولوجي لمنطقة الصدع الإفريقي الشرقي وما يمكن أن يحمله المستقبل لها.

في هذا المقال نأخذك في رحلة لفهم قصة هذا البركان، وأسباب يقظته المفاجئة، وتأثيراته البيئية والمناخية، وما تكشفه هذه الظاهرة عن مستقبل المنطقة.

أين يقع بركان هايلي جوبي في إثيوبيا؟

يقع بركان هايلي جوبي (Hayli Gubbi Volcano) في إقليم عفر شمال شرق إثيوبيا، وهي منطقة تعد من الأكثر نشاطًا جيولوجيًا على مستوى العالم، تنتمي هذه المنطقة إلى حزام الصدع الإفريقي الشرقي، وهو شق تكتوني ضخم يمتد لآلاف الكيلومترات، يتميز هذا البركان بموقعه الاستراتيجي بالقرب من إرتا آلي الشهير، مما يجعل المنطقة بأكملها مختبرًا طبيعيًا فريدًا لدراسة ديناميكيات الأرض، وتشبه في تعقيدها الجيولوجي مناطق نشطة أخرى مثل بركان تال في الفلبين، حيث تتفاعل المياه مع الصهارة وتخلق بيئة بركانية فريدة.

أين يقع بركان هايلي جوبي في إثيوبيا

تفاصيل ثوران بركان هايلي جوبي 2025

ما يميز بركان هايلي جوبي هو الفترة الطويلة التي ظل خلالها خامدًا، حيث لم تسجل أي ثورانات معروفة منذ العصر الهولوسيني، ولكن في نوفمبر 2025 تغير المشهد تمامًا:

  • تصاعدت أعمدة هائلة من الرماد البركاني والدخان إلى ارتفاع وصل إلى 10–15 كيلومترًا فوق سطح الأرض.
  • رصد الثوران بوضوح عبر الأقمار الصناعية وشاهده سكان المناطق القريبة.
  • تدفق كميات هائلة من الغازات البركانية، خاصة غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO₂).

ما هي أسباب ثوران بركان هايلي جوبي الجيولوجية؟

تعود قوة ثوران بركان هايلي جوبي إلى طبيعة تكوينه الجيولوجي، فالموقع يقع على فالق نشط في الصدع الإفريقي الشرقي، حيث تتباعد الصفائح التكتونية ببطء، ما يسمح بارتفاع الصهارة تدريجيًا نحو السطح، ومع مرور آلاف السنين، تتراكم الضغوط في حجرات الصهارة العميقة، حتى تصل إلى درجة الانفجار عندما يصبح الضغط أكبر من قدرة الصخور على الاحتواء، ويُرجح العلماء أن هذا الثوران ربما كان نتيجة تجمع مفاجئ لصهارة جديدة غنية بالغازات، ما أدى إلى اندفاعها بقوة شديدة وتفجير المواد البركانية إلى الارتفاعات الشاهقة التي رصدت.

أسباب ثوران هايلي جوبي الجيولوجية

تأثيرات ثوران بركان هايلي جوبي على الطقس والبيئة

خلف ثوران بركان هايلي جوبي آثارًا واسعة على عدة مستويات:

1. تأثيرات على الطقس وجودة الهواء:

تحركت سحب الرماد البركاني باتجاه اليمن وعُمان وبعض مناطق الخليج، ولاحقًا وصلت أجزاء منها إلى الهند، ورغم أن كثافة الرماد تضعف كلما ابتعد عن مركز الثوران، إلا أن وجود جسيمات دقيقة من الزجاج البركاني قد يؤثر على:

  • جودة الهواء.
  • صحة مرضى الجهاز التنفسي.
  • الرؤية في الطرقات والصحاري.

2. تأثير على الطيران:

نظرًا لارتفاع أعمدة الرماد إلى طبقة التروبوسفير العليا، أصدرت السلطات الجوية في عدة دول تحذيرات للطائرات، فالرماد البركاني يمكن أن يسبب تلف محركات الطائرات وانعدام الرؤية، مما دفع هذا الوضع بعض شركات الطيران في آسيا لتغيير مسارات الرحلات، وهو مشهد أعاد للأذهان الفوضى الجوية التي تسبب فيها بركان أيسلندا، حينما أُغلق المجال الجوي الأوروبي لعدة أيام بسبب سحب الرماد المشابهة.

3. تأثيرات على السكان والمراعي

منطقة عفر قليلة السكان، لكن المجتمعات البدوية التي تعيش على الرعي تأثرت بتغطية الأرض بطبقة من الرماد، مما أدى إلى:

  • تلوث المياه السطحية.
  • صعوبة الرعي.
  • نفوق بعض الحيوانات في المناطق الأقرب للبركان.

هل يؤثر بركان هايلي جوبي على سد النهضة؟

أثار ثوران البركان تساؤلات حول إمكانية تأثيره على سد النهضة، نظرًا لوجوده في نفس الدولة، لكن الخبراء أكدوا أن المسافة بينهما تبلغ أكثر من 650 كيلومترًا، وأن النشاط البركاني المركزي في منطقة عفر لا يشكل تهديدًا مباشرًا للسد، لأن النظام الجيولوجي مختلف تمامًا بين المنطقتين.

هل يؤثر بركان هايلي جوبي على سد النهضة

الأهمية العلمية لثوران هايلي جوبي

يمثل هذا الثوران فرصة ذهبية للعلماء لفهم:

  1. كيفية تطور الصدع الإفريقي.
  2. تركيب الصهارة العميقة في المنطقة.
  3. العلاقة بين النشاط البركاني وانقسام القارات.
  4. تأثير الرماد البركاني على المناخ قصير المدى.

كما أنه يضع المنطقة ضمن نطاق المتابعة الدولية للأنظمة البركانية النشطة، خصوصًا مع احتمالية حدوث نشاط بركاني آخر مستقبلًا.

هل يعود بركان هايلي جوبي للهدوء؟

لم يُعلن العلماء بعد نهاية رسمية للثوران، لأن بعض البراكين تستمر في إطلاق غازات ومواد بركانية لأيام أو أسابيع بعد الانفجار الكبير، لكن حتى الآن تشير البيانات إلى أن النشاط بدأ يهدأ تدريجيًا، دون مؤشرات على تكرار ثوران كبير وشيك.

إن ثوران بركان هايلي جوبي ليس مجرد حدث طبيعي عابر، بل هو تذكير قوي بأن الأرض كوكب حي يتنفس ويتغير باستمرار، أعاد هذا الثوران إحياء الأسئلة المتعلقة بمستقبل النشاط التكتوني في شرق إفريقيا، وقدّم درسًا مهمًا عن خطورة البراكين الخامدة التي قد تستيقظ فجأة بعد آلاف السنين، ورغم التأثيرات الكبيرة التي أحدثها الرماد البركاني في المنطقة، فإن العلماء يؤكدون أن فهم هذه الظواهر هو المفتاح لحماية البشر والتنبؤ بالأحداث المستقبلية.

كتبت: نهلة سمير.

الأسئلة الشائعة حول بركان هايلي جوبي

ما سبب ثوران بركان هايلي جوبي المفاجئ؟

السبب هو نشاط الصدع الإفريقي وتباعد الصفائح، مما سمح بصعود صهارة جديدة غنية فجرت السدادة الصخرية القديمة.

هل سيصل تأثير البركان إلى مصر؟

التأثيرات على مصر محدودة جدًا، وقد تقتصر على ظواهر جوية بسيطة في طبقات الجو العليا (مثل تغير لون الغروب) دون تأثير مباشر.

هل انتهى خطر البركان تمامًا؟

تشير البيانات إلى هدوء نسبي، لكن البراكين تتطلب مراقبة مستمرة لأسابيع للتأكد من توقف الانبعاثات الغازية والهزات الارتدادية