ذهبت شاردة في الحياة بتفكير عميق لحياتها، فأحلامها في الصغر كانت لطيفة كنسمة في مغارب الصيف تدغدغ مشاعرها، وكل أحلامها تعيشها كأنها في قبضة يديها.

كان حبها من طرف واحد وتصدق أنه لها ويحبها، كانت بريئة وحبها بريء، كانت ترجع بذاكرتها وتتذكر أفعالها تقول لنفسها: “أنتِ كملاك من حبك البريء تضحكين وتواسيه إن كان غاضبًا، تلعبين معه ما يحبه، تقومين بعمل رائع”.

ليت هذا الحب ما كان من طرف واحد، وهي تكبر ومشاعرها وحبها يزداد قوة ما هذا!، وأعجب بها كثيرون وكانت تشفق عليهم؛ لأن حبهم لها من طرف واحد ولا حتى تنظر لهم، وكانت مخلصة جدًا لهذا الحب الذي من طرفها وكل ما تقوي مشاعرها؛ لكي تواجه وتقول له ما بداخلها تتراجع، وتسأل نفسها كل ما أفعله هذا ولا يشعر بي؟ وتقول لنفسها: “لا بل هو يحبني أكثر وأكثر من حبي له، مع إن ما بداخلها لا يقدر بمقدار”.

اقرأ أيضًا: القمر وجانبه المظلم

وتنتظر من أفعاله أن يأتي لها، ولكن رجع إليها؛ لكي يخبرها بأن فتاة جميلة معه في الجامعة أخبرته بإعجابها به، وهكذا هي الأيام تمر، وتصارحه بحبها له والفرحة لا تسعه، وأنه سوف يكمل عمره معها، وهي تضحك وقلبها جريح، وتتكلم ليس بلسانها بل بلسان فتاة أخرى ليست هي من تترك حبها دون أن تدافع عنه، أو تعترف به كانت مثل المخدرة.

عندما طرق بابها شخص أحبها بصدق أنصتت إليه رغم أنه على العكس تمامًا من شخصية حبها الأول فأمسكت به لماذا؟

لا تعلم فقد تزوجت وتزوج، وهي اختارت الاختيار الخطأ؛ لكي لا تتوجع من البعد ولا تخرب عليه حياته وحبه؛ ولكي لا تضعف من الغيرة، وأصبحت أمًا واكتشفت أنها أحن أم في العالم، ووجدت نفسها تسمي مولودها باسمه، وهي ترى اختيارها الخطأ لرجل لا تعرفه لا تحبه تمثل عليه الرضا بحالها، ولكن كان طبعه سيئًا جدًا يجامل النساء، منافقًا وكاذبًا ولكنها قررت أن تغيره؛ لأنه رغم كل هذه الخصال التي به يحبها جدًا.

لأنه أب لابني، ولكن تأتيها الأخبار وحبها الأول يطلق مرة واثنتين وثلاث وهي من أجل ابنها لا تستطيع التفكير فيه، وتدرب نفسها على حب زوجها، وإخلاصها له إلى أن أصبحت تعامل زوجها مثل ابنها أيضًا، ولا تستطيع تركه وتمر الأيام، وتتقابل مع حبيبها الأول، ويقول لها: “إنكِ في الصغر كنتِ فتاة أحلامي، وأجمل قلب لم أصادف مثله”.

وكأنه نهش الجرح؛ ليبدأ ينزف من جديد، ولكن سرعان ما تذكرت مَن ترعاهم، ولا تستطيع حتى أن تمرر الكلمات إلى قلبها، وتردد قائلة: “وأنت كنت لي في الصغر خير أخ وصديق” وأغلقت الحوار وأمسكت بيد ابنها وقالت له لنذهب إلى أبيك.

وأخيرًا فإن الإنسان في هذه الحياة مخير وليس مسيرًا، وقد اختارت عدم الإفصاح عن مشاعرها، وهذا طريقها الذي اختارته وليس لمن معها ذنب في اختيارها.

اقرأ أيضًا: الحب بلا نهاية.. وحب له نهاية

كتبت: إيمان رياض.