كثيرًا ما نسمع عبارة الحب أعمى؛ ربما على سبيل السخرية من المحبين، حيث العواطف الجياشة والحماس الزائد والاستعداد للتضحية بأي شيء وكل شيء من أجل الحبيب، وكل هذا يحدث دون التفكير بروية، ورؤية النظرة المستقبلية بوضوح، وفي هذا المقال عزيزي القارئ سنعرض أسطورة قديمة تحمل الإجابة على سؤال لماذا يقولون إن الحب أعمى؟

لماذا يقولون إن الحب أعمى؟

هناك أسطورة تحكي أنه كان في قديم الزمان قبل وجود الإنسان في الحياة، وكانت المشاعر فقط هي التي تعيش في العالم، وفي يوم ما كانت المشاعر تطوف بالعالم وتشعر بالملل الشديد، فاقترح الإبداع لعبة وأسماها الخباية أو الغميضة كما نقول اليوم، أعجب الجميع بالفكرة ووافقوا عليها، وصاح الجنون أنا من سيبدأ العد، وأنتم ابدؤوا بالاختفاء، اتكأ الجنون على جذع شجرة وبدأ بالعد.

لماذا يقولون إن الحب أعمى؟

لماذا يقولون إن الحب أعمى؟

اقرأ أيضًا: ومن الحب ما قتل

وبالفعل بدأت جميع المشاعر بالاختفاء، حيث اختبأ العطاء في غيمة، واختبأت القسوة في كومة حجارة، بينما ذهبت الرقة إلى سطح القمر، وصاح الكذب بصوتٍ عالٍ أنا سأختبئ وراء الصخرة ولكنه ذهب واختبأ بقاع البحيرة، وهكذا استمرت المشاعر بالاختباء، حتى وصل الجنون بتعداده إلى الستين، وكانت قد اختفت جميع المشاعر ما عدا الحب، وكان هذا يبدو طبيعيًا بالنسبة للجميع؛ لأنهم يعلمون كم هو صعب إخفاء الحب.

الحب أعمى

الحب أعمى

وعندما وصل الجنون بتعداده إلى التسعين قفز الحب في شجرة ورد صغيرة، وحينها انتهى الجنون من العد، وبدأ بالبحث عنهم، وكان أول من انكشف هو الكسل؛ وذلك لأنه لم يبذل جهدًا في إخفاء نفسه، وخرج الكذب يلتقط أنفاسه من البحيرة، وأشار للرقة أن تنزل من سطح القمر، وشوهدت الصراحة وقد تعثرت في مشيها، وجاءت السعادة مشرقة الوجه، وحضرت الفتنة وقد غلبها النعاس، وجاء الأمل من خلف الغيوم، وأخيرًا جاء الحنين بأناقته وعطره الأخاذ.

الحب أعمى

الحب أعمى

ظهرت كل المشاعر إلا الحب، وكاد يصاب الجنون بالإحباط واليأس في بحثه عن الحب، ولكن هنا ظهر الحسد المنزعج من الحب، وهمس في أذن الجنون وأخبره بإن الحب مختبئ في شجرة الورد الصغيرة، فأخذ الجنون غصنًا مليئًا بالشوك وبدأ في طعن شجرة الورد بشكل عشوائي طائش، ولم يتوقف إلا بعدما سمع صوت بكاء يمزق القلوب، فقد دخلت الأشواك في عيناي الحب، وتسببت بفقد بصره وأصبح أعمى، بعد ذلك ظهر الحب وهو يخفي عينيه بيديه، والدم يقطر منهما ومن بين أصابعه، وحينها صاح الجنون نادمًا وقال: “يا إلهي، ماذا فعلت! وكيف أستطيع أن أكفر عن خطئي هذا؟”، فقال له الحب: “لن تستطيع أن تعيد بصري مهما حاولت، ولكن عليك أن تقودني طول العمر”، ومنذ ذلك الحين أصبح الحب أعمى يقوده الجنون.

وختامًا عزيزي القارئ، بعد هذه الأسطورة الرقيقة والمؤلمة في نفس الوقت، التي عرفنا من خلالها لماذا يقولون إن الحب أعمى، وسواء اتفقت أم اختلفت، فالحب لو كان حقًا أعمى، لا تجعل قائده الجنون، بل حاول أن تجعل قائده الحكمة، فكفاه ضياع بصره، فلا تضيع عقله أيضًا.

اقرأ أيضًا: القلب ولا العين.. الحب يبدأ عندما نقابل من يروي ظمأ أرواحنا

كتبت: سحر علي.