– صمت يبدو في ظاهره هدوء ووداعة وفي باطنه صخب، ضجيج وصراخ يكاد يفتك بالأوصال، فيا قاتلي بصمتك إلى متي ستظل عاشق لتلك اللعنة؟!
– منذ عرفتك وأنا أعلم جيداً أن صمتك لا يعني سوى الوقوف على رأس مشكلة ما أو التفكير العميق في قرار هام، لكني أكتشفت وبمحض صدفة أن صمتك يكون ايضاً عن كتم غضب أو ألم.
– حاولت كثيراً أن أضرب صمتك ليسقط ذلك الحاجز وتنتهي اللعنة بإنتهاء طلسمها العنيف، ولكني وجدت أن الحاجز يقع فوق رأسي أنا لأراني أعيش تحت وطأة لعنتك موصومة بختم الصمت الأسود.
– ليت كل مايؤرقني صمتك فقط، بل أني اصبحت في غياهب صمتك دليلاً بارعاً أستطيع اقتفاء الأثر بداخل صحراءك القاحلة، بل وصلت براعتي إلى أني استطيع أدل أي تائه فيك على طرق الوصول إلى بر الأمان.
– أما أنا فأعود عند نقطتي البعيدة فيك أرتكن فيها ماتبقي من ذلك الحاجز انتظر قطرات غيث تبلل شفتي الظمأة لحديث مطول معك، أو تنبت ورود قلبي الذابلة من ندرة شمسك الدافئة.
– صمتك تالم جداً فإنه يشطرني نصفين، يمزق روحي بدم بارد، لا يسمع صراخ استغاثتي أو يشعر بدمائي النافرة اسفل قدميه، اراني بين عينيك السابحة في الفراغ وفمك المغلق وعقلك الشارد لست سوى شبح هائم.
– إن ما أثار دهشتي أنك لم تلحظ صمتي وأنا الثرثارة، لم تلحظ دمعي وأنا الضاحكة، لم تنتبه لموتي البطئ في كل دقيقة تؤثر الجلوس في حضرة صمتك اللعين على أن تجلس معي أنا.
– في الامس فقط بدأت تشعر أن لعنة صمتك أصابتني وأذابتني حد الفناء، ولأول مرة مررت بما كنت أمر به منذ عرفتك وأنت تبحر في صمتك وأنا خلفك أغرق في دوماته التي عصرتني حتي فتكت بي.
– لأول مرة تقول لي: ” لا تصمتي فصمتك هذا يؤلمني، لا تصمتي فلم أعتادك بعيدة إلى هذا الحد”. ياإلهي هل أدركت الان فداحة الشعور بالغربة وأنا بين أحضانك؟ هل أدركت مرارة الصمت في عز الاحتياج لكلمة تطيب البال؟!
– لقد أدركت ولكن بعد أن أعدت بناء الحاجز بيدي، وصنعت صحرائي القاحلة، وأصبحت أجيد السباحة في بحور الصمت، لقد أدركت بعد أن أكلني السكين التالم وفرق دمائي فلم يبقي مني سوى روح ملعونة بـالصمت الاسود.