في مجتمعات مثل السودان التي تواجه تحديات سياسية واجتماعية معقدة، يبرز الحوار بين الفكر والسلاح كإشكالية محورية تفرض نفسها على طاولة النقاش، الثقافة هنا ليست مجرد أداة للتغيير الفني فحسب، بل منصة حقيقة لصياغة رؤى جديدة تجمع بين قوة الفكرة وضرورة العمل، ومن هذا المنطلق، تأتي الاحتفالات الثقافية في السودان كمختبرات حية لإعادة تعريف العلاقة بين الوسائل والأهداف في عملية التغيير.

إصدارات دار نفرتيتي الجديدة في السودان 2025

تجسيدًا لهذا التوجه، نظم المنتدى الثقافي التابع للمجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات يوم 20 أغسطس 2025 احتفالية ثقافية، قدمت خلالها دار نفرتيتي للنشر والدراسات والترجمة ثلاثة إصدارات جديدة، ساهمت في إثراء الحوار بين الفكر والسلاح، وتشمل:

  1. (مناهج البحث العلمي) للبروفيسور سليمان يحيى.
  2. (بين الكلمة والسلاح) للبروفيسور هداية تاج الأصفياء.
  3. (وحدتنا تصنع السلام) للبروفيسور هداية تاج الأصفياء.

كانت هذه الكتب بمثابة رسائل فكرية متنوعة: البحث العلمي، ودور الكلمة في مواجهة السلاح، وأهمية الوحدة لبناء سلام دائم.

إصدارات دار نفرتيتي في السودان 2025

اقرأ أيضًا: الكاتب عبد الرحيم كمال يخوض تجربة جديدة في أدب الأطفال

كتاب (بين الكلمة والسلاح) قلب النقاش في الحوار بين الفكر والسلاح

استحوذ كتاب (بين الكلمة والسلاح) على الحيز الأكبر من النقاش، حيث إن عنوانه بمفرده يطرح سؤالًا مهمًا: “هل الكلمة كافية لمواجهة التحديات، أم هل هناك لحظة قد يصبح فيها السلاح ضروريًا؟” لم يكن هذا النقاش عاديًا، بل لامس جوهر العلاقة بين الفكر والعمل السياسي في السودان.

إثراء الحوار بين الفكر والسلاح بوجهات نظر متعددة

أثرى هذا الحوار بين الفكر والسلاح، مشاركة شخصيات بارزة، وهم:

  • البروفيسور صديق تاور (عضو مجلس السيادة خلال الفترة الانتقالية).
  • الأستاذ ساطع الحاج (القيادي بتحالف القوى الديمقراطية المدنية).

وأوضحوا أن الكلمة سلاح بحد ذاتها، لكنها أحيانًا تحتاج إلى قوة تحميها.

بعد النقاش الأساسي، جاء دور التعقيبات من:

  • الأستاذ عبد الجليل الباشا (القيادي بحزب الأمة القومي).
  • الأستاذة رحاب مبارك (المدافعة الحقوقية).

ربطوا بين الفكر والسياسة والحقوق، فالأستاذ عبد الجليل ركز على أن السلاح إذا خرج عن السيطرة يضيع مكتسبات الكلمة، بينما شددت الأستاذة رحاب مبارك على أن الحوار هو الطريق الآمن لحماية الحقوق.

إثراء الحوار بين الفكر والسلاح

اقرأ أيضًا: كيف يعكس الموسم الثقافي 2025 رؤية الإمارات للمستقبل؟

مكان إقامة الاحتفالية الثقافية في السودان

أقيمت الاحتفالية في أكاديمية الأحلام، غرب مسجد نصر الدين، بشارع المكتبات، وكان مكانها داخل مكتبة شقاوة بنات، في الطابق الأول بالبناية (5)، وحمل مكان الانعقاد دلالة عميقة، فوجود الفعالية في مكان ثقافي بامتياز، يؤكد أن الحوار بين الفكر والسلاح يجب أن ينطلق من منصات فكرية تتيح مساحة التفكير الحر والمناقشة المتوازنة.

دور الاحتفالات الثقافية في تحقيق السلام

الكتب والعناوين المطروحة مثل (وحدتنا تصنع السلام) أوضحت أن الهدف النهائي هو السلام، ليس مجرد سلام شكلي، بل سلام قائم على الحوار والوحدة، حيث مثلت الثقافة السودانية على الدوام مساحة لهذا الحوار بين الفكر والسلاح.

اقرأ أيضًا: مفهوم الأرشفة.. كيف تحول مستودعات الذكريات إلى أداة تنمية؟

تأثير الثقافة على المجتمع السوداني تاريخيًا

استخدم المجتمع السوداني طوال تاريخه الثقافة كأداة مقاومة، بداية من الشعر والغناء وصولًا إلى الكتب والأمسيات الفكرية، مما يجعل أي احتفال ثقافي في الحاضر امتدادًا لمسار طويل من النضال عبر الوعي والمعرفة.

تأثير الثقافة على المجتمع السوداني

مستقبل الحوار بين الفكر والسلاح في السودان 

مع الظروف الحالية، أصبحت هذه الفعاليات ليست رفاهية، بل هي ضرورة، فاتسع نطاق الحوار بين الفكر والسلاح ليشمل قضايا أوسع وتضم أطرافًا أكثر، وهذا ما يجعل الثقافة في قلب أي مشروع لإعادة بناء البلد.

ختامًا، أثبتت هذه الاحتفالية الثقافية أن الحوار بين الفكر والسلاح ليس مجرد نقاش نظري، بل قضية حياتية تواجه المجتمع السوداني، حيث قدم النقاش بين شخصيات الاحتفالية رؤى متعددة، لكنهم اتفق جميعهم على أن لا بد أن تكون الكلمة هي الأساس، وأن السلاح مجرد أداة دفاعية لا وسيلة هجوم، فإن المستقبل سيكون أفضل إذا حدث توازن بينهم دون أن يدمر بعضهم الآخر.

كتب: محمد بلال.