images 2020 04 20T185505.105

وجدت الأمراض التي تستهدف مناعة الإنسان بشكل أو وبأخر وتنتشر بين السكان أما باللمس أو عن الطريق الهواء أو تنقلها الحيوانات للبشر منذ قديم الزمان، بل من أقدم مما يعتقده الكثيرين ، فقد سجل المؤرخون تفشي الأمراض التي تنتشر بين البلدان منذ القرن الثاني الميلادي.

ويطلق علي هذا النوع من الأمراض وباء، والكورونا الذي يجتاح العالم الأن ما هو إلا أحدثهم .

ولكن هل الكورونا هو أسوء وباء نمر به ؟

أم هو الأضعف بينهم ؟

أم أن بين من يغالي ومن يستهتر هناك خط وسط؟

فلنتعرف عليهم

وباء “جاستينيان” (541 – 542)

يعتبر وباء “جاستينيان” من أقدم الأوبئة في التاريخ ومن أكثرهم فتكًا. في عام واحد قضي هذا الوباء علي حوالي ثلاثين مليون نسمة بأقل تقدير، بعد أن إنتشر في الهند والصين ومصر، ولكن ضربته القوية كانت في الأمبراطورية الرومانية، حيث إيطاليا الأن، والتي يبدو أن حظها في الأوبئة سيئ منذ القدم ، يقدر بأن حوالي ثلث سكان روما راحوا ضحية هذا الوباء الذي أستنتج العلماء من الأعراض التي سجلها المؤرخون أنه كان نوعًا من أنواع الجدري، وقد أنتشر في الأمبراطورية الرومانية عن طريق التجارة مع الهند والصين.

وسمي الوباء بهذا الأسم لأن المؤرخ “بروكوبيس القيصري” أدعي أن الوباء جاء كغضب من الألهة علي الأمبراطور “جاستينيان” الذي اتهمه المؤرخ بالفساد، ومن حسن الحظ أن نظره الحديثة لتفشي الأمراض تختلف عن المؤرج “بركيوس”.

الحمي الأسبانية (1918- 1919)

لنقفز عزيزي القارئ من القرن السادس إلي القرن العشرين ومن الأمبراطورية الرومانية إلي اسبانيا بعد الحرب العالمية الأولي، يعتقد أن هذا الوباء انتشر أولًا بين الجنود العائدين من الحرب وقد ساعد المناخ غير الصحي لمعسكرات الجنود حيث يجتمع العديد من الرجال في أماكن ضيقة، وبينهم الجرحي والأموات على إنتشاره، وأنتشر الوباء بعد ذلك إلي سكان القري بعدما عاد كل جندي إلي وطنه.

وصلت حصيلة الأموات بسبب هذا الوباء إلي حوالي خمسين مليون نسمة، وقد أنتشر الوباء خاصة ما بين الكبار والأطفال لضعف مناعتهم، ولكن ما جعل الحمي الأسبانية خطيرة بشكل الخاص هو أنتشارها حتي بين الشباب الأصحاء، وقد ساعدت جهود الأطباء في التوصل إلي مصل مضاد للحول دون أنتشاره حتي بدأت أعداد المصابين تقل بعد عام من تفشيه.

الطاعون (1347 – 1351)

كانت خطورة الطاعون التي أنتشرت خاصة في القارة العجوز سيئة حتي عرف هذا الوباء ب”الموت الأسود” لسرعة انتشارة وضراوة أعراضه، وقد كان يمكن أن يظل المصاب بدون أعراض لمدة أسبوع قبل تبدأ البثور في الإنتشار في جسده لتعلن إصابته ولم يصمد المصابون بالوباء لأكثر من أسبوع.

وقد ساعد التزاحم السكاني في مدن وقري أوروبا في تلك الفترة علي تفشي المرض، كما أن ضعف طرق الوقاية والنظافة أدي إلي زيادة عدد المصابين، ولم يفرق الطاعون بين البهائم والبشر فأنتشر في القري والمزارع كما انتشر في المدن.

في نهاية الأمر كانت هناك قري قد أصبحت غير مأهولة بالسكان تمامًا، ومزارع إستعادتها الطبيعة مجددًا

حتي أكتشفها الطيارون بعد قرون كأماكن كانت تحتوي علي سكان في يوم من الأيام.

قدرت حصيلة من ماتوا بسبب الطاعون بحوالي مئتي مليون نسمة، ما بين ثلث ونصف تعداد أوروبا، وقد إحتاجت أوروبا إلي قرنين من الزمان لتعود إلي تعداد السكان ما قبل الطاعون، والسبب الأرجح في أنتشاره هو الحشرات التي نقلتها الجرزان، لكن بعض العلماء يرجحون السبب إلي القمل الذي انتشر من أنسان لأخر. في نهاية الأمر السبب الرئيسي في انتشار الوباء كان التجارة بين البلدان.

فوحدها الجزائر التي لم تستقبل تجارًا نجت من الطاعون.

فيروس الكورونا/ كوفيد-19 (2019- الأن)

حصيلة الكورونا حتي الأن بحسب منظمة الصحة العالمية في مئة وستون ألفًا، وقد قدر العلماء وصولها إلي المليون خلال عام إذا لم يتم تطبيق أنظمة وقائية مثل منع السفر ومنع أستقبال الزوار، وأيضًا الأهتمام بغسل الايدي ونظافة أماكن المعيشة.

في نهاية الأمرعزيزي القارئ كان السبب في تفشي الأوبئة الماضية عادة هو الجهل فيما يختص بالأجراءات الوقائية، ونحمد الله أن الوضع اختلف الأن.

فمابين من يهول ومن يستهتر هناك خط وسط، فأغسل يدك جيدًا، وطهر منزلك، ولندعو لسلامتنا جميعًا.

كتب/ جوزيف بشارة