يتناول كتاب “الإمبراطورية الأخيرة.. انهيار الاتحاد السوفيتي من خلال الوثائق الأمريكية”، للباحث الأوكراني وأستاذ التاريخ بجامعة هارفارد الدكتور سيرجي بلوخي، قراءة جديدة وموثقة لتفكك الاتحاد السوفيتي، صدر الكتاب عن دار نفرتيتي للنشر، وكان محور حلقة نقاشية نظمها مركز آتون للدراسات، حيث تم التركيز على مناقشة كتاب الإمبراطورية الأخيرة انهيار الكيان العملاق من منظور وثائقي مختلف، قدم الندوة الكاتب الصحفي خالد محمود، والتي أكدت أن العمل يقدم منظورًا مغايرًا لأسباب التفكك، بعيدًا عن الروايات التقليدية.

أطروحة الكتاب: مناقشة كتاب الإمبراطورية الأخيرة انهيار الكيان من المركز

يُقدم “الإمبراطورية الأخيرة” أطروحة تحليلية تنظر إلى الاتحاد السوفيتي بوصفه “إمبراطورية” سقطت من “المركز”، على غرار الانهيارات التاريخية للإمبراطوريات القديمة، يلغي هذا المنظور فكرة أن الانهيار بدأ من الأطراف أو الجمهوريات البعيدة، ويركز بدلًا من ذلك على تفكك هياكل السلطة في موسكو نفسها، مما يُعد نقطة تحول جوهرية في فهم مسار الأحداث، وقد شارك في الندوة مترجم الكتاب الدكتور نبيل رشوان بتقديم مداخلته حول هذه الأطروحة.

أطروحة الكتاب مناقشة كتاب الإمبراطورية الأخيرة انهيار الكيان من المركز

ضعف السلطة الداخلية ودور الجمهوريات في التسريع

شدد مترجم الكتاب الدكتور نبيل رشوان خلال مناقشة كتاب الإمبراطورية الأخيرة على أن الوثائق تكشف صورة موثقة حول التفكك من داخل هياكل السلطة في موسكو، وأشار إلى أن موقع الرئيس غورباتشوف كـ (رئيس حزبي) لا يتمتع بشعبية واسعة قد أضعف قدرته على السيطرة في لحظة الانهيار الاقتصادي الحاد، وقد تسارعت وتيرة الأحداث بشكل كبير مع تزايد رغبة جمهوريات كبرى مثل أوكرانيا وبيلاروسيا في الانفصال، مما عجل بانهيار الاتحاد.

ضعف السلطة الداخلية

تأثير أسعار النفط وقلق واشنطن

يُسلط الكتاب الضوء على عنصر اقتصادي ضاغط أثر بشكل مباشر في الأزمة المالية الطاحنة في موسكو، وتوضح مناقشة كتاب الإمبراطورية الأخيرة أن هبوط أسعار النفط في تلك الفترة، نتيجة للسياسات الإنتاجية للمملكة العربية السعودية، كان عاملًا حاسمًا في تعميق الأزمة داخل الاتحاد السوفيتي المعتمد على صادرات الطاقة بشكل أساسي.

أما فيما يخص دور الولايات المتحدة، فإن الكتاب ينسف الفرضية القائلة بأن واشنطن لعبت دورًا مباشرًا في إسقاط الاتحاد، بناءً على وثائق الرئيس الأمريكي جورج بوش الأب، يؤكد الكتاب أن الإدارة الأمريكية كانت تتابع المشهد بقلق بالغ، خشية تحول الكيان المنهار إلى عدة دول نووية غير مستقرة، مشيرًا إلى أن واشنطن كانت تخشى التفكك أكثر من انهيار المنظومة الشيوعية نفسها.

أسعار النفط وقلق واشنطن

قيمة وثائقية وإضافة للمكتبة العربية

في ختام الندوة، شهدت الجلسة نقاشًا واسعًا حول أوجه الشبه بين سقوط الاتحاد السوفيتي وانهيارات إمبراطوريات أخرى، إلى جانب تساؤلات حول تأثير تلك التجربة على النظام الدولي اليوم، وقد أجمع الحضور على أهمية الكتاب كمرجع وثائقي يعيد تفكيك واحدة من أكثر لحظات التاريخ الحديث غموضًا، ويُعد إضافة نوعية للمكتبة العربية في مجال التاريخ السياسي المعاصر.

في الختام، تثبت مناقشة كتاب الإمبراطورية الأخيرة انهيار الاتحاد السوفيتي لا يزال يحمل أبعادًا جديدة غير مستكشفة، بعيدًا عن السرديات التقليدية، حيث إن الرؤى الموثقة والمقارنات التاريخية التي يقدمها الكتاب تُعد أساسًا صلبًا لفهم التحولات الجيوسياسية التي شكلت النظام الدولي الحالي.

هل أنت مستعد لاستكشاف المزيد من القراءات والندوات؟ اقرأ أيضًا: 

كتاب اللامركزية وبناء مستقبل سوريا.. رؤية فكرية واقعية

ندوة رواية السؤال.. غالب هلسا عبر كلمة إلهامي المليجي

كتب: محمد بلال.

الأسئلة الشائعة حول مناقشة كتاب الإمبراطورية الأخيرة

ما هي الأسباب الحقيقية لانهيار الاتحاد السوفيتي التي يقدمها كتاب “الإمبراطورية الأخيرة”؟

يُقدم الكتاب أسبابًا تتجاوز الأزمة الاقتصادية، أهمها: الانهيار من المركز في موسكو، ضعف موقع غورباتشوف، ورغبة الجمهوريات الكبرى في الانفصال، بالإضافة إلى دور هبوط أسعار النفط كعامل ضاغط.

ما هو موقف الإدارة الأمريكية من تفكك الاتحاد السوفيتي وفقًا لوثائق الكتاب؟

يستند الكتاب إلى وثائق الرئيس جورج بوش الأب، والتي تكشف أن واشنطن كانت قلقة وتخشى تفكك الاتحاد وتحوله إلى دول نووية غير مستقرة، وينسف فرضية الدور المباشر لواشنطن في الإسقاط.

من هم المشاركون الرئيسيون في الندوة التي ناقشت الكتاب؟

شارك في الندوة مترجم الكتاب الدكتور نبيل رشوان الذي قدم المداخلة الرئيسية، وقدمها الكاتب الصحفي خالد محمود.