نكسة 67 , هزيمة , استسلام

مصر قلب إفريقيا، صاحبة حضارة سبعة آلاف سنة، مهبط الأنبياء ،تتمتع بموقع استراتيجى مميز ، يَكُمن فى باطنه كنوز تقام عليها الحروب، وبعض الصادرات الزراعية، صاحبة الآثار الفرعونية العريقة و الأراضى الزراعية الخصبة بالإضافة لقناة السويس المعبر الملاحى والتجارى الأهم، وغيرها الكثير والكثير من المميزات التى جعلتها مطمع للمحتلين عبر مر الزمان.

لاسيما الإحتلال الإسرائيلى لأرضنى الحبيبة وتفانى شعبها للدفاع عنها ضد هؤلاء الصهاينة ليخرجوهم من أرضنا أذلة صاغرين، ليثبتوا للعالم أجمع مدى أستعداد الشعب المصرى وأبناءه للإستماتة و تقديم أرواحه للدفاع عن كل شبر من الأراضى المصرية الحبيبة.

حيث يعتبر يوم السادس من أكتوبر رمزاً للتضحية وخير دليل على شجاعة و قوة هذا الشعب العظيم، دليل لا يمكن أن نتغاضى عنه فى أن اتحاد العرب بإمكانة أن يقهر المستحيل، ولكن هناك أسئلة كثيرة تطرح فى الذهن… ماذا لو لم ننتصر فى حرب إكتوبر؟، ماذا لو كانت إسرائيل على مشارف القاهرة؟ ، ماذا لو لم يتحد العرب مع بعضهم البعض؟، ماذا لو لم تجد مصر من يمدها بالأسلحة والمعدات اللازمة للحرب؟…

كل هذه أسئلة تخطر لنا جميعاً ومجلة آدم اليوم قد جمعت بعضاً مما كان يمكن أن يحدث إن لم ننتصر أو نخوض تلك الحرب، ولكن فى البداية سنتطرق لنكسة 1967 وكيف كان أثرها فى نفوس الشعب عندما يكن جزء من أرضهم على وشك الإغتصاب إن لم يكن الوطن أجمع، مروراً بالحالة الإقتصادية للبلاد فى تلك الفترة، حتى نستطيع أن نضع إحتمالات كان بإمكانها أن تحدث ونخسر تلك الحرب لولا فضل الله.

هزيمة 5 يونيو 1967 و دورها فى نصر أكتوبر:

بعد هزيمه ٥ يونيو ١٩٦٧ رفعت القيادة المصرية شعار لا صوت يعلو على صوت المعركه “مثل أى دولة فى حالة حرب” مما يعنى بشكل مُبسط أن جميع موارد وأموال وقروض الدولة ستوجهه فقط للمجهود الحربى فلا نصيب للصحة ولا للتعليم ولا للمرافق “من تليفون مواصلات طرق مياة”، وعلى جموع الشعب المصرى عدم الشكوى أو الغضب لأن هناك من يضع مستقبله وحياته على المحك بين الحياة و الموت هناك على خط النار، وعلى من ينقصه طعام أو شراب أو كهرباء أو مواصلات جيدة أن يتذكر أن هناك جزء من جسده مسروق ومغتصب وأن بعض من أهله يتدربون ويتسلحون ليل نهار ليستعيدو هذا الجزء الغالى من جسد الأمة المصرية.

الجميع على خط النار أمام قناة السويس يحلمون بيوم الخلاص والحرب ليعيشو أو يموتو فالأهم من الحياة هو أن تحيا الأوطان ويعود الجنود إلى أهلهم وإلى أعمالهم وتدور عجله الحياة مرة أخرى، وكلما طالت فترة إنتظار حرب التحرير تطول وتتعمق الأزمات والكوارث الإقتصادية.. لهذا وبعد ٥٣ عام من هزيمة يونيو لم نكن سنرى طبيب، مهندس، مدرس أو محامى إن لم ننتصر بعدها ونعوض هزيمتنا.

الإقتصاد المصرى:-

الإقتصاد المصرى يقف على أربع مصادر رئيسية منذ مائة عام تقريباً على أختلاف النظام الحاكم لمصر وتوجهاته الإقتصادية رأسمالى أو إشتركى أو مختلط وهى” السياحة ، العمالة المصرية فى الخارج، تصدير المنتجات الزراعية، الضرائب عن الأنشطة الصناعية والتجارية”

وبنظرة سريعة نرى أن تلك المصادر كلها كانت متوقفة ولا تدر أى عائد على الخزينة المصرية لهذا فكان الاقتصاد المصرى قبل حرب أكتوبر يعتمد بشكل أساسى على المعونات العربية والقروض من الإتحاد السوفييتى.

ولكن هل تخيلت مثلاً لا قدر الله لعدة دقائق ماذا كان سيصبح حال مصر والعرب لو لم ينتصر الجيش والشعب المصرى فى حرب السادس من أكتوبر؟…

إن لم تتخيل هذا السيناريو فهيا معا لنذهب فى رحلة إفتراضية لنرى حال مصر بدون نصر العاشر من رمضان وبدون دخل أقتصادى ومع توقف الإمدادات من الدول الداعمة التى تمد يد العون للجيش ليخوض الحرب بتأهبه الكامل.

ماذا كان سيحدث لو فترت عزيمتنا بعد هزيمة 67 و لم نخوض حرب السادس من أكتوبر ؟…

من المؤكد أن تلك الدول الداعمة، لو طال أنتظار الحرب كانت ستفتر عزيمتها عن إرسال أى مساعدات لمصر، مما كان سيؤدى إلى نزع القرار المصرى من القيادة والشعب المصرى، وكان سيجعل أى قيادة مصرية تقبل بأى شروط مُذلله للحفاظ على الحد الأدنى من الحياة للشعب المصري.

ماذا كان سيحدث لو خسرنا تلك الحرب و إحتلت إسرائيل مصر؟

جميع ما يقوم به الإحتلال الصهيونى مع أهل فلسطين كان سيحدث معنا مثل:

-تهجير أهالى الأراضى من منازلهم و أراضيهم بالقوة.

-هدم المنازل أمام ساكينهم.

-قتل و جرائم ضد السكان الأصليين للبلاد.

-فرض سيطرة القوة بالسلاح.

-الإعتداء على المقدسات الدينية لأستفزاز المشاعر.

-محاولات طمث الهوية العربية عن طريق أستخدام لغتهم الأم.

-فرض الحصار على أهم السلع والخدمات مثل حظر صناعة الحديد والصلب ،توليد الكهرباء.

-الحرمان من الرعاية الصحية والتعليمية.

-محاولة نزع السلاح من الجيش.

مصر كانت ستُمحىَ من التاريخ لولا فضل الله:-

كانت مصر ستضطر للخضوع لإسرائيل مع الوقت التى كانت بدورها ستتدخل فى شؤننا شتى… كنا سنقبل رغماً عنا بإدارة دولية لقناة السويس على أن تتقاسم مصر وإسرائيل عائدات القناة، أو أن تبيع مصر كل ما يمكن بيعه من أرضى وحجر وبشر لمن يحمل المال، والأكثر مرارة أن يظل الحال كما فى هضبه الجولان التى أصبحت جزء لا يتجزأ من إسرائيل لا تقبل فيه نقاش أو مفاوضات .

وتتلاشى مصر بتاريخها وحضارتها ومعها كل العرب الذى لن يقيم لهم أحد أى ثقل بعد أن هزمتهم دولة صغيرة ناشئة وأحتلت أراضيهم فى ست أيام وأصبحت حدودها من شط قناة السويس جنوباً إلى مرتفعات الجولان شمالاً مروراً بفلسطين والأردن.

وربما حدث ماهو أقسى وأمر وأكثر دموية… فربما وهذا يحدث أمامنا الآن عندما ينشغل الجيش الوطنى فى حرب طويلة تبدأ تنسلخ بعض أجزاءه من جسد الدولة الأم ، ويطمع بها القريب والغريب وتنتشر بين محافظاتها الجماعات الإرهابية والمرتزقة وتجار الأسلحة والمخدرات والجريمة المنظمة مما يعنى أنهار من الدماء والفوضى فى كل ركن من أركان الوطن.

هذا بعض مما كنا سنلاقيه لو لم نحارب وننتصر فى السادس من أكتوبر عام ١٩٧٣

فتحية لكل من إشترك فى تلك الحرب المجيدة وكل شهداء الوطن .

بقلم:-

أحمد عبدالواحد إبراهيم

نورهان أمين

اقرأ أيضاً:

التاسع عالمياً.. الجيش المصري درع العروبة وقاهر الغزاة