منذ أيام رأيت منشوراً على إحدى مجموعات موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك” سؤال فلسفي اعتدنا رؤية مثله في أسئلة الفلسفة والعصف الذهني.
قرأته بتمعن وكان مع السؤال إجابات بعض المشاهير عنه فكان السؤال هو لماذا عبرت الدجاجة الطريق؟
الإجابة:
ديكارت: لتذهب إلى الطرف الآخر من الطريق.
أفلاطون: بالنسبة لها الحقيقة موجودة في الطرف الآخر.
أرسطو: إنها طبيعة الدجاج.
كارل ماركس: هذه حتمية تاريخية.
الكابتن جيمس كيرك: لتذهب إلى حيث لم تذهب دجاجة بعد.
أبقراط: بسبب فرط إفراز في البنكرياس.
مارتان لوثر كينغ: حلمت دائماً بعالم يستطيع فيه الدجاج عبور الطريق دون حاجة لتبرير هذا الفعل.
ريتشارد نيكسون: الدجاجة لم تعبر الطريق، أكرر الدجاجة لم تعبر الطريق.
نيكولا ميكافيلى: المهم أن الدجاجة عبرت الطريق و ليس المهم أن نعرف لماذا، فغايتها للوصول إلى الطرف الآخر يبرر أي دافع لذلك مهما كان.
بوذا: إن طرح هذا السؤال يعني إنكار لطبيعة الدجاج.
آينشتاين: إن كانت الدجاجة هي التي عبرت الطريق، أو أن الطريق هو الذي تحرك تحت أقدام الدجاجة فهذا يتعلق بنسبية الأشياء .
والآن السؤال موجه لك، ما رأيك لماذا عبرت الدجاجة الطريق؟
قرأته جيداً وأمعنت التفكير فيه، وجدت أن جميع إجابات هؤلاء الأشخاص صحيحة لكن بنسب متفاوتة، كل واحد منهم اجاب على السؤال من كينونته أو من منطلق مجاله الذي يمارسه لكن لم يضع أحدهم نفسه ولو للحظة في وضع الدجاجة ويرى من منظورها هي.. لماذا عبرت الطريق؟
هي أجابت عن ذلك السؤال بنفسها عندما إستقرت حيث ذهبت، الدجاجة لم تعبر الطريق عبثاً هي فقط قفزت قفزات متتالية أتاحت لها الطيران لمسافة ليست بقصيرة، مكنتها العبور في أمان.
إنها لم تعبر على قدميها كالبشر خوفاً من صدمها بعرباتهم، الدجاجة هاربة وليس لها أي هدف من العبور سوى العبور ذاته، هي أرادت أن تعبث في الحياة فتركت كل شئ لتنفذ فقط ما أرادت دون حساب لأي مخاطرة دون التفكير في عواقب فعلتها، لذلك هي رأت أن العبور مخاطرة تريد تجربتها فعبرت وانتهينا.. فقط.
لمَ إذًا كل هذه الضجة من كل هؤلاء الناس، أحياناً تجربة المخاطرة من أجل اللاشيء أو المخاطرة من أجل المخاطرة دون جني نتائج جيدة مفيدة.
مثل مَن يمارس التفاهة لمجرد أنه يريد ذلك ليس لأنه حقاً تافه أو يريد إسعاد الآخرين أو شي من هذا القبيل، إنه فقط يريد تجربة فريدة لم يقم بها من قبل، لكن كيف يترك الفلاسفة شئ يمر هكذا مرور الكرام؟ لابد أن يتمحور ويبلور الحدث بشكل يليق بالحديث فيه وعنه.
دعوا الدجاجة تعبر الطريق دون صخب، أو يدخل الديك الزجاجة ذات العنق الضيق دون إزعاج، أو حتى اتركوا الفيل والزرافة يناما داخل الثلاجة، اتركوا الكون يسبح في فلكه مثلما يفعل من ملايين السنين دون تحويل كل شئ تحت المجهر.
هل تعلمون لماذا تنطلي عليكم دوماً حيلة الساحر في اخراج ارنب من قبعته الكبيرة؟
إنه الفضول والبحث في أي شئ يكون حديث المجالس، إن الساحر يلاعبك بيد وباليد الأخرى يأخذ النقود من جيبك، فتندهش لبراعته وهو يضحك على سرقتك فهو لا يمتلك أرنب ولا يوجد قبعة حتى الساحر يختفي دوماً خلف الستار لا ترى سوى زوج من القفازات البيضاء يتحرك في الأفق فقط.
دع يا صديقي كل شئ يمر مثلما يمر دوماً وإن أردت أن تبحث عن شئ له قيمة تتحدث عنها فابحث عن الساحر وتأكد من وجوده ومن وجود أرنبه وتعلم كيف تخفيه داخل القبعة السوداء، بدلا من أن تبحث خلف دجاجة هائمة لماذا عبرت طريق وهمي.