تعجبت كثيراً في صغري عندما أخبرني مدرس الدراسات الإجتماعية عند شرحه لجزء تاريخي أن الإنسان لم يكن يعرف الكلام في بدايته وحقيقة لم اقتنع عندها،فكيف ذلك وانا أعلم جيداً أنه لا توجد أي وسيلة للتواصل أو التفاهم سوى بتلك الكلمات المركبة أو البسيطة التي نستخدمها يومياً…لكن..اختلف هذا تماماً كلما نضجت، نعم اختلف الأمر فلاحظت أنه كلما نضجت وكبر سني كلما نفرت من الأحاديث المطولة الغير مفيدة، وجدتني أميل للصمت والتأمل، الإستماع والتفكير، التحليل والسكون وعندها فقط عرفت قيمة هذه الهبة العظيمة والتي قليلآ ما نستخدمها أو نحاول الإستفادة منها فما هي يا ترى فضائل الصمت ؟…

 

-فضائل للصمت:-

1-الصمت بوابه التفكير السليم:-

أثبت العلم أن معظم العظماء والمخترعون والمبتكرون ورجال المال والفكر والحرب يشتركون فى فضيلة مهمة الا وهى إجادتهم فنون الصمت أكثر من فنون الحديث.

 

2-النزاهة:-

يلبس الصمت الإنسان ثوب المهابة والغموض ويمنح صاحبه ثقة الناس لأنهم يرونه قليل الكلام إذا تحدث فسيتحدث بالحق وإذا وعد أوفى فكلامه مثل السيف قاطع لا يحتمل التأويل أو الغموض .

 

3-ماقل ودل:-

تكلم بأقل الكلمات لتصل إلى أهدافك فإن كنت تستطيع أن تعرض منتجاتك أو رأيك فى جملتين فلا تجعلها ثلاثة.

 

4-عقل القرد:-

الضغوط الحياتية

تجعل عقل الإنسان كالقرد يقفز من مشكلة لأخرى فثالثه بدون أن يحل أئ منهم فقط يلقي وعود سريعة هنا وهناك ويسرع بالفرار لتزيد المشاكل عليه وتزيد الضغوط النفسية والحياتيه ولتجنب عقلية القرد يجب أن تتحلى بالصمت لبعض الوقت لتفكر فى حلول واقعية ومرضية لك وقابلة للتنفيذ بدون أن تؤثر على إلتزامات أخرى عليك، لهذا عليك أن تصمت وتفكر ثم تجيب ويجب قبل أن تتخذ أي قرار أن تنفرد بنفسك بعيد عن أي مشتت لذهنك وعقلك مع كوب من الشاي أو القهوة ليزيد من إتساع شرايين الجسم وتتدفق الدماء للمخ فيزيد من التركيز .

 

5-تعزيز التركيز:-

يجعلك الصمت تركز فى هدفك الأساسى فأنت القناص تحمل بندقية أحلامك وأفكارك وتصوب على هدف تريد تحقيقه، وجميع القناصة المهرة يظلون ينظرون بهدوء وتركيز فى صمت ويعزلو أنفسهم عن محيطهم حتى لا يبقى فى العالم غير القناص وهدفه وبعد طول تأمل تنطلق لتصيب هدفك بمنتهى الدقه والمهارة، بينما من لا يركز فى أهدافه فهو كحامل مدفع رشاش يطلق الكثير من الوعود والأمنيات والمجهود هنا وهناك وفى النهايه يتفذ رصيدة من الأحلام والمجهود والوعود بدون أن يصيب أي هدف فى حياته ولا يتقدم خطوة واحدة، فهو يدور فى حلقه مفرغه من الصراعات والوعود والكثير من الكلام الذى يفقد مدلوله وقيمته عندما لا تعززه نجاحات على أرض الواقع.

 

6-الحكمة.

 

7-حديث النفس:-

سئل ابن الرومى نجدك تصمت كثيراً وتقرأ كثيراً فماذا عرفت؟.. فقال لهم “عرفت حدودي ” عرف متى يحق له الكلام وبماذا يتكلم وعن أي شيء يجب أن يتكلم، فالكثير منا يضيع أغلب وقته ليثبت أن المدير الفنى مثلاً لفريق النادي الأهلى أخطاء وأنه كان يجب أن يفعل كذا وكذا أو أننا ننظر إقتصاديآ أو سياسيآ أو فنيآ مع أن مجال أعمالنا وتخصصات أغلبنا بعيدة كل البعد عن كرة القدم أو السياسه أو حتى الفن لهذا فعلينا أن نصمت ونركز فى حدودنا وأهدافنا وأعمالنا لنستطيع تطويرها والإرتقاء بها .

فالصمت نبع الحكمة ولغة العظماء وقيل قديمآ “وهل يكب الناس على وجوههم فى السجون أو القبور إلا من حصاد السنتهم”، وقال جبران خليل جبران” وقد يكون فى الكلام بعض الراحة••وقد يكون فى الصمت بعض الفضيلة”، وها نحن نرى على المستوى الإقتصادي والدولي الكثير يتحدث ويتكلم بينما الصين تعمل فى صمت فأعمالها تتحدث عنها وأصبحت القوى الأولى إقتصاديآ فى العالم ولم تدخل حرب أو تفتعل نزاع مع أحد أو تتورط فى حرب كلامية هنا أو هناك فقط تعمل، تبني، تخترع، تزرع، تنتج والعالم يتحدث ويستهلك ما تنتجه الصين .

فامسك عليك لسانك تظفر فى الدنيا والآخرة يقول ارنست همنجواى الأديب المعروف “يحتاج الإنسان إلى سنتين ليتعلم الكلام بينما يحتاج إلى خمسون ليتعلم الصمت”، وقال سيد الخلق-صلى الله عليه وسلم-(من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)

 

 

كتب:-أحمد عبد الواحد إبراهيم

 

اقرأ أيضاً عن فوائد الصمت الطبية من خلال :

الماء البارد ، الصمت .. أهم أسباب الشباب الدائم