من الممتع القيام بمراجعات نقدية لكل ما نقرأه، إنها رؤية الموضوعات بزاوية مختلفة، فعين الناقد هي العين الثالثة لعيني القارئ والكاتب، وهي ايضاً عين الضمير لدى الانسان، والتي من خلالها يرى العيوب كما يرى المميزات بكل وضوح، ويستطيع عرضها بشكل مثالي من وجهة نظره، كي يستمتع بها الاخرين.
وفي السطور القليلة القادمة سنرى مراجعة نقدية ووجهة نظر خاصة عن رواية من أجمل روايات الكاتب الدكتور أحمد خالد مصطفى وهي رواية ملائك نصيبين.
{أنا القرين}
– إنه راوينا الذي يقص علينا حكايا السابقين مما لم نعلم عنهم شيء في عالم الجن والإنس حتى وصل بنا إلى سيد الخلق قمر بني هاشم محمد بن عبدالله خاتم المرسلين عليه صلوات الله وسلامه في كل وقت وحين.
– قريني ذلك الذي هاتفني من خلال صحائف بين يدي ليس كقرينك عندما تقرأها أنت ليس كقرين كاتبها، فكلنا نقرأ نفس السطور ولكن ليس بنفس الروح والعقل والاستيعاب، فقرينك يهيئ لك الأجواء كي تسعد بقراءتك أو يؤلمك بعدد كل حرف فيها، وكل منا حسب شر قرينه.
{من أسعد الكامل إلى سيد الكونين}
– هل شغل تفكيرك يوماً أن تبحث في الأثر والسيرة وغيرهم من كتب التاريخ الإسلامي عن فجوات تاريخية لم نعلم عنها أو نسمع بها كثيراً؟! إذا كان جوابك لا فعليك بتلك الرواية التي تحكي عن عالم الجن والإنس على حد سواء من عهد الملك ملكيكرب ثم حادثة اصحاب الاخدود حتى خروج نبي العرب.
{نظرة نقدية ذاتية}
– الموضع الذي أضع فيه رؤى عيني في كل ما اقرأه وأشرح فيه بالتفصيل وأقول رأيي النقدي.
– وجدت تقدم قوي وملحوظ في أسلوب الكاتب الروائي، فقد شد على عضده كثيراً ليخرج لنا رواية بالمعني الفني للرواية والتي اختلفت عن سابقتيها- انتخرستوس وأرض السافلين- الذي اعتمد فيهم الكاتب على سرد للمعلومات مباشرة.
(الفكرة)
– في ظاهرها مجرد حكايات تاريخية وفي باطنها أسرار لم تكن معلومة ل80% من القارئين.
(الحبكة)
– متماسكة وتتناغم كثيراً وأزيدكم من القصيد بيت “لقد أظهرت الحبكة الرائعة بواطن الفكرة”.
(السرد)
– في السياق العام للرواية أمتطى الكاتب لسان الراوي العليم ليدور بنا داخل القصص، وبين الفصول نقابل القرين الذي يفتق ذهنك عن عقيدته ومايناقض الوقائع بالأسلوب المتكلم.
– واتخذ أيضاً الشكل التسلسلي في السرد حتى نقطة ما تحول بعدها السرد لتناوبي وحقاً امتاز الكاتب بالمرونة في التنقل بين المشاهد والأحداث ووقوع بعض الأحداث في شكل عام مبهم ثم يتم تفصيلها وتفنيدها وتقليص الصورة حتى تكتمل اللوحة.
(الشخصيات)
– فيما يخص روايات التاريخ فأبطال الرواية حقيقيين أنسها وجنها وعفاريتها وشياطينها وكل من ذُكر اسمه فيها، ولذلك فإن أوصافهم يسيرة الفهم على من يرهقه شرح شخصيات العمل.
(الحوار)
-رائع ومنمق، تجد أن كل شخصية تتحدث بصوتها وكيانها ومكنونها فتيقن أن لكل شخص يتحدث صوت مسموع بطريقته الخاصة.
(اللغة)
– رتبها كما يجب، فأوجز باللفظ تارة وأفرط في البلاغة تارة اخرى، وضع كل سجع وطباق في مكانهم الصحيح، فجعل روايته وكأنها لحن لا شذوذ في نوتته.
(الخاتمة)
– مفتوحة لنية الكاتب عن وجود جزء ثاني للرواية فلا تقييم لنهايتها حتى نرى ماتبقى في جعبته.
(التقييم)
– فلنقل أن العمل يستحق أربع نجمات من أصل خمس.
{ماذا حدث معي؟!}
– في بعض المواضع من تلك الرواية ابتسمت حين وصف الكاتب رسول الله، ومواضع كثيرة بكيت وقتما قتلت اينور، وحين أسلم الملائك، ووقت رؤى ماسا وقتل طيفون.
– استطاع الكاتب أن يجعلني أسبح في تيار روايته وأن يحرك بحيرة مشاعري الراكدة والتي قلما يحدث أن يلقي فيها أحدهم حجراً وتهتز قيد أنملة ضاربة قوانين الطبيعة عرض الحائط.
{والسلام على من اتبع الهدى}
– ودعت منذ وقت تلك الصحائف وانا انتظر بكل شغف بقية ماحدث للملائك ورحلتهم للنبي المصطفى.