تخلص من القلق فالحياة أقصر من أن نقصرها… النصيحة الثالثة لحياة نفسية صحية

Slow

تناولنا في المرات السابقة بعضا من نصائح كارنيجي من ٣٠ نصيحة من منظور إسلامي واقعي، تساعدك علي تحقيق التوازن النفسي في حياتك و حياة سعيدة خالية من القلق..

تحدثنا فيما قبل عن حكمة (عش حياتك في حدود يومك) حتى لا تحمل هم المستقبل و لا تخسر لذة الحياة،

كما تناولنا حكمة ( الرضا بما ليس منه بد ) فعند التعرض لأزمات وابتلاءات وصدمات، فلابد من الصبر والتسليم بالأمر الواقع حتى تحصل علي الغنى والسعادة .

وفيما يلي سوف نتناول نصيحة أخرى من نصائح كارنيجي وهي “تخلص من القلق.. فالحياة أقصر من أن نقصرها”..

سألوا نابليون بونابرت يومًا : الم تقلق يومًا ما من نتائج حروبك، وحملاتك علي مصر وغيرها؟

فرد قائلا ً : لا

فسئل : لماذا ؟

فرد قائلا ً : لأنه لم يكن لدي وقت للقلق!!

فالقلق معوق أساسي عن النجاح والإنجاز ولابد من التخلص منه .

ويساعدنا الدكتور ( عادل هندي) مدرس بجامعه الأزهر في تحليل هذه النصيحة بطريقة إسلامية واقعية وكذلك كيفية تطبيقها بشكل عملي.

س١:كم ضيع القلق من حياتنا وراحتنا وأمننا وسعادتنا…. فما سبب هذا القلق ؟

نقابل في هذه الحياة نماذج بشرية مثيرة للغاية، ويرجع سبب إثارتها إلى طريقة مواجهتها الحياة وهي كالآتي:

– منها ما يركز علي سلبيات حياته فقط ( أنا فقير – أخطائي كثيرة جداً)، وهكذا تجده ينظر إلى النصف الفارغ من الكوب الممتلئ .

– منها من يقلق دائماً وتتوتر أعصابها علي أتفه المشاكل، وإن لم يجد مشكلة يبتكر مشكلة ليحدث نزاع وعراك .

تخلص من القلق فالحياة أقصر من أن نقصرها… النصيحة الثالثة لحياة نفسية صحية

س٢:كيف نتخلص من هذا القلق ؟

ما أقصر هذه الحياة التي نحياها، لأن الآخرة أطول وأدوم، وعلي هذا فالحياة قصيرة، وكم من الوقت يذهب فداء لرغباتنا واحتياجاتنا من طعام وشراب ونوم وعلاقات وزيارات فكم بقي للذات الروحية ؟

ومن هنا جاءت شريعة ربنا لتدربنا علي مواجهة الأزمات والدفاع عن الذات ضد معوقات الحياة من الخوف والقلق واليأس والهزيمة النفسية .

س٣: دليل من (القرآن الكريم ) يساعد علي دفع القلق والهم واليأس .

لقد جاءت آيات كثيرة تدل الإنسان علي طريقة دفع القلق والهم وتأمره بأن يخطط و لا ييأس علي ما فات ولا يقلق ولا يخشى ما هو آت ،

فقال جل شأنه “لكيلا تأسوا علي ما فاتكم ولاتفرحوا بما ءاتاكم”

فلتقر عين وقلب المسلم بما قدر الله له، ولا يزرع القلق في طريق سيره في الحياة.

س٤: أدعية للرسول صل الله عليه وسلم تعين علي سمو الإنسان فوق هذه الحياة الفانية، فتمر همومها حوله ولا تصدمه ؟

كان رسول الله صل الله عليه وسلم يدعو فيقول ( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضلع الدين وغلبة الرجال) .

كما قال صل الله عليه وسلم ” اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ، ابْنُ عَبْدِكَ، ابْنُ أَمَتِكَ، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجَلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي) .

هذا الحديث يتضمن اعتراف العبد أنه ملك لله، وأنه لا غني له عنه، وليس له سيد سواه، وإعلان الخضوع والأمتثال لأمره ونهيه، وأن الله يصرفه ويتحكم فيه كيفما شاء، وتوسل إلي الله وحده.

س٥:نموذج واقعي يحتذى به في التغلب علي القلق ؟

هناك نموذج رائع ( يوسف الصديق.. من البئر إلي الملك)..

فقد امتلأت حياته بالمحن والابتلاءات التي لا يتحملها عقل ولا قلب ولا حياة إنسان، ما بين محنة إخوته الذين حسدوه وبغوا عليه، وبين محنة البئر السحيق وحيدا في الصحراء، وبين البيع عبداً وأسيرًا في مصر بثمن بخس، ثم فتنة امرأة العزيز والتي ربي عندها في بيت زوجها، والإشاعات المغرضة من نسوة المدينة، والزج به في السجن، وفتنة الملك والحكم، ومحنة المشاعر الإنسانية يوم أن جاءه أخوته وتذكر ما صنعوه ثم قال ( لا تثريب عليكم)..

وفِي ظلال الملك تكون أزمه اقتصادية أقلقت البلاد المجاورة إلا أنه بحكمة ولطف من الله استطاع التغلب عليها .

فهل كل هذه الابتلاءات التي تعرض لها سيدنا يوسف تدفع إلي القلق والهم واليأس؟ ..

بالتأكيد نعم ، إلا أن النبي الكريم لم يكن لديه وقت للقلق وقد علم أن كل شيء بقدر ، ولم يشك همه في الأزمة الأقتصادية، بل قام ونهض واستعان بالله وخط خطة أستراتيجية للحفاظ علي استقرار البلاد ، فلا وقت للتفكير في القلق.

س٦ : كيف نطبق هذه النصيحة بشكل عملي في حياتنا ؟

– اعكف علي عملك، وإياك والترف والسرف، فإنه يوجد الفراغ، وإن وجد فراغ حل القلق.

– أسعد الاخرين، بإسعاد الناس تحل البشاشة ويسر فؤادك وتذهب همومك فقد قيل : أن سر الإحساس بالتعاسة هو أن يوجد لديك وقت تتساءل فيه أسعيد أنا أم لا ؟!!

حوار: نيفين رضا