عادةً ما يكون خلف الأفلام أو كارتون الرسوم المتحركة في الولايات المتحدة قصص حقيقة فنجدها تعالج قضايا اجتماعية هامة يُعاني منها المجتمع بكل من فيه من أفراد، لاشك أن الإعلام سلاح مؤثر فينا جميعاً سلباً كان أو إيجاباً.
ففي عام 2017م وعندما عانى المجتمع الأمريكي من ظاهرة التنمر أنتج فيلماً يعالج تلك القضية التي تفشت فيه وتوغَّلت بشكل كبير حتى وصلت تكلفة هذا الفيلم نحو 20 مليون دولار.
بالتأكيد لا أحد يولد متنمرًا ولكن يمكن لأي طفل أن يمارس التنمر تحت ظروف معينة فالتنمر هو أحد أشكال العنف الذي يمارسه طفل واحد أو مجموعة من الأطفال ضد طفل آخر و إزعاجه بطريقة متعمدة ومتكررة، وقد يأخذ التنمر أشكالًا متعددة كنشر الشائعات ، أو التهديد، أو مهاجمة الطفل المُتنمَّر عليه بدنيًا أو لفظيًا، أو عزل طفلٍ ما بقصد الإيذاء أو حركات وأفعال أخرى تحدث بشكل غير ملحوظ
والكلام الجارح والمقصود والمتكرر يعتبر تنمر .
ومن أحد أكبر أسباب التنمر أن أغلب الأطفال الذين يمارسون التنمر هم أنفسهم تم ممارسة التنمر عليهم من قبل لعدم وعيهم بالآثر السيء الحقيقي للتنمر على الضحية.
و للتنمر أنواع عدة منها:
• بدني مثل : الضرب، أو الركل أو السرقة
•لفظي مثل: الشتائم، والتحقير، والسخرية، وإطلاق الألقاب، والتقليل من قيمة الشخص وإلقاء تهديدات.
•اجتماعي مثل: تجاهل أو إهمال الأطفال بطريقة متعمدة أو نشر شائعات حولهم.
•نفسي مثل: النظرات السيئة، والتربص وإشعار الطفل بأن التنمر هو وهم في خياله.
•إلكتروني مثل: السخرية والتهديد عن طريق الإنترنت عبر الرسائل الإلكترونية، أو التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي.
في الحقيقة بعض مجتمعاتنا العربية قاسية جداً فهي مبدعة في التنمر فلا تتقن الاستماع ولا الحوار والجدال لاتتقن الصبر في سماع الطرف الآخر.
فنجد أن أول من تعرض للتنمر هو سيدنا نوح عليه السلام ثم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم من أبناء شعبه.
كم هو مخز ومُهين أن ننظر لمن يستهزئ بوجوه الناس و أجسامهم وأشكالهم وألوانهم على أنها غيبة أو نميمة بل هي أشد فهي استهزاء بالخالق الذي خلق فسوى فصور فأبدع في خلقه فالله عز وجلّ شأنه لا يُحب أن يشمت أحد بخلقه إن الكمال والجمال بيده تعالي يعطيه لمن يشاء ويسلبه ممن يشاء وحين يُعطي يُسلبه وقتما يشاء فجأة بالحرق أو بمرض وغيره، أذى الضرب ينساه الجسد ولكن أذى الكلمات لا يُنسى .
إن ديننا يمنعنا أن نؤذي طيراً فالنبي صلى الله عليه وسلم عاتب شابا لأنه كان يؤذي ناقته ونهى عن ترويع الناس فما لو علم النبي صلى الله عليه وسلم بمزاح أبنائنا بكسر العظام والقلوب والأرواح بالكلمات فأي تربية هذه وأي أباء يُرَّبون؟!
لا تلوموا غداً إذا جاء أب ووجد ابنه ضحية لتنمر ابنك عليه فيشد ابنك محاولاً أن يأخذ ثأر ابنه أو يشتكي عليه في المحاكم لا تقولوا (ارحموا أبناءنا فهم صغار ) وأنتم لماذا لم ترحموا أبناء غيركم الذين صاروا أضحوكة وتربوا أبناءكم تربية صحيحة؟!
ديننا يحثنا علي السلام مع أنفسنا ومجتمعنا فما بالنا بالأطفال فأين الآباء والأمهات؟ أين التربية والإصلاح؟
نحن المسؤولون عن أفعال أطفالنا فهم مجرد بذرة تنتج ما سُقِيت به وما تربت عليه من أراد أن يعلم عواقب ونتائج التنمر فليجلس مع ضحية للتنمر لن يستطيع أي أحد أن يصف هذا بحقٍ إلا إذا كان ضحية.
في الماضي من كان يمارس التنمر يمارسه خفية بين مجموعة صغيرة ولا يسمع عن هذا أحد إلا من قُصّ له ولكن الآن يتباهون بأفعالهم فنراهم يصورن أنفسهم وهم يضربون هذا ويتنمرون علي ذاك وينشرون متفاخرين به لأنه لا يوجد رادع للتنمر.
فإذا لم يتم السيطرة على هذا فلن تكون النتيجة إلا
(غداً الموعد بيننا فتكون إما الجاني وإما المجني عليه)