إن احترام الخصوصية معنى نفتقده بشدة في هذه الأيام، فكثيرا ما نسمع عن حرية الرأي وحرية الدين وغيرها من الأنواع الكثيرة للحريات التي يتمتع بها الإنسان، منها حريته في اختيار حياته والطريقة التي يعيش بها، لكن يتجاهل البعض احترام تلك الحريات والتي تعتبر حق مكتسب منحه الله -سبحانه وتعالى- للإنسان، وفي هذا المقال سنتحدث عن طرق احترام الخصوصية وأهميتها في حياة كل إنسان.
وماذا أعني بمصطلح احترام الخصوصية؟
إن الذي أقصده بلفظ الخصوصية وهو ما يتعلق بالإنسان من معلومات وأخبار عن حياته ولا يريد أن يطلع عليها أحد، فكل ما يتعلق بالمرء داخل محيط حياته لا يحق لأحد أن يتدخل فيه أو يبدي رأيه مادام لم يطلب منه ذلك، فاختراق حياة الآخرين والتدخل في شئونهم يعتبر تجاوز واختراق لخصوصية الآخر، وهو في الحقيقة جرم يستحق الإنسان المحاسبة عليه إذا تسبب في إيذاء نفسي أو مادي لمن حوله.
ويندرج تحت لفظ الخصوصية ما يحدث للإنسان في حياته سواء من إنجازات أو نجاح أو فشل، فمن حقه أن يخفي كل هذا أو يظهره ولا يحق لأحد أن يتتبعه أو يعاتبه لإخفاءه هذه الأمور، فالخصوصية تتعلق بكل ما يحدث للإنسان في حياته بداية من قراراته واختيارته التي يختارها في حياته نهاية بنتائج اختيارته من فشل أو نجاح.
قد يتسأل البعض هل احترام الخصوصية أمر واجب؟
نعم إنه واجب علينا جميعا، حيث إن احترام الخصوصية من الأمور التي تحظى بقدر كبير من الأهمية التي تجعلها من الأمور الواجبة على أفراد المجتمع.
أهمية احترام الخصوصية:
الحد من الابتزاز أوالضغط
حيث إن انتشار معلومات عن المرء بين أفراد المجتمع تجعلها وسيلة للضغط عليه من قبل غيره، مما يجعله خاضعا لسيطرتهم، ومما يحد من حريته وهذا يجعله غير قادر على ممارسة أبسط حقوقه وهي اتخاذ قرارات خاصة بحياته، وتجعله يشعر دائما بعدم الأمان لأنه مهدد في كل وقت من جهة الآخرين.
اقرأ أيضًا: خطورة الابتزاز الالكتروني وأثره على المجتمع 2022
حرية الحديث والفكر
قد يتعجب البعض قائلا وما علاقة حرية الفكر بالخصوصية؟، في الحقيقة العلاقة وثيقة بينهما فالاثنين وجهان لعملة واحدة فالخصوصية تمنح الإنسان حرية الفكر وتتيح له المجال، ليفكر ويتحدث عن الأفكار التي قد تختلف مع المجتمع المحيط به، واحترام تلك الخصوصية يجعل المرء يفكر ويتحدث عن كل ما يرغب به ويعبر عن رأيه، طالما لا يتعارض مع تعاليم دينه دون خوف أو رهبة من المجتمع، مما يصل بنا للتقدم ووضع أفكار مفيدة وجديدة تؤدي لتنمية المجتمع.
الحفاظ على الحدود الاجتماعية
في بعض الأوقات يحتاج الإنسان من وقت لآخر أن يعزل نفسه عن من حوله، سواء كانوا من أصدقاء أو دائرة معارفه أو أقاربه، وهو ما نسميه بالعزلة الإيجابية التي يعود فيها الإنسان تأهيل نفسه للحياة ولمواجهته صعوبتها، فاحترام الخصوصية يسمح للمرء بالقيام بتلك العزلة دون ضغط.
اقرأ أيضًا: المسافات.. حدود تفصلك عن الهاوية
عدم الحاجة للتبرير
حيث يتيح للإنسان فعل ما يريد حتى وإن كان غريبا عن عادات وتقاليد المجتمع المحيط به، دون الحاجة لتبرير ذلك لمن حوله، لأن ذلك يعتبر في دائرة حياته التي لا يحق لأحد التدخل فيها.
اقرأ أيضًا: مجتمع بلا رحمة هو مجتمع أعوج
كيف نحترم خصوصية الآخرين؟
عزيزي القارئ هناك طرق كثيرة يمكن من خلالها أن تعود نفسك من خلالها على احترام خصوصية وحرية الآخرين.
طرق احترام الخصوصية:
أولا: التركيز على احترام الغير
يعتبر احترام الغير من أهم طرق احترام الخصوصية، من خلال تركيز الفرد أن الآخرين لديهم أفكار ومشاعر وأحاسيس، يجب عليك مراعاتها والحفاظ عليها وعدم تجاوز تلك الحدود ولو بالكلمات، ومعاملة الناس مثل ما تحب أن يتعاملوا معك.
ثانيا: الاستماع الجيد
فالاستماع إلى الآخر سمة مهمة للغاي، لأنها تدل على احترامك لنفسك وللشخص الذي يتحدث إليك، كما أن عدم مقاطعة المتحدث أثناء حديثه وإعطائه الفرصة للتعبير عن نفسه وأفكاره وإتاحة له المساحة الكافية لذلك، يجعل الشخص الآخر يحترمك ويوصل وجهة نظره دون التأثير أحد منكما على الآخر وذك يتحقق عن طريق الاستماع الجيد للآخرين.
ثالثا: الاستئذان
فعليك الاستئذان قبل التحدث مع شخص عن أمر شخصي، فإذا سمح لك بالحديث فعليك الحديث معه ولكن بحدود، وإذا رفض الحديث فعليك احترام ما يريده، لأنك لا تعلم ما يدور بداخله ولا تعلم إذا كان الحديث عن هذا الأمر قد يسبب له أوجاعا كثيرة كلما تحدث فيها مع أحد.
رابعا: عدم مراقبة الآخرين
فمن الأخلاق أن نحترم خصوصية الآخرين وذلك من خلال عدم التلصص عليهم ومراقبة حياتهم الشخصية وما يجري فيها، فهذه صفة مذمومة، وهي التدخل في أمور الآخرين.
خامسا: فهم لغة الجسد
فيجب على الإنسان أن يكون يقظا ويفهم ما قد يرسله الجسد من رسائل أثناء الحديث مع شخص آخر، فعندما تجد أن المرء قد بدأ يلتفت يميناً ويسارا أو يطوي ذراعيه أو لا يمنحك تواصلا نظريا، فهذا يعني أنه لا يشعر بالراحة بالحديث معك، لأنك قد تعتدى على مساحته الشخصية وتتدخل فيما لا يعنيك.
وفي نهاية مقالنا أريد أن أقول لنا جميعا إن حياة الإنسان وما بها من خصوصيات هي حقه وحده، ولا يحق لأي أحد مهما كانت صلته بالآخر أن يخترق تلك الخصوصية ويتجاوز حدوده، فكل إنسان من حقه أن يختار حياته وقراراته فالله -سبحانه وتعالى- قد خلق الإنسان وجعله حرا حتى في اختيار الدين ولم يخلقه مُسير بل بيَن لنا الله -سبحانه وتعالى- الخير والشر وترك للإنسان حرية اختيار ما يريد، فكيف لبشر أن يأتي بعد ذلك ويتصور أن له الحق في تقرير حياة شخص أو التدخل فيها، بأي وجه من الأوجه ومهما كانت علاقته بهذا الشخص؟!، ولقد قمت بتعريف مصطلح احترام الخصوصية، كما قدمت إليكم طرق احترام الخصوصية وأهميتها، وأرجو لكل إنسان التمتع بحياة هادئة بعيدة عن تدخلات الآخرين.
اقرأ أيضًا: فن الاحترام من القرآن والسنة