الفتوة بالمعنى العامي تعتبر البلطجي أما من مفهومها الأصلي فإنها تعبر عن الكرامة ونجدة الضعيف والدفاع عن المظلوم، وكان الخليفة الناصر في العصر العباسي الثاني الذي اشتهر باهتمامه بالفتوات وجعل نفسه كبير الفتوات، وجعل ليها نظامًا وخصص لها ملابس لا يرتديها إلا الفتوة، وفي عصر المماليك أصبح الفتوة لهم فريقا من المقاتلين ويتولون حماية التجار والأموال والناس في الشوارع وكانوا يأخذون مقابل الدفاع عن البشر، وفي نهاية بعض العصور تم تشكيل عصابات تقوم بالنهب في البيوت والأسواق.

ومن هنا بدأ الفتوات بتجميع فرق ومجموعات للدفاع عن مناطقهم وأحيائهم، وكان دورهم إنارة المصابيح والتفتيش وإغلاق البوابات، وأصبح لكل حي فتوة يحميهم بمقابل، وأثناء الحملة الفرنسية تم هدم البوابات.

الفرق بين الفتوة والبلطجي

  • وهنا نفرق بين البلطجي والفتوة حيث إنها تحمل صفات النبل والشهامة، أما البلطجي نقيض للفتوة في صفاته، ومن أشهرهم أسلحتهم وهي النبوت وقوته الجسمانية، والكل يتذكر جملة عاشور الناجي اسم الله عليه، وجملة الفنان محمود ياسين الشهيرة: “إن الحق مات والعدل مات لما مات عاشور الناجي” وقال ياما هد بالعدل من الأغنياء وأعطى الفقراء، وأنهى كلماته بالتحذير للحارة بقوله: “يا ويلكم من اللي هتعيشوا فيه يا حرافيش حارتنا”.

135 230233 egypt magnanimity occupation 4

الفتوة في السينما والأدب

  • ظهرت بشكل كبير في السينما حيث إنها تعتبر جزء أساسي من تاريخ مصر والسينما المصرية في وقت ما، ومن أشهر الفنانين الذين قاموا بتجسيدها ونجحوا فيه:
  • عادل أدهم، فريد شوقي، محمود المليجي، ذكي رستم، توفيق الدقن، فهم من أكبر عمالقة الفن لتجسيد الفتوة في السينما المصرية، وفي الحقيقة هم من أطيب الشخصيات التي تتمنى أن تكن مثلها.
  • أشهر عبارة قيلت في تاريخ السينما المصرية عن البلطجة كانت للمبدع توفيق الدقن في فيلمه الشيطان يعظ قال جملته المشهورة: “هو جرى إيه للدنيا الناس كلها بقت فتوات أومال مين هينضرب”.
  •  بدأت تظهر شخصية الفتوة في السينما المصرية في خمسينات القرن الماضي بأفلام الحرافيش وفتوات بولاق والشيطان يعظ وفتوة الناس الغلابة وفتوات درب العسال.
  • كل تلك الأفلام تناولت هذه الظاهرة بشكل سطحي للحصول على الربح، أما فيلم فتوات بولاق للفنان نور الشريف الذي كانت نهايته مأسوية فقد قام بتجسيده بشكل عميق.
  • كتب كثير من الأدباء عن الفتوات، منهم الأديب نجيب محفوظ في ملحمة الحرافيش.
  •  وأيضًا كتب الأستاذ سيد صديق عبد الفتاح كتاب تاريخ فتوات مصر، كتب فيه عن عصر البلطجة لمجموعة من الفتوات وقد فرضوا نفوذهم وأقاموا ديكتارية للفتوات، وذكر فيه أبو طاجن وهو من أشهر الفتوات في حي الناصرية وأحمد منصور ومرجان السقا.
  • وارتبط بعدها اسم الفتوة بأعمال البلطجة، فبدأوا بفرض النفوذ والبلطجة للحماية بمقابل.

اقرأ أيضًا: تاريخ البلطجة في مصر “1”

الفتوة لم تقتصر على الرجال فقط:

  • هذه الظاهرة لم تقتصر على الرجال فقط بل زاحمت النساء على اللقب، فالمرأة لها دور إيجابي وسلبي، فهي تدفع كدور الفنانة سهير رمزي وصفية العمري ونبيلة عبيد في فيلم الجوع والشيطان يعظ والحرافيش والمطارد.
  • عزيزة الفحل وعفيفي القرد من أشهر الفتوات في أحياء القاهرة، الفتوات كانوا جزءا من تاريخ مصر الحديث، خاصة التاريخ الشعبي في أحياء القاهرة.
عفيفي القرد

عفيفي القرد

  • فكان في حي “الناصرية” ثلاثة يتنازعون الحكم ويتقاسمون المجد، ينازعون بعضهم بعضا، وهم: أبوطاجن، وأحمد منصور، وحسن الأسود.
  • وتعتبر عزيزة الفحل من أشهر الفتوات في مصر.
عزيزة الفحل

عزيزة الفحل

انتهي عصر الفتونة الآن وليست مصر فقط من ظهرت بها هذه الظاهرة بل في الشام وسمي أباضاي أي الفتوة، وعند ظهورها كانت الشرطة في غياب واضح وقتها.

ولكن الآن أصبحت الشرطة هي الجهة الوحيدة التي تحافظ على الشوارع والتي لا تسمح للبلطجي بفرض سيطرته، ولكن هل تعتقد عزيزي القارئ أنه انتهى عصر البلطجة؟!

لا فالبلطجة أنواع لا حصر لها، منها: بلطجي لفكر خاطئ، بلطجي سطوة، بلطجي عمل، بلطجي طريق، بلطجي قله أخلاق، بلطجي تعليم، كل شخص بداخله بلطجي منتظر الفتوة من العلم والأخلاق والقيم والدين لتوعيته، لنكن فتوات الأخلاق والقيم وبنشرهم لن يظهر بلطجي الحياة مرة أخرى.

اقرأ أيضًا: تعرف على بلطجة المرأة في السينما

شاهد أيضًا: