جملة كَثُر تداولها خلال الفترة الماضية بعد زلزالي تركيا وسوريا الشديدين، والذي نجم عنهما عدة إصابات خطيرة منها ما يسمى بهذه المتلازمة: متلازمة هرس الأطراف، فما هي متلازمة الهرس؟ وهل تحدث إذا لم يكن هناك زلازل؟ وما أعراضها وكيفية علاجها؟ في هذا المقال سنخبركم بما تريدون معرفته عن متلازمة الهرس.

ما هي متلازمة الهرس (Crush Syndrome)؟

متلازمة الهرس، وتعرف أيضًا باسم متلازمة السحق أو الانحلال العضلي الرضي (Traumatic rhabdomyolysis)، هي حالة مرضية تنتج عن ضغط مستمر لفترة طويلة على الأنسجة العضلية بفعل قوة خارجية، سواءً كان هذا الضغط على العضلات العلوية أو السفلية من الجسم، وبسبب هذا الضغط الشديد يحدث خلل أو اضطراب وخروج محتويات الألياف العضلية مثل: البوتاسيوم والفوسفات والكرياتين والفوسفوكيناز وتنتشر في الدم، هذا الخلل في عمل العضلات قد يؤدي إلى ضرورة بتر الطرف المتضرر، أو الإصابة بقصور كلوي ومشاكل القلب.

ما هي متلازمة الهرس

أسباب متلازمة هرس الأطراف ولماذا تحدث؟

كما اتضح لنا فهو يحدث بسبب ضغط شديد طويل الأمد على العضلات، وتعد الزلازل أو القصف الحربي العامل الأهم الذي قد يؤدي إلى الإصابة بهذه المتلازمة، فقد يقع جسم ثقيل على الأشخاص إثرها، وهناك بعض العوامل الأخرى أيضًا، منها:

  • الإصابات شديدة الخطورة مثل: حوادث السيارات أو الحوادث المنزلية الناتجة عن سقوط قوي.
  • الكسور الشديدة التي تضغط الأنسجة العضلية بشكل كبير.
  • الضغط الطويل مثل: الجلوس أو البقاء على سطح صلب لفترات طويلة.
  • العمليات الجراحية التي تستغرق ساعات طويلة وتتطلب استخدام العضلات بشكل كثيف.
  • التجمع الدموي الزائد في الأنسجة المتأذية، وهذا يؤدي إلى زيادة الضغط عليها وتحرير المواد الضارة.
  • الحروق الكبيرة التي تؤدي إلى تلف جزء كبير من الأنسجة العضلية وتحرير المواد السامة.
  • التعرض للاهتزازات الشديدة، مثل تلك التي يتعرض لها الأشخاص الذين يعملون في البناء أو في مجال النقل.
  • الإصابات مثل: الفشل الكلوي أو القلبي، التي تؤدي إلى تجمع السوائل في الجسم.
  • تناول بعض الأدوية التي تؤدي إلى خلل في العضلات مثل الإيبوبروفين.

في الواقع بخلاف بعض الاضطرابات التطورية مثل متلازمة الشخص المتصلب، فإن متلازمة الهرس ترتبط غالبًا بالإصابات الجسدية الشديدة.

كيف يحدث الهرس داخل الجسم؟ (الآلية المرضية)

عند الضغط الطويل أو الشديد على العضلة يحدث نقص في التروية، ثم عند رفع هذا الضغط يحدث ما يعرف إصابة إعادة التروية (ischemia‐reperfusion injury)، إذ تتسرب المواد الضارة مثل الميوغلوبين والبوتاسيوم، مسببة:

  1. ارتفاع شديد في البوتاسيوم والذي قد يُسبب اضطراب ضربات القلب. 
  2. تسرب الميوغلوبين إلى الدم وعبر الكليتين، مما يؤدي إلى تلف الأنابيب الكلوية وحدوث فشل كلوي حاد. 
  3. تحفيز عملية الفِيرُوبتوسِس (ferroptosis) وهي نوع جديد من موت الخلايا مرتبط بزيادة الحديد والضغط التأكسدي. 
  4. اضطراب في الأملاح، انخفاض الكالسيوم، ارتفاع الفوسفات، وحماضية الدم. 
  5. تورم وانسداد الأنسجة مما يزيد الضغط ويُفاقم الأذية.

أعراض الهرس التي يجب الانتباه لها

تظهر العديد من الأعراض لدى الشخص المصاب بهذه المتلازمة، ومن أهمها:

  • الألم الشديد: حيث يشعر المصاب بآلام حادة في منطقة الإصابة بعد تحرير الضغط والثقل عنها.
  • تورم الأنسجة في منطقة الإصابة بسبب تسرب السوائل من الأنسجة التالفة إلى المناطق المحيطة بها.
  • تغير لون الجلد إذ قد يصبح لونه أسود أو أزرق أو بني في منطقة الإصابة، ويمكن أن يصل إلى تقرحات أو جروح.
  • عدم الإحساس أو الشعور بالأطراف المصابة أو بعض الأعضاء.
  • قلة التبول أو تغير لون البول إلى داكن أو لون الشاي (علامة على الميوغلوبين في البول). 
  • ارتفاع نبضات القلب أو خفقان ناجم عن ارتفاع البوتاسيوم.
  • في الحالات المتقدمة: فقدان الوعي، انخفاض ضغط الدم، الحمى، القيء.

أما كيف تعرف أن شخصًا ما يعاني من متلازمة السحق؟ فوجود تاريخ تعرض للضغط/سحق أو بقاء الشخص تحت الأنقاض/سقوط، مع أحد أو أكثر من هذه الأعراض، ينبغي أن يثير الشك على فور.

أعراض متلازمة الهرس

مضاعفات متلازمة الهرس إذا لم يتم العلاج سريعًا

هناك مضاعفات خطيرة تحدث بسبب متلازمة الهرس إن لم يتم العلاج بشكل سريع وصحيح، ويمكن أن نذكر بعضاً منها هنا:

  1. انخفاض ضغط الدم.
  2. فشل كلوي: قد يؤدي تسرب السوائل المفاجئ من العضلات إلى حدوث تسمم يفوق قدرة الكلية على إطراح النفايات الخلوية. 
  3. اضطرابات في عمليات الأيض، مثل انخفاض الكالسيوم وارتفاع البوتاسيوم في الدم، ما يسبب تسارع ضربات القلب، وتوقفه. 
  4. الجلطات الدموية: بعد تحرير الضغط الواقع على العضلات قد تحدث جلطات دموية بالأخص في الأوعية الدموية الدقيقة، مما يؤدي إلى انتقال بعض الخثرات الدموية إلى الشرايين الرئوية.
  5. حدوث العدوى والالتهاب بسبب تسرب البكتيريا من الأنسجة المتضررة إلى الصالحة.

وقد تكون بعض الحالات الشديدة عرضة للبتر.

علاج متلازمة الهرس وفق آخر التوصيات الطبية

من المهم علاج الشخص المصاب في أسرع وقت ممكن، وذلك للتقليل من معدل الوفيات، والتقليل من مضاعفات المتلازمة، لذلك أول الإجراءات التي يجب عملها للمريض هي إجراءات الإنعاش المتقدمة، وتشمل:

  • التأكد من فتح القناة الهوائية.
  • التأكد من عملية التنفس.
  • التأكد من الدورة الدموية.
  • إجراء الفحص العصبي البدائي للتأكد من القدرة على تحريك الأطراف.
  • البحث عن إصابات أخرى، والحفاظ على درجة حرارة الجسم.
  • عندما يصل المريض إلى المستشفى، من اللازم إعطاؤه سوائل كبيرة في الساعات الأولى بعد الإصابة (الكمية التي ينصح بها حديثًا هي إعطاء محاليل بلورية سريعة قبل إزالة الضغط عن المريض) لضمان تدفق البول 100–200 مل/ساعة. 
  • مراقبة مستمرة للعمليات الحيوية ومؤشرات الكلى والبول.
  • استخدام علاجات متقدمة مثل مضادات الأكسدة، الأكسجين تحت الضغط العالي (Hyperbaric Oxygen)، وإعادة التأهيل (Physical & Social Rehab) قد يحسن النتائج. 
  • في الحالات الشديدة: يحتمل بتر الطرف المتضرر لتجنب المضاعفات.

لا تنسَ أن العلاج الشامل لا يقتصر فقط على العضلات أو الكلى، بل يشمل الدعم النفسي والاجتماعي وإعادة التأهيل.

علاج متلازمة الهرس

الإسعافات الأولية لمصاب الهرس قبل نقل المريض

  1. تثبيت المصاب وعدم تحرير الضغط على الطرف فجأة من دون تدبير السوائل.
  2. إعطاء محلول ملحي بلوري اعتبَر الأكثر فعالية: 1 لتر/ساعة على الأقل قبل إزالة الضغط، ثم مراقبة البول. 
  3. مراقبة نبض القلب، ضغط الدم، الأكسجة.
  4. نقل سريع إلى مركز طوارئ مجهز.

كيفية الوقاية من متلازمة الهرس في الحالات اليومية والكوارث

  • تجنب الضغط المباشر على الأنسجة لفترات طويلة، وتغيير الوضعية بشكل دوري.
  • استخدام وسائل الوقاية الشخصية في مواقع البناء أو النقل.
  • تدريب فرق الإنقاذ على التدخل السريع وإسعاف المصابين تحت الأنقاض أو تحت الضغط.
  • شرب السوائل بانتظام للحفاظ على ترطيب الجسم.
  • ممارسة الرياضة بانتظام لتحسين قوة العضلات.
  • في زمن الكوارث، وضع خطط إسعافية سريعة تشمل التدخل قبل وبعد تحرير الضحايا للحد من انتشار متلازمة هرس الأطراف.

الفرق بين متلازمة الهرس وأنواع الانحلال العضلي الأخرى

بخلاف اضطرابات مثل متلازمة أسبرجر التي تؤثر على التواصل والسلوك الاجتماعي، أو اضطراب الانحلال العضلي الوراثي الذي يتطور تدريجيًا، فإن متلازمة الهرس حالة طوارئ طبية ترتبط مباشرة بتعرّض شديد للعضلات والأنسجة تحت ضغط أو سحق، وهي ليست تطورية بل فجائية وتتطلب تدخلًا عاجلًا.

في هذا المقال قدمنا لك معلومات شاملة عن متلازمة الهرس أو سحق الأطراف: ما هي؟ أسبابها؟ أعراضها؟ وآليات تشخيصها وعلاجها والوقاية منها، حيث إن الوعي بهذه الحالة الطارئة يمكن أن يُنقذ حياة شخص تعرض لحادث أو ضغط شديد على أحد أطرافه، شارك هذا المحتوى مع آخرين ليستفيد الجميع، وابقِ على اطلاع دائم بآخر التوصيات الطبية.

كتبت: مريم فكري.

الأسئلة الشائعة حول متلازمة الهرس

ما هي متلازمة هرس الأطراف؟

هي حالة طبية طارئة تنتج عن ضغط شديد ومُطول على عضلات أحد الأطراف، مما يؤدي إلى تحرير محتويات الألياف العضلية في الدم وحدوث مضاعفات خطيرة.

ما هي متلازمة هرس؟

نفس الحالة تقريبًا، إذ تُرجَم بالإنجليزية Crush Syndrome، وتُعرف أيضًا متلازمة السحق أو الانحلال العضلي الرضي الناتج عن ضغط مباشر أو مدة طويلة من الضغط على الأنسجة.

ما هي أعراض متلازمة الهرس؟

تشمل الألم الشديد، التورّم، تغير لون الجلد، قلة التبول أو لون البول الداكن، خفقان القلب، اضطراب النبض، وفي الحالات المتقدّمة فقدان الإحساس أو ضعف الحركة، وقد يؤدي إلى فشل كلوي أو اضطراب قلبي.

كيف تعرف أن شخص ما يعاني من متلازمة السحق؟

إذا كان هناك تاريخ مُعرض فيه للشخص لضغط كبير على أحد الأطراف (مثال: زلزال، انهيار، حادث صناعي)، وبعد إزالة هذا الضغط ظهرت عليه أعراض مثل الألم الشديد، التورّم، لون البول الداكن، واضطراب ضربات القلب، فالأرجح أن يكون مريضًا بـ متلازمة الهرس ويجب النقل للطوارئ فورًا.