المنازل الدمشقية.. عندما يسكن الإنسان في قارورة عطر

المنازل الدمشقية

المنازل الدمشقية

تتميز العاصمة السورية دمشق بالكثير من الأماكن الأثرية والسياحية الجميلة التي تغنى بجمالها الشعراء والزوار، وأكثر ما يجذب السياح في دمشق هي المنازل الدمشقية القديمة التي تعكس جمال دمشق القديمة خلال جدرانها، وتمنح شعور الحب والانتماء لكل زائر يزورها بتصميماتها المتميزة.

المنازل الدمشقية من حيث التصميم:

تحتفظ المنازل الدمشقية بأصالة التصميم مهما اختلف حجمها، إن كانت بيوتًا سكنية أو قصورًا فارهة، حيث يوجد بعض العناصر التي تتحكم بالهندسة الداخلية للمنزل مثل: المساحات، واختلافات كبيرة من الزينة، كالزخارف والرسوم التي تتزين بها المنازل الدمشقية الكبيرة المعروفة بالقصور الشامية، حيث تعرض واجهة المنزل الدمشقي النموذجي الجدران والباب فقط، ولكن بمجرد الدخول إلى الداخل، ينفتح الضيف على جمال وثراء العمارة الدمشقية، فقد تم التخطيط بعناية لتصميم وتخطيط وموضع كل عنصر.

الفناء في المنازل الدمشقية

عند دخول الضيوف من باب المنزل يصلون إلى الفناء، يوجد به نافورة ساحرة الجمال تحجب الضجيج من الخارج وتساعد على تبريد الهواء أثناء فصل الصيف، ويعطي صوت الماء المتدفق منها لحنًا دمشقيًا طبيعيًا نادرًا يعطي شعورًا بالاسترخاء والسكينة للسامعين.

اقرأ أيضًا: قصر السكاكيني.. تحفة إيطالية على الأراضي المصرية

وصف الإيوان في المنازل الدمشقية:

يوجد في المنزل الدمشقي غرفة بجدار واحد مفتوح يواجه الفناء تدعى الإيوان، وفي بعض الأحيان يصل ارتفاعه إلى طابقين، وهو المكان الذي تجلس فيه العائلات للاستمتاع بإطلالة هادئة على الفناء.

الإيوان في المنازل الدمشقية

وفي بعض البيوت الكبيرة كان يوجد إيوانان أحدهما للمكوث به أثناء فصل الصيف يأخذ الجهة الجنوبية احتماءً من أشعة الشمس الحارة، وآخر للمكوث به في الشتاء للاستمتاع بأشعة الشمس ويكون مواجها للجهة الشمالية.

ويوجد فوق كل إيوان عادة سقف خشبي مزين بأسلوب أجنبي، ويشتمل هذا النمط من الزخرفة على زخارف نباتية جميلة وتصميمات وأنماط هندسية ونقوش شعرية أو أمثال، كما يعكس جودة الديكور الحالة الاقتصادي للمالك.

أقسام المنزل الدمشقي:

يقسم المنزل الدمشقي إذا كان كبيرًا إلى ثلاثة أقسام وهي السلاملك والحرملك والقاع:

1-غرفة الطابق الأرضي وهي السلاملك لاستقبال الضيوف طوال الليل، وعادة يكون الضيوف من الرجال.

2-الحرملك وهي غرف الطوابق العليا لأفراد الأسرة والنساء، وحفاظًا على خصوصية أهل المنزل لا توجد نوافذ مطلة على الشارع، وتخصص النوافذ الكبيرة بإطلالة فريدة على فناء المنزل، وعادةً يتم تزيين النوافذ بقطع من الزجاج الملون، الذي يحول ضوء الشمس إلى أضواء تسر الناظرين.

الحرملك في البيوت الدمشقية

3-غرفة الضيوف التي تدعى القاع وهي الغرفة الأكثر اهتمامًا من قبل سكان المنزل لاستخدامها في استقبال الزوار، وتتمتع بالزخرفة الأجمل من غرف المنزل، حيث تعرض مظاهر الترف لدى سكان المنزل أمام الزوار.

ولا يكتمل سحر البيت الدمشقي دون وجود حديقة فيها دالية عنب تزين الفناء، والعديد من الزهور التي تعبق رائحتها أرجاء المنزل، حيث تعتبر شجرة الياسمين الزهرة الأكثر انتشارًا في أي منزل دمشقي، ويوجد أيضًا نبات المجنونة أو الجهنمية، ولا يكتمل جمال الحديقة إلا بوجود الورد الجوري.

بماذا بنيت المنازل الدمشقية؟

بنيت معظم المنازل الدمشقية من الحجر الجيري الأبيض، وجميعها أخذت من جنوب دمشق، وعادة ما يتحول لونها إلى اللون الرمادي بمرور الزمن، وكان كل منزل منعزل تمامًا عن العالم الخارجي وعن جيرانه المباشرين نوعًا ما، فلا توجد نوافذ تطل على الشوارع، ولا يمكن لأي جيران أن ينظروا إلى المنزل أو فوقه، احترامًا لخصوصية الأسرة وحفاظًا لها، ترتفع الجدران، وتوجه المداخل بعناية، وتغطي الأشجار والنباتات المساحات المفتوحة.

وكان قاطنو هذه المنازل الدمشقية يعيشون في رغد جنان الأرض الصغرى، ووصف شاعرنا الكبير نزار قباني الذي ترعرع في منزل دمشقي العيش في هذه البيوت كالعيش في زجاجة عطر، ويظهر هذا متمثلًا في قوله: “هل تعرفون ما معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر؟ بيتنا كان تلك القارورة”.

اقرأ أيضًا: مسجد السلطان الظاهر بيبرس وحكاية صاحبه

كتبت: هبه حماده.