نزار قباني

قمرنا الدمشقي الجميل الشاعر السوري الكبير نزار قباني أكمل عامه المئة، متممًا مسيرة شعرية متميزة ونجاحًا باهرًا لم يسبقه فيه أحد ولم يلحق به أحد، ولد نزار في دمشق القديمة في حي يدعى مئذنة الشحم بتاريخ 21 مارس عام 1923م، في منزل دمشقي أصيل تعبق به رائحة الياسمين، في عائلة يسودها جو المحبة والألفة.

الحياة العلمية والعملية للشاعر نزار قباني:

درس نزار قباني في الكلية العلمية الوطنية وأنهى المرحلة الدراسية الابتدائية والثانوية منها في دمشق، وكانت هذه الكلية ذات نهجٍ دراسيٍ حديث، إذ كانت اللغة الفرنسية هي اللغة الثانية، تركت هذه المدرسة أثرًا كبيرًا في نفس نزار حيث اطلع على الثقافة الأوروبية وبخاصة الأدب الفرنسي.

حياة الشاعر نزار قباني العلمية والعملية
حياة الشاعر نزار قباني العلمية والعملية

درس نزار في كلية الحقوق منذ عام 1941م وحتى عام 1945م، وعمل في السلك الدبلوماسي في وزارة الخارجية بعد تخرجه من كلية الحقوق، وعُين سفيرًا للعديد من دول العالم مثل القاهرة ولندن وإسبانيا، وفي عام 1966م ونتيجة حبه الكبير للشعر؛ استقال من عمله كدبلوماسي واستقر في لبنان وأنشأ دار نشر خاصة به أسماها (منشورات نزار قباني).

اقرأ أيضًا: 5 معلومات قد تعرفها لأول مرة عن الشاعر بيرم التونسي في ذكرى وفاته

الحياة العاطفية وزواجه:

في عام 1948م تزوج من سيدة دمشقية تدعى زهراء آقبيق وأنجب منها ابنه توفيق وابنته هدباء، توفي ابنه توفيق وهو في ريعان شبابه وحزن عليه نزار حزنًا شديدًا ورثاه في قصيدة عنوانها (الأمير الخرافي) أما هدباء فقد وافتها المنية بعد وفاة والدها بعدة سنوات.

السيدتان زهراء آقبيق وبلقيس الراوي
السيدتان زهراء آقبيق وبلقيس الراوي

وفي أمسية شعرية بسبعينات القرن الماضي تعرف على سيدة عراقية تدعى بلقيس الراوي ووقع نزار في حبها وتزوجها، وأنجب منها عمر وزينب وفي يوم من الأيام كانت على رأس عملها في السفارة العراقية ببيروت وحدث انفجار مروع وراحت بلقيس ضحية هذا الانفجار، ورثاها نزار بقصيدة أسماها (بلقيس) وكل من سمع وقرأ هذه القصيدة حزنوا على حزن نزار.

لماذا لُقبَ بشاعر النساء؟

نتيجة تأثره الشديد بالمرأة لُقب بشاعر النساء، فقد وصفها بأعذب وأرق الكلام، كانت دائمًا في كتابته الأم الطيبة، والحبيبة الغالية، والزوجة الرقيقة، والطفلة المدللة، وكتب فيهن أعذب الأشعار المتجلية بالحب والغزل.

رحلة البحث عن الذات:

تنقل نزار بين أنواع الفن المختلفة باحثًا عن هوايته الضائعة، من عمر الخامسة حتى عمر الثانية عشر كان يحب الرسم، وبعد عامين اتجه إلى الموسيقى تعلم العزف على آلة العود، لكن تلاشت هذه الاتجاهات بسرعة واتجه للشعر وبعد عامين وأثناء رحلة مدرسية إلى إيطاليا كتب أول قصيدة وهي (قالت لي السمراء) وكانت عنوان أول ديون شعري صدر له في عام 1944م، وقد أحدثت جدلًا كبيرًا بين القراء في مجتمع متحفظ، وانتشرت إشاعات على أنه شاعر إباحي، ونتيجة تأثره الكبير بالرسم مزج بين الشعر والرسم وأصدر ديوانًا شعريًا أسماه (الرسم بالكلمات) عام 1966م.

ديوان الرسم بالكلمات
ديوان الرسم بالكلمات

تحول قصائده إلى أغاني:

كانت أشعاره مميزة ولافتة ذات كلمات متألقة ومتفردة مضافًا إليها لحنًا عربيًا ساحرًا يصنع منها أغاني عربية ذات وقعٍ جميل في القلب ولطيف على الأذن، إذ صنع من أشعاره لوحات فنية ساحرة بحناجر ذهبية لفنانين عرب كبار، كالعندليب الأسمر عبد الحليم حافظ عندما غنى قارئة الفنجان، وأحدث نجاحًا باهرًا بهذه الأغنية وما زالت جميلة إلى يومنا هذا، وماجدة الرومي التي غنت قصيدة كلمات بكل رقة وجمال، وكان لكاظم الساهر النصيب الأكبر من الأشعار وأطلق عليه نزار لقب (قيصر الأغنية العربية) لشدة حبه أشعاره بألحان وصوت كاظم، فغنى إني خيرتك فاختاري، زيديني عشقًا، مدرسة الحب، قولي أحبك، حافية القدمين، صباحك سكر، وغيرها العديد من الأشعار.

مسلسل نزار قباني:

تكريمًا لمسيرته الشعرية الغنية بالإبداع تم إنتاج مسلسل باسم نزار قباني في عام 2005م، وجسد شخصيته الفنان تيم حسن بمرحلة الشباب والفنان سلوم حداد في شيخوخته، وقامت الفنانة أصالة بغناء شارة البداية وهي (القصيدة الدمشقية) من كلمات الشاعر الراحل.

رحل نزار قباني عن عالمنا تاركًا موسوعة كبيرة من القصائد المتنوعة بتاريخ 30 أبريل عام 1998م إثر أزمة قلبية في مدينة لندن ببريطانيا، وحسب الوصية تم نقل جثمانه من لندن إلى دمشق، بطائرة سورية أرسلت خصيصًا من أجله، وتم تشييع جثمانه في موكب مهيب من المشيعين في الجامع الأموي إلى مقبرة الباب الصغير ليواري مثواه الأخير، قائلًا عن دمشق: “الرحم الذي علمني الشعر، الذي علمني الإبداع والذي علمني أبجدية الياسمين”.

اقرأ أيضًا: شوقي حجاب.. شاعر الأحاسيس العربية العميقة

كتبت: هبه حماده.