أحمد بن طولون

في ذكرى ميلاد أحمد بن طولون، مؤسس الدولة الطولونية في مصر والشام، كان ذا شخصية فذة، تميزت بالذكاء والحكمة والقدرة على القيادة، كما كان تقيًا ورعًا، محبًا للعلم والثقافة، في هذا المقال، سنتناول إنجازاته خلال فترة حكمه، وتأثيره على تاريخ مصر والشام.

نشأة أحمد بن طولون:

ولد أحمد بن طولون في بغداد عام 220 هـ/835 م، وكان والده طولون مملوكًا من قبيلة التغزغز التركية، أهداه الخليفة العباسي المأمون إلى ابنه الخليفة المعتصم.

نشأة أحمد بن طولون
نشأة أحمد بن طولون

بداية حياته المهنية:

بدأ أحمد بن طولون حياته المهنية كوكيل لوالده، الذي كان واليًا على مصر من قبل الخليفة العباسي، وبعد وفاة والده عام 240 هـ/854 م، تولى بن طولون ولاية مصر بنفسه.

بداية حياة أحمد بن طولون المهنية
بداية حياة أحمد بن طولون المهنية

استطاع أحمد بن طولون أن يفرض سيطرته على مصر، وأعلن استقلالها عن الخلافة العباسية عام 254 هـ/868 م، وبذلك أصبح أول حاكم مصري مستقل منذ الفتح الإسلامي.

اقرأ أيضًا: 823 عام على رحيل الشارح الأعظم ابن رشد

إنجازات بن طولون:

قام ابن طولون بالعديد من الإنجازات خلال فترة حكمه، منها:

  • بناء مدينة القطائع، عاصمة دولته الجديدة.
  • بناء مسجد أحمد بن طولون، أحد أشهر المساجد في مصر.
  • إصلاحات إدارية وعسكرية ومالية.
مسجد أحمد بن طولون
مسجد أحمد بن طولون

تأسيس الدولة الطولونية:

بعد دخول الأتراك إلى قلب الدولة العباسية وتوليهم المناصب الكبرى، كان بايكباك التركي من أهم العناصر التركية والذي ظهر على المسرح السياسي بعد الصراع الذي قتل فيه الخليفة المُستعين بالله وتولية المُعتز بالله، وكان هذا القائد التُركي من أبرز التُرك الذين قادوا هذا الصراع فأعطى المُعتز بايكباك أعمال مصر ونواحيها ولكنه خشي مُغادرة بغداد حتى لا يتم عزله وأراد ان يبقى قريبًا من مركز الخلافة ليشارك في اتخاذ القرارات، ولهذا أناب عنهُ أحمد بن طولون في حكم مصر، وقد اختاره لما عُرف عنه من حُسن السيرة والخلق، بعد ذلك سار ابن طولون إلى مصر ودخلها يوم الأربعاء 7 رمضان 254 هجرية الموافق 15 سبتمبر 868م.

اقرأ أيضًا: خالد بن الوليد..موطد سلطة الخلافة الراشدة

وكان نظام الحكم آنذاك أن يتولَّى السُلطة في مصر أكثر من شخصٍ حتى يُراقب كل منهم الآخر، فكان عامل الخِراج (الضرائب) هو أحمد بن مُحمَّد بن المُدبِّر صاحب السيرة السيِّئة في المُجتمع المصري بسيب شدَّته وقسوته، وهو من دُهاة الناس وشياطين الكُتَّاب، وكان شُقير الخادم على البريد، وكان بكَّار بن قُتيبة في القضاء، وإسحق بن دينار في الإسكندرية، واستقر أحمد بن طولون في الفسطاط ولكن مصالحه تصادمت مع هذه القوى.

فساءت علاقته بابن المُدبِّر الذي حاول رشوته بِعشرة آلاف دينار، ولكن ابن طولون رفضها وردها وعرف ابنُ المُدبِّر أنَّهُ أمام رجلٍ طموحٍ يمكن ان يكون خطرًا عليه، فبدأ في تخطيط المُؤامرات للتخلُّص منه أو إبعاده عن مصر، فأرسل تقريرًا إلى مقر الخلافة قال فيه إن أحمد بن طولون رجلٌ لا يُؤتمنُ على ولاية مصر ولا على طرفٍ من أطرافها وأنه ينوي الخروج عن الخلافة والاستقلال بِمصر.

تأسيس الدولة الطولونية
تأسيس الدولة الطولونية

واجه أحمد بن طولون وضم إليه بعض التجار في مصر والعراق واستخدمهم لإقناع أولي الأمر في بغداد بالمال والهدايا، ونجح بالفعل في ذلك واستمر في حُكم مصر على الرغم من كثرة المكائد والمؤامرات ضده، وبهذا الأُسلوب السياسي كشف ابن طولون أعداءه وقرر التخلص منهم حتى ينفرد بالساحة السياسية، وبالفعل تم له ذلك.

وساعدت الظروف السياسية المضطربة في بغداد ابن طولون على تثبيت أقدامه في مصر، بعد ذلك تعاقب الولاة الأتراك على حكم مصر حتى تولي بارجوخ الوالي التركي حكم مصر وبعد وفاة بارجوخ في سنة 259هـ سنة 873 م، وهو صاحب إقطاع مصر الذي كان أحمد بن طولون يحكُمه بالنيابة عنه أصبح ابن طولون حاكم مصر الشرعي من قِبل الخلافة مُباشرةً، وكان هذا العام هو عام تأسيس الإمارة الطولونية.

وفي سنة 263هـ سنة 877 م، أرسل المُعتمد إلى أحمد بن طولون رسالة يطلب منه إرسال خراج مصر، فرد عليه قائلًا: “لستُ أُطيقُ ذلك والخراجُ بِيد غيري”، فما كان من المُعتمد إلَّا أن أعطاه خراج مصر وولاه إمارة الثغور الشامية بعد اضطراب أوضاعها، فأصبح ابن طولون بذلك حاكم الديار المصرية كلها والمشرف العام على جميع أعمالها العسكرية والإدارية والقضائية والمالية، وقام بصك عملة الدينار الأحمدي رمزًا لهذا الاستقلال، وبذلك تم إعلان الدولة الطولونية أول الدول المستقلة عن الدولة العباسية، وأول تجربة حكم محلي تحكم مستقلة عن حكومة الخلافة العباسية المركزية، بعد ذك تعاقب عليها عدد من أفراد أسرة ابن طولون حتى تم إنهاء الدولة الطولونية على يد محمد بن سليمان الكاتب.

اقرأ أيضًا: بدر الدين الجمالي..القاضي على الشدة المستنصرية

وفاته:

توفي أحمد بن طولون في 10 ذو القعدة 270 هـ الموافق 10 مايو 884 م، ويقال إن سبب موته أن خادمه وكان اسمه يازمار استطاع أن يستولى على حكم طرطوس التابعة لحكم بن طولون، وقام بالقبض على نائب بن طولون فيها، وقام بالعصيان عليه وأظهر له العداوة، فجمع أحمد بن طولون الجنود وسار إليه، فلما وصل إليه أرسل إليه رسالة فلم يلتفت إلى رسالته.

فسار إليه ابن طولون وحاربه وحاصره ولكن يازمار اخترق نهر البلد على موقع جنود ابن طولون، فكاد الناس يهلكون، فرحل أحمد بن طولون يملأه الغيظ، وأرسل إلى يازمار قائلًا: “إنني لم أرحل إلا خوفًا أن تنخرق حرمة هذا الثغر فيطمع فيه العدو”، ثم عاد إلى إنطاكية ومرض بشدة وكان الأطباء يعالجونه ولكن لم ينجح الدواء فتوفي، وخلفه من بعده ابنه خمارويه الذي أطاعه القادة، ولكن نائب أبيه بدمشق أعلن العصيان عليه، وقد أهتم بالجيش اهتمامًا كبيرًا ولذلك لقب بأبي الجيوش.

هكذا عزيزي القارئ، تناولنا بعضًا من المعلومات عن الدولة الطولونية والتي تمثل مرحلة هامة من للتاريخ المصري الإسلامي، وتثبت أن مصر والمصريين لا ولم ولن يتم قهرهم أبدًا لأنهم محفوظون بحفظ الله لهم.

اقرأ أيضًا: الخليفة المثمن

كتبت: سحر علي.