كيف يرسم الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء قصة نجاحهم؟

الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء

الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء

الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء، مشروع الأسرة الأول أبناؤنا هم أكبادنا التي تمشي على الأرض، وهم العضد والسند على المستويين الأسري والمجتمعي، فأبناء اليوم هم شباب ورجال الغد، ويمكن اعتبارهم من أهم أسلحة الدولة، وطريقها للمستقبل والغد الواعد، على سواعدهم الفتية نعتمد من أجل تحقيق التقدم والنهضة، ومن هنا جاءت أهمية الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء لأنه مشروع الأسرة الأول.

كيفية الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء؟

في حوار تم إجراؤه مع دكتورة هالة يسري أستاذة علم الاجتماع والخبيرة التنموية قالت فيه: “يجب النظرة للاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء، ويكون ذلك من خلال إعدادهم وتجهيزهم بالعلم والمعرفة والمهارات التي تؤهلهم جيدًا ليس فقط لسوق العمل، ولكن في ساحات الحياة المختلفة، والاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء لا يقصد به فقط ما يتعلق بالنواحي المادية والإنفاق، ولكن أيضًا في التربية والتعليم والجهد والوقت الذي يقضيه الآباء والأمهات مع أبنائهم.

كيفية الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء؟

وكذلك تقديم الخبرات والتجارب الإيجابية والسلبية لهم حتى يتم إعدادهم بشكل صحيح لمواجهة تحديات الحياة والمستقبل، وهناك الكثير من الآباء ينفقون الكثير من الأموال ويعتقدون أن هذا هو منتهى العطاء، لكن ذلك لا يغني عن وجود الأب والأم وتواجدهم في حياة أبنائهم ليشعروا معهم بالأمان والمرجعية الصادقة الأمينة التي لا يمكن لأحد غيرهم إعطاءها، لأن الأبناء إذا وجدوا الحب والعطاء فسوف ينشؤون مواطنين صالحين لأنفسهم ولأسرهم وبلدهم”.

اقرأ أيضًا: فن التربية.. 9 نصائح لتحقيق تأثير إيجابي في نمو طفلك

لا تبنِ لابنك بل ابنيه هو نفسه:

عندما تسأل نفسك ما هو الأفضل لأبنائك، أن تترك لهم رصيدًا في البنوك، أم تترك لهم عقارات يبيعونها ليبدؤوا بها حياتهم، أم تترك لهم شركات ومؤسسات تحميهم من شر الزمن، أم تنفق قيمة كل ذلك على تعليمهم وتأهيلهم، أم تحاول أن تفعل كل ذلك معًا؟

لا تبنِ لابنك بل ابنيه هو نفسه

إنه السؤال الصعب الذي يواجه الآباء، لأن الأسرة هي المصنع الحقيقي الذي ينتج البشر، ومن هنا جاء مصطلح الاستثمار في الموارد البشرية والبشر، فالإنسان كائن متكامل بما لديه من أفكار ومشاعر وأحاسيس، وليس كما ينظر إليه البعض نظرة خارجية على أنه زوج من الأيدي والأرجل فقط، لذلك نعتبر الاستثمار في الموارد البشرية كالاستثمار بالأموال، ولكن ليس بضخ النقود فقط، ولكن بالوقت وإعطاء فرصة للتعلم وتصحيح الأخطاء، وهذا نوع من الاستثمار غير المباشر.

أهم طرق الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء:

الاستثمار في التعليم:

اتفق الكثير من العلماء والباحثين على أن أفضل أنواع الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء، هو الاستثمار في التعليم، لأن الإنسان هو المحور الأساسي للإبداع والاختراع وهو أهم قيم الحياة، وهناك اعتقاد خطأ عند كثير من الآباء أن الاستثمار في التعليم يعني اختيار مدرسة أو جامعة باهظة الثمن دون الاهتمام بجوانب وتفاصيل أخرى في حياة الأبناء.

الاستثمار في التعليم

وهي أن نستثمر أبناءنا نفسيًا وجسديًا وفكريًا ومعنويًا وليس مجرد المناهج الدراسية ليشمل هذا الاستثمار كافة جوانب الحياة، ودون إهمال أن التعليم الجيد هو أفضل طرق الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء، ولكنه ليس الطريقة الوحيدة، فما قيمة شخص تعلم جيدًا ولكنه شخصية لا تصلح لمواجهة الحياة ومصاعبها.

اقرأ أيضًا: التربية الإيجابية… إليك 4 خطوات لتطبيقها بشكل صحيح

تنمية الهوايات:

للأسف ينظر بعض الآباء إلى هوايات أبنائهم على أنها ترف ومضيعة للوقت، ويقفون حاجزًا أمام تنميتها وتطويرها، وقد يعتقدون أن هوايات مثل الموسيقى أو الرياضة أو الرسم ليس لها قيمة لأبنائهم وتشغلهم عن دراستهم وعن بناء مستقبلهم، ولكن هذا الفهم خاطئ تمامًا، حيث أن تنمية هوايات الأبناء أحد أهم الطرق لتعليمهم وتطوير طرق تفكيرهم وتقوية ثقتهم بأنفسهم.

تنمية الهوايات

وقد أكدت دراسة حديثة أن تعلم الموسيقى مثلًا ينمى ملكات التفكير؛ لأن حجم الخلايا الذهنية في أثناء تعلم العزف يزداد، ولهذا يجب على الآباء أن يكونوا متعلمين منفتحين مع الحفاظ على عاداتنا وتقاليدنا الدينية والمجتمعية.

التفكير الناقد:

في إطار التعليم يجب أن نسمح للأبناء بتكوين التفكير الناقد الذي يعطيهم مفاتيح الحل لمشكلات الحياة وصعوباتها، فإذا استطاع الآباء تنمية هذا التفكير، لا يهم حينئذ أي المجالات سوف يدرسون، لأنهم سيكونون قادرين على تكييف هذه الدراسة لتخدم حياتهم العملية عن طريق ابتكارات جديدة تساعد في تطوير حياتهم وتنعكس بشكل إيجابي على المجتمع.

التفكير الناقد

فتعلم مهارة حل المشكلات والتعامل مع التغييرات التي تحدث في المجتمع أهم من مجال الدراسة نفسه، فالدراسة ما هي إلا جواز سفر للشخص وليس ضروريًا التقيد بها، وإنما الفرصة الحقيقية في الإبداع و التطوير.

اقرأ أيضًا: تربية الأبناء… وما هي أهم 8 قواعد للتربية؟

وقت لأبنائك:

الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء لا يكون بالمال فقط ولا بتقديم الفرص فقط، بل يجب أن يكون بالوقت، فبإمكانك مثلًا تخصيص ساعة في الشهر لكل ابن من أبنائك، تخرج معه منفردًا، تستمع له وتتعرف على مشكلاته وهمومه، وتعطيه جزءًا من خبراتك التي تتوافق مع زمانه ومع طبيعته وظروفه.

وقت لأبنائك

وفي نفس الوقت تحصل أنت منه كأب على المردود الخاص بإدارة شئون الأسرة، أين أخطأت و أين أصبت، فأنت بذلك تشعره بأهميته بالنسبة إليك، وتعلمه أساليب جديدة للتواصل مع ذاته ومع الآخرين، ويجب اعتبار الأسرة مشروعًا استثماريًا يحتاج إلى إدارة جيدة وفعالة، خاصة وأن نسب الطلاق قد تجاوزت 30% في بعض الدول العربية.

استيقظ قبل فوات الآوان:

ظروف الحياة وتسارع عجلة الزمن، فرضت حالة من التباعد بين أفراد الأسرة، لكن هذا ليس مبررًا لعدم إعطاء الوقت الكافي لحياتنا الأسرية، فقد نستيقظ بعد فوات الآوان أو بعد حدوث كارثة أو مصيبة كبيرة ونحن منشغلون بتفاصيل صغيرة وغير مهمة، لهذا يجب أن نكون على تواصل وعلم دائمين بكل التفاصيل التي تحيط بأبنائنا خاصة وبالأسرة كلها على وجه العموم.

استيقظ قبل فوات الآوان

بعض الدكتاتورية مطلوبة أحيانًا:

من أهم شروط الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء، يجب على الآباء أحيانًا وضع قواعد عامة لسلوك الأبناء، ويجب شرح هذه القواعد ومبرراتها التي تخدم مصلحة الأبناء، وكما أن الإقناع هام وضروري في الحوار بين الآباء وأبنائهم، فإن الديكتاتورية  مطلوبة أيضًا في بعض الحالات.

بعض الدكتاتورية مطلوبة أحيانًا

فمثلًا مشاهدة التلفاز يجب أن تكون مقننة، وكذلك أوقات الفراغ يجب شغلها بما هو نافع ومفيد كتنمية الهوايات، كذلك يجب أيضًا الجلوس مع الأبناء وتصفح مواقع الإنترنت التي يحبونها وتوجيههم لمواقع مفيدة تساعد في تنمية قدراتهم المعرفية، مع إدراك أن أبناءنا يحتاجون إلى مساحة خاصة بهم يقضونها مع أصدقائهم؛ لتنمية مهاراتهم في التواصل الاجتماعي.

وختامًا عزيزي القارئ، علينا معرفة أن الأسرة هي المكان الأول للاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء، وبالرغم من احتمال عدم توافر الإمكانيات المادية لكل أسرة، إلا أن هناك نصيحة تقول: “إذا امتلكت الإدارة الجيدة فسوف تجد الطريق للوصول، والأمثلة كثيرة لأشخاص تجاوزوا خط الفقر إلى الإبداع، وحققوا ذاتهم بالإصرار والعزيمة، وعلينا التأكد من أن الاستثمار الصحيح والحقيقي في الأبناء هو استثمار معنوي طويل المدى وسينتج عته الاستثمار المادي بأكثر وأنفع الطرق”.

اقرأ أيضًا: 10 نصائح لتربية الأطفال.. دعوة لننشئ أطفالنا بالحب  

كتبت: سحر علي.