في زمن الحكايات والأمثال، تتنوع تلك العبارات التي تحمل في طياتها تاريخًا وقصة، نتناول اليوم مجموعة من الأمثال الشعبية التي تجسد جوانب مختلفة من حياة الناس وتعكس تجاربهم اليومية، هذه الأمثال ليست مجرد كلمات، بل هي شهادات على تفاعل البشر مع بيئتهم ومع تحولات الزمن.

الأمثال الشعبية

الأمثال الشعبية

معًا، سنستكشف كيف ترتبط هذه الأمثال الشعبية بتجارب الحياة وكيف أصبحت جزءًا لا يتجزأ من اللغة والتراث الشعبي، مشددين على الأفق المتنوع للحكايات التي نرويها والدروس التي نستفيدها.

أبرز هذه الأمثال الشعبية:

1-ما هي كوسة بقى:

الكثير منا يقول هذه الجملة عندما يحدث موقف يدل على عدم النظام أو العدل بسبب وجود الواسطة والمحسوبية، وظهرت هذه الجملة عندما كان للقاهرة صور وأبواب تفتح بمواعيد محددة، ومن يتأخر عن هذه المواعيد كان ينتظر دوره في طابور طويل جدًا حتى تفتح هذه الأبواب من جديد، ولكن كان هناك استثناء لتجار الكوسة من هذا القانون، نظرًا لأنها تفسد سريعًا جدًا عن باقي الخضار.

ما هي كوسة بقى

ما هي كوسة بقى

فإذا جاء تجار الكوسة في مواعيد غلق الأبواب أو دورهم في آخر الطابور كانوا يدخلون أول ناس والأبواب تفتح لهم، وفي ذات مرة خرج تاجر من التجار عن شعوره لأنهم يعطون الأولوية لتجار الكوسة وهو مل من الانتظار فقال بسخرية ما هي كوسة بقى، ومن وقتها ونحن نقول على مواقف الواسطة والمحسوبية كوسة.

اقرأ أيضًا: كذاب كذب الإبل.. رحلة إلى عالم الأمثال الشعبية وحكاياتها المثيرة

2-اللي على رأسه بطحة بيحسس عليها:

من أبرز الأمثال الشعبية، ترجع حكايته إلى رجل كان يسكن في قرية صغيرة ويربي الدجاج، وفي مرة وجد دجاجة ناقصة فذهب يشتكي لشيخ القرية، وفي اليوم التالي جمع الشيخ أهل القرية وتكلم عن الأمانة والسرقة، وفي نهاية حديثه قال إن هذا الرجل سرقت منه دجاجة، وأنه يعلم من السارق وعليه أن يرجع الدجاجة ويعتذر عما فعله وإلا سنفضحه أمام أهل القرية.

اللي على رأسه بطحة

اللي على رأسه بطحة

وبعدها سأل أحد الجالسين الشيخ هل السارق متواجد معنا الأن؟، فأجاب الشيخ قائلًا: “نعم ويوجد على رأسه ريشة شبكت في شعره عندما سرق الدجاجة”، وفي هذه اللحظة وضع السارق يديه على رأسه ليتأكد من وجود الريشة، وبهذه الحيلة عرف أهل القرية أنه السارق، ومن وقتها وتقول الناس على أي شخص يأخذ الكلام على نفسه عندما يفعل أي خطأ (اللي على رأسه ريشة) ومع مرور الزمن أصبحت (اللي على رأسه بطحة بيحسس عليها).

3-ربنا ما يوريك اللي أنا شوفته:

عادة نقول هذه الجملة عندما نمر بظروف قاسية ولا نريد أن يمر بها أحد، ولكن أصل هذه الجملة عكس ذلك تمامًا، ففي حارة اليهود زمان كان اليهودي في صباح كل يوم يفتح إناء العسل ويأخذ منه ملعقتين وبعدها يفتح الخزانة وينظر إلى الذهب والمجوهرات.

وبعدها يفتح دكانه ويجلس أمامه، ثم يأتي المصري يصبح عليه ويقول له: “مالك يا كوهين شارد كدة ليه؟”، فيقول اليهودي: آآآه يا جاري ربنا ما يدوقك اللي أنا دوقته ولا يوريك اللي انا شوفته، ويعتقد المصري أنه رأى شيء قبيح فيرد بحسن نية ويقول: “آمين يا جاري آمين”، ومن وقتها وحال المصريين لا يسر.

4-باب النجار مخلع:

نقول هذا المثل على الأشخاص التي لا تجيد عملها، وترجع قصته إلى نجار نشيط وناجح جدًا في عمله وتشهد له الناس بذلك، وفي يوم قرر النجار أن يترك مهنته لأنها كانت مرهقة بالنسبة له، ولكن صاحب العمل رفض ذلك وظل يقنعه بالبقاء ولكنه رفض.

باب النجار مخلع

باب النجار مخلع

فقال له صاحب العمل: “أصنع منزل ولن أطلب منك شيء بعد ذلك”، فوافق النجار وبدأ في صنع المنزل ولكنه استخدم أسوأ الخامات ولم يتقن عمله لكي ينتهي من المنزل بأسرع وقت ممكن، وعندما انتهى من صنع المنزل قال له صاحب العمل: “هذا المنزل هدية لك كمكافأة نهاية الخدمة”، صدم النجار وندم على ما فعله، وعندما سكن في المنزل كانت تمر الناس من أمامه وتقول باب النجار مخلع.

5-اللي اختشوا ماتوا:

مثل نردده كثيرًا عندما تخطئ الناس في العلن دون خوف أو حياء، ويرجع هذا المثل لعصر العثمانيين عندما كانت منتشرة فكرة دورات المياه العامة للسيدات والرجال، وكان يستخدم فيها الحطب والأخشاب.

اللي اختشوا ماتوا

اللي اختشوا ماتوا

وفي يوم من الأيام نشب حريق في حمام السيدات وركض الجميع بدون ثياب، ولكن استحت بعض السيدات أن تركض وهي على هذا الحال، وألتهمتهم النيران، ومن وقتها يقولون (اللي اختشوا ماتوا).

في ختام هذه الرحلة في عالم الحكايات والأمثال الشعبية، ندرك أن هذه العبارات ليست مجرد كلمات بل هي تراث يحمل تاريخًا وحكايات لا تنسى، إنها ليست مجرد أقوال، بل هي دروس حياة نستمدها من تجارب الأجداد، فلنستمع إلى هذه الأمثال الشعبية ونستلهم حكمتها في رحلتنا المستمرة.

اقرأ أيضًا: اكسر وراه قلة.. استمرارية الأمثال الفرعونية في حياتنا اليومية

كتبت: هاجر حسام.