تاريخ كعك العيد المصري

قبل الحديث عن تاريخ كعك العيد المصري، يجدر بنا الإشارة إلى أن هناك صحوة ويقظة اجتماعية احتفالية تتمثل في التحضير لتجهيزات العيد، ومن أهم هذه التحضيرات المصرية القديمة إعداد كعك العيد، حيث يعتبر كعك العيد، أو كما يطلق عليه باللهجة العامية (كحك العيد) والبسكويت والغريبة وغيرها من الحلويات التي اعتاد المصريون تجهيزها بالمنازل قبيل انتهاء شهر رمضان المبارك في كل عام؛ تعبيرًا عن ابتهاجهم وفرحتهم بإتمامهم صيام الشهر الفضيل، لتكون تلك الحلويات هي مكافآتهم بنهاية الشهر الكريم واستقبال عيد الفطر المبارك.

ولكن السؤال الآن ما أصول هذه العادة المصرية؟ وماهو تاريخ كعك العيد المصري؟ تعال معي عزيزي القارئ في السطور القليلة القادمة لنتعرف معًا على الإجابة.

تاريخ كعك العيد المصري:

إن المصريين أصحاب باع طويل في صناعة الكعك العيد بكافة أنواعه، على عكس البسكويت الذي عرفه المصريون عن طريق بعض الأجانب الذين أتوا إلى مصر حديثًا وخاصة الإيطاليين منهم، ويعتبر المصريون من أقدم الشعوب التي عرفت صناعة الكعك في مصر القديمة أو في مصر الفرعونية، وقد كان يطلق عليه اسم (الأقراص)؛ لأنه مستدير الشكل وربما يشبه قرص الشمس.

تاريخ كعك العيد المصري
تاريخ كعك العيد المصري

وارتبطت هذه العادة باحتفالات وأفراح المصريين القدماء وطقوسهم الدينية خلال عصر الأسر الفرعونية، ومرورًا بعصر الدولة الحديثة، والعصور الوسطى وحتى وصلنا إلى عصرنا في القرن الحادي والعشرين.

اقرأ أيضًا: كحك العيد.. أكلة لها تاريخ في 6 حضارات مختلفة

كعك العيد على جدران المعابد الفرعونية:

من أبرز الأدلة والشواهد على أن صناعة كعك العيد صناعة مصرية قديمة منذ عصور ما قبل التاريخ، فإنه وجدت صورًا مفصلة لطريقة صناعة كعك العيد في مقابر طيبة ومنف، حيث هناك ما صور على جدران مقبرة الوزير رخمي رع من الأسرة الثامنة عشرة، وتوضح تلك الصور كيف كانت تتم صناعة الكعك في ذلك الوقت، حيث لم تختلف صناعة الكعك في تلك الحقبة كثيرًا عن عصرنا الحديث.

كعك العيد على جدران المعابد الفرعونية
كعك العيد على جدران المعابد الفرعونية

فقد كانوا يستخدمون نفس المكونات التي تستخدمها حاليًا في صناعة الكعك، ويقومون بعمل العجين وتشكيله بأشكال مختلفة هندسية وزخرفية، ويحشونه بحشوات متعددة طيبة المذاق، كما كان البعض يصنعونه على شكل حيوانات أو أوراق الشجر وغيرها، وكانوا يرسمون على الكعك أحيانًا صورة الإله رع على شكل قرص الشمس.

الكعك في العصر اليوناني والروماني:

استمرت صناعة الكعك بين المصريين خلال العصرين اليوناني والروماني، حتى وصل إلى العصر الإسلامي خاصة في عهد الدولة الطولونية في مصر، حيث كان يصنع حينها في قوالب خاصة (لهذا هناك من المؤرخين من ينسبون كعك العيد إلى الدولة الطولونية)، ثم انتقلت صناعته إلى الدولة الإخشيدية حتى أصبح من أهم مظاهر الاحتفال بعيد الفطر.

الكعك في عصر الخلافة الفاطمية:

اهتم الفاطميون أيضًا بإبراز كافة الأعياد الدينية والاحتفال بها، وإشاعة مظاهر البهجة عليها بين المصريين، لهذا اهتموا بصناعة الكعك في عيد الفطر، حيث كان الخليفة الفاطمي يقوم بتخصيص ميزانية تبلغ 20 ألف دينار لصناعة كعك العيد، وكانت المخابز من منتصف شهر رجب تتفرغ لصناعته، ثم أنشئت بعد ذلك ما يسمى (دار الفطنة)، وهي دار تشبه المصنع الصغير ومخصصة لصناعة كعك العيد فقط.

الكعك في عصر الخلافة الفاطمية
الكعك في عصر الخلافة الفاطمية

الكعك في عصر المماليك:

كان الأمراء المماليك يوزعون الكعك على الفقراء والمتصوفة من باب الصدقة خاصة في منطقة حي الجمالية، حيث كانت توزع الكعك الناعم والخشن على العاملين، وقد ازدهرت صناعة الكعك كثيرًا في عصر المماليك، لدرجة أنهم أنشأوا سوقًا يطلق عليه اسم سوق (الحلاويين) في منطقة باب زويلة، حيث كان يبيع الباعة هناك أجود أنواع الكعك المنقوش والمزخرف خلال أيام العشر الأواخر من شهر رمضان.

ويوجد في متحف الفن الإسلامي عدة قوالب لصناعة الكعك في عصر مصر الإسلامية، ومكتوب عليها عبارات مثل “كل هنيئًا واشكر”، و”كل واشكر مولاك”، وغيرها.

الكعك في العصر الحديث:

أما في عصرنا الحديث، فقد لعب أهل الشام الذين هاجروا إلى مصر خلال القرنين التاسع عشر والعشرين واستقروا بها، دورًا مهما في تطوير صناعة الحلويات بمصر، ومنها صناعة كعك العيد والبسكويت أيضًا، حيث ظهرت تقنيات جديدة في الصناعة أضافت إليه تطورًا، خاصة بعد استخدام الماكينات الحديثة في نقشه، لتحل محل المنقاش الشعبي الذي كانت النساء ينقشن به الكعك يدويًا في بيوتهن، قبل الذهاب لتسويته في الأفران القريبة منهن.

الكعك في العصر الحديث
الكعك في العصر الحديث

وبالرغم من أن مشهد صناعة الكعك لا يزال شائعًا في بعض المناطق الشعبية في القاهرة والمدن الصغيرة في مصر، إلا أن غالبية المصريين استبدلت ذلك بالكعك الجاهز في المحلات التي تتنافس في مثل هذا الوقت من كل عام من أجل تحقيق عائدات كبيرة؛ مما جعل العادة الأصيلة تتراجع بعض الشيء.

وختامًا عزيزي القارئ، تناولنا تاريخ كعك العيد المصري، تلك العادة المصرية القديمة التي ارتبطت بالبهجة والفرحة والسعادة باستقبال عيد الفطر المبارك.

اقرأ أيضًا: لذة القطايف.. تفاصيل مثيرة عن أصولها وتطورها الشهي

كتبت: سحر علي.