على الرغم من أن هرم بلوم المعرفي لم يُصمَّم للتركيز على الإبداع بشكل خاص، إلا أنه يمكن استخدامه كإطار عام لتشجيع وتقييم الإبداع في التعلم، في الأساس مستوى الإبداع في هرم بلوم المعرفي يأتي في القمة، ويمثل الطلاب الذين يمتلكون القدرة على إنتاج أفكار جديدة ومنتجات مبتكرة، وبمعنى آخر، الطلاب الذين يصلون إلى مستوى الإبداع هم الذين يستطيعون تطبيق المعرفة والفهم العميقين في إنشاء أعمال فنية أو أفكار جديدة تسهم في حل المشكلات أو تعزز المعرفة، فعلى سبيل المثال، الطالب الذي يصل إلى مستوى الإبداع في مشروع الكتابة قد يبدأ بتحليل أعمال أدبية بعمق وفهم، ثم يقوم بتطبيق هذه المعرفة والفهم في كتابة قصة جديدة أو قصيدة مبتكرة.

تعريف هرم بلوم المعرفي

هرم بلوم المعرفي هو نموذج تصنيفي يستخدم في مجال التعليم، لتصنيف المهارات العقلية والمعرفية التي يمتلكها الطلاب والطرق المختلفة لتعلمها وتطويرها، وضع هذا الهرم عام 1956 من قِبل عالم النفس التربوي بنجامين بلوم، ويتكون هرم بلوم من ستة مستويات رئيسية يتم ترتيبها من الأسفل إلى الأعلى، بحيث تمثل مستويات التعلم المتزايدة في المجالات المختلفة، وفيما يلي شرح موجز لكل مستوى في هرم بلوم.

مفهوم هرم بلوم المعرفي

اقرأ أيضًا: كيف تحقق النجاح؟ تطبيقات تساعد على المذاكرة في الامتحانات

مستويات هرم بلوم التعليمي الحديث

يُعتبر هرم بلوم واحدًا من أبرز النماذج التربوية التي وُضعت لتنظيم الأهداف التعليمية وصياغتها بشكل يساعد على تطوير عملية التعلم. فقد قام العالم التربوي الأمريكي “بنجامين بلوم” وزملاؤه في خمسينيات القرن العشرين بتصميم تصنيف للأهداف التعليمية يوضح مستويات التفكير المختلفة التي يمر بها المتعلم. وبعد عقود من الاستخدام، جرى تحديث هذا التصنيف عام 2001 ليتناسب مع التطورات الحديثة في التعليم، فجاء أكثر تركيزًا على الأفعال والسلوكيات العملية، مما جعله أداة فعّالة في تخطيط المناهج الدراسية وطرق التدريس.

أولًا التذكر (Remembering):

يمثل المستوى الأول والأدنى في هرم بلوم المعرفي، ويقصد به قدرة المتعلم على استرجاع المعلومات المخزنة في ذاكرته مثل الحقائق والتواريخ والتعريفات، ويُعد هذا المستوى الأساس الذي يُبنى عليه باقي المستويات.

مثال: أن يعدد الطالب أجزاء النبات أو أن يذكر قوانين نيوتن.

ثانيًا الفهم (Understanding):

يتجاوز المتعلم في هذا المستوى مجرد الحفظ، ليصل إلى إدراك المعنى وفهم الأفكار، ويُظهر الطالب استيعابه للمعلومة من خلال الشرح أو إعادة الصياغة أو إعطاء أمثلة.

مثال: أن يفسر الطالب ظاهرة المطر أو أن يشرح فكرة نص أدبي بلغته الخاصة.

ثالثًا التطبيق (Applying):

هنا ينتقل المتعلم إلى مرحلة توظيف ما تعلمه في مواقف جديدة، ويتمثل التطبيق في حل المشكلات أو استخدام القوانين أو القواعد في مواقف حياتية.

مثال: أن يستخدم الطالب معادلة رياضية لحل مسألة أو أن يجري تجربة علمية مستخدمًا خطوات منهجية محددة.

رابعًا التحليل (Analyzing):

في هذا المستوى لـ هرم بلوم المعرفي يبدأ التفكير النقدي في الظهور، حيث يقوم المتعلم بتجزئة الفكرة أو المشكلة إلى عناصرها الأساسية، ويدرس العلاقات والروابط بينها.

مثال: أن يحلل الطالب قصة قصيرة فيحدد شخصياتها الرئيسية، وأحداثها، والزمان والمكان، والعقدة والحل.

خامسًا التقييم (Evaluating):

يمثل هذا المستوى القدرة على إصدار الأحكام المبنية على معايير موضوعية وأدلة واضحة، وهنا يكوّن الطالب رأيًا أو قرارًا ويبرره بالمنطق والدليل.

مثال: أن يقارن الطالب بين طريقتين لحل مشكلة بيئية، ويحدد أيهما أفضل مع ذكر الأسباب.

سادسًا الإبداع (Creating):

يُعد الإبداع أعلى مستوى في هرم بلوم المعرفي، حيث يصل المتعلم إلى القدرة على إنتاج أفكار جديدة، وتصميم مشروعات مبتكرة، وحل مشكلات بطرق أصلية. إنه يعبر عن قمة التفكير العليا.

مثال: أن يصمم الطالب برنامجًا توعويًا لحماية البيئة أو يبتكر قصة ذات حبكة جديدة.

تهدف هذه المستويات إلى توجيه عمليات التعلم وتقييمها، وتشجيع الطلاب على التفكير بشكل نقدي وإبداعي، وتوجيه المعلمين في تطوير الخطط التعليمية وطرق التدريس الملائمة لتحقيق أهداف التعلم.

مستويات هرم بلوم المعرفي

أهمية هرم بلوم في التعليم

  1. يساعد المعلمين على صياغة أهداف تعليمية واضحة وقابلة للقياس.
  2. يضمن الانتقال التدريجي للطالب من الحفظ إلى التفكير النقدي والإبداع.
  3. يعزز التنوع في الأنشطة التعليمية بما يلائم أنماط المتعلمين المختلفة.
  4. يساهم في بناء شخصية متكاملة قادرة على التفكير المستقل وحل المشكلات.
طالب في نشاط يعكس أهمية هرم بلوم

في الختام، يُعتبر هرم بلوم المعرفي إطارًا قيمًا في مجال التعليم يساعد على تحديد وتقييم مستويات التعلم والتطور العقلي للطلاب، يقدم الهرم ستة مستويات متدرجة تبدأ من التذكر وتنتهي بالإبداع، مما يمثل تطورًا من البساطة إلى العمق والإبداع، من خلاله يمكن للمعلمين تخطيط تجارب التعلم ووضع أهداف تعليمية تتناسب مع مستوى المهارات والفهم لدى الطلاب، كما يمكن استخدامه كأداة تقييمية لقياس تقدم الطلاب وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تطوير إضافي.

اقرأ أيضًا: التعلم الذاتي.. إليك أفضل 6 مصادر له

كتبت: أسماء خميس.