يوم عرفة بجماله وزينته وبركاته ورحماته، الأزمنة الشريفة التي لا يصح شرعًا وعقلاً وعُرفًا أن يُفرِّط فيها التجار الصالحون بجماله وزينته وبركاته ورحماته، وفي حوار خاص مع الأستاذ الدكتور عادل هندي استاذ مساعد بكلية الدعوة الإسلامية بجامعة الأزهر، سوف نتعرف على التالي:
- لماذا سمي يوم عرفة بهذا الاسم؟
- 10 فضائل في يوم عرفة.
لماذا سمي يوم عرفة بهذا الاسم؟
- سمي يوم عرفة بهذا الاسم من باب إضافة اليوم إلى المكان (جبل عرفة)، وتجتمع فيه فضائل العبادات وأمهات الطاعات، وهو يوم يرتبط فيه المسلم بشعائر دينه المعظَّمة، وترتفع همّته نحو طاعة ربه سبحانه.
- الناس يتعارفون فيه على بعضهم ويتحقق مبدأ التعارف الإنساني: (لتعارفوا).
- لأن الناس فيه يعترفون بذنوبهم ويقرّون لربّهم بالتقصير في حقه سبحانه وتعالى.
- لأن الله تعالى فيه عرف عباده كمال دينه، وتمام نعمته ورضي فيه لهم الإسلام دينًا.
- قيل إن آدم وحواء تعارفا عنده بعد الهبوط من الجنة.
- قيل لأن جبريل عرف إبراهيم المناسك، ثم قال له: عرَفْتَ؟! فقال: نعم، فسمّيت عرفة.
اقرأ أيضًا: يوم عرفة.. ماذا يحدث وما فضله والأعمال المستحبة فيه؟
10 فضائل في يوم عرفة:
أولًا: يوم من أعظم منن الله على عباده بين حين وآخر، فهو من مواسم الطاعات ومناسبات الخيرات، لتجدد على الأمة صلتها بربها، وتوقظ الهمم من جديد في العمل والبناء والإصلاح في الأرض؛ تحقيقًا لمقصد العمران، كما أشار القرآن: {هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا}، وقد عظم الله تعالى الأزمنة بعضها على بعض، ففاضل بين الأيام، وفاضل بين الليالي، وفاضل بين الساعات، وفاضل بين الليل والنهار، ومن بين هذه الأزمنة الشريفة هو يوم عرفة.
ثانيًا: هو أحد الأيام المعلومات التي جعلها الله -تعالى- سببًا لشهود المنافع المادية والمعنوية؛ فقال:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} [الحج: 28].
ثالثًا: هو أحد أيام العظمة والمكانة التي أقسم الله تعالى بها في كتابه المجيد؛ فقال: {وَالْفَجْرِ* وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1، 2]، ومعلوم أن العظيم سبحانه إذا أقسم بشيء دل على عظمته.
اقرأ أيضًا: خطيب عرفة 2024.. الإمام ماهر المعيقلي يخاطب القلوب في عرفات
رابعًا: هو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتمّ فيه النعمة على الناس أجمعين؛ فقال تعالى فيه: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] وهو يوم عيد الحجّاج بلا منازع.
خامسًا: هو يوم خطبة البلاغ والوداع، فهو يوم خاطب فيه نبينا المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الدنيا بحقوق الإنسانية والبشرية، وفيه أعلن للدنيا عظمة هذا الدين، وقرّر فيه عددًا من أدوات السلام والتعايش الأمان الخاص والعام، لو كانوا يعقلون.
سادسًا: صيامه سنة مؤكدة عن رسولنا الحبيب -صلى الله عليه وسلم- وصيامه سبيل تكفير ذنوب سنتين، ففي الحديث -كما عند مسلم في صحيحه- فعن أبي قَتَادَة رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى الله أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ».
سابعًا: يوم المباهاة والعتق من النيران، فهو أكثر يوم يعتق الله فيه عباده من النار، ففي الحديث: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة”، وفيه مباهاة الله تعالى لملائكته، ويقول لهم: “انظروا إلى عبادي؛ أتوْني شعثًا غُبرًا”.
ثامنًا: هو الركن الأعظم في الدين وفي شعائر الإسلام وشرائعه، وهو الوقوف بعرفة، حتى جُعل الحج في نُسك عظيم، عبَّر عنه نبينا المصطفى بقوله: (الحجّ عرفة)، ويُعرف يوم عرفة بيوم الحج الأكبر من شروق التاسع من ذي الحجة حتى غروب نفس اليوم.
تاسعًا: يوم حفظ اللسان والسمع والبصر عن الحرام والثواب فيه كبير، ففي الحديث الذي أخرجه الإمام أحمد في مسنده من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال للفضل ابن العباس يوم عرفة: “يا ابن أخي هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له”، وزاد البيهقي في رواية: “من حفظ لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة”.
اقرأ أيضًا: تفاصيل إحرام الكعبة.. من تشمير الأستار إلى ثوبها الجديد
عاشرًا: يوم الدعاء المستجاب، وقد ورد في ذلك عدد كبير من الأحاديث والروايات، ومنها:
- “خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”، والدعاء في يوم عرفة ليس للحجاج وحدهم، بل ولمن فاتهم الحج، وهذا الدعاء هو من المأثور في دعائه -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة، ولا يُمنع من الدعاء بغيره بشرط الإخلاص، وصحة المقصد، وسلامة الكلمات المستخدمة في الدعاء، كما يستحب في هذا اليوم تعميم الدعاء وتخصيصه على السواء، فالدعاء للأمة وبلدانها بالعافية والستر والأمان مطلوب للحجاج وغيرهم.
- الدعاء بالتوحيد والتهليل، وإعلان التوحيد والتخلص من كل ما يمسّ توحيد المسلم وعقيدته الصحيحة؛ ففي الحديث: كان أكثر دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على كل شيء قدير” مسند الإمام أحمد.
- من الدعاء: طلب الغفران والعتق من النار: وكان من دعاء الإمام علي بن أبى طالب -رضي الله عنه-: “اللهم اعتق رقبتي من النار وأوسع لي من الرزق الحلال واصرف عني فسقة الإنس والجان”.
وختامًا، يوم عرفة هو يوم فيه العمل الصالح أحب إلى الله من غيره، كما في الحديث الوارد: “ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني أيام العشر قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء”، فإنه يجوز كل عمل صالح في هذا اليوم وما تلاه، من قراءة للقرآن، وذكر وتهليل وتكبير وتحميد، وصلة للرحم، وكثرة صدقة، وتفريج للكروب، فمن أراد أن ينتفع بشرف الزمان، فما عليه إلا أن يضع لاستغلاله خطة وجدولًا منتظمًا بوقته وأعماله؛ فيجعل لكل وقت فيه أعماله الفاضلة، فأوله: نوم مبكر قبله؛ للاستيقاظ المبكر، والاستفادة من هذا اليوم، وأوسطه مع الصيام قرآن وأذكار وأدعية حتى نهايته.
اقرأ أيضًا: العشر الأوائل من ذي الحجة.. أهم 10 صفقات فيها
كتبت: نيفين رضا الدميري.