حمى البحر المتوسط (FMF) أو ما يُعرف (بالتهاب الصفاق الدوري أو الحمى المتوسطية العائلية)، تُطلق هذه التسمية على هذه الحالة، إذ تصيب شعوب منطقة البحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط مثل: الأتراك والعرب، وشعوب اليونان وأرمينيا، وهناك 90% من الحالات تكتشف في مرحلة الطفولة قبل سن 20 عامًا، و75% من الحالات قبل سن العاشرة، عُرف هذا المرض لأول مرة في النصف الثاني من القرن العشرين، ومع تطور الدراسات أصبح من السهل التعامل مع المرض، وسنتعرف في هذا المقال إلى هذا المرض، وما أعراضه؟ وكيف يُشخص؟ وهل يُعالج؟

ماذا نعني بمرض حمى البحر المتوسط؟

تُعد الحمى المتوسطية العائلية من أكثر الأمراض المناعية شيوعًا في العالم، وهي اضطراب جيني مناعي، نتيجة تحور جين (MEFV) المنتقل من أحد الآباء أو كليهما للأبناء، وهو الجين المشفر لبروتين البيرين، إذ يُعد البروتين المنظم للمناعة.

حمى البحر المتوسط

حمى البحر المتوسط

فهو مرض وراثي متنحي يؤدي لنوبات متكررة من الحمى والألم نتيجة التهاب في الأغشية المحيطة بالأعضاء مثل: البطن، والصدر، والمفاصل، يصحبها أحيانًا طفح جلدي، ويمثل التحور الجيني نحو 70-80% من حالات الإصابة، على الرغم من ذلك هناك 10% من الحالات التي شُخصت كحمى متوسطية لا تُعاني من تحور جيني.

اقرأ أيضًا: أنيميا البحر المتوسط.. الأسباب والأعراض والعلاج

أعراض حمى البحر المتوسط:

تظهر أعراض المرض في صورة نوبات متكررة من الحمى وآلام المفاصل، وتستمر من يوم إلى ثلاثة أيام ثم تختفي، وسوف نتناول الأعراض العامة التي تتشارك في العديد من الأمراض وتنقسم إلى أعراض رئيسية وأعراض ثانوية.

أعراض رئيسية:

  • حمى: هي أكثر الأعراض شيوعًا وأحيانًا تكون العرض الوحيد، خاصةً في مرحلة الطفولة، إذ تتراوح درجة الحرارة من 38-40 درجة سيليزية.
  • ألم في البطن: يبدأ الألم موضعيًا ثم ينتشر ويصبح الألم عاما، وتظهر الأعراض على هيئة انتفاخ البطن وتشنج الجدار المبطن لحماية الأحشاء، وأيضًا انخفاض صوت الأمعاء بسبب التهاب الصفاق.
  • ألم في الصدر: يُشعر بالألم عادةً في جانب واحد ثم يزداد سوءًا عند الشهيق العميق، أو السعال؛ مما يجعل التنفس صعبًا، وأحيانًا يكون سبب آلام الصدر التهاب تامور، وهو التهاب غشاء القلب، ويُعد من الأعراض الأكثر خطورة.
  • التهاب الجنبة: أحيانًا يسبب آلام في الصدر أيضًا؛ نتيجة التهاب الغشاء الذي يحيط بالرئتين، وهو الأكثر شيوعًا في إيطاليا وأرمينيا.
  • التهاب المفاصل: يسبب تورمًا وألمًا في المفاصل الكبيرة خاصةً: الركبتين والقدمين والوركين.
  • بعض الأعراض الأخرى التي تظهر عند الأطفال مثل: طفح جلدي أحمر في الأطراف السفلية، وآلام عضلية في الساقين خاصةً بعد النشاط.

تختفي أغلب الأعراض خلال يومين أو ثلاثة، ولكن هناك مضاعفات أكثر خطورة مثل: الالتهاب السحائي (التهاب الغشاء المحيط بالمخ والحبل الشوكي)، والتهاب كيس الصفن، أو الالتهاب المصلي أو داء النشواني (Amyloidosis) من أخطر الأعراض، إذ أنه مجموعة من الأعراض التي تتراكم فيها البروتينات البلازمية القابلة للذوبان عادةً خارج الخلايا وبشكل غير طبيعي وغير قابل للذوبان، وأكثر أنواع داء النشواني شيوعًا هو النوع (Amyloidosis A)، كما رأينا تتشابه أعراض المرض مع العديد من الأمراض، لذلك يجب استشارة الطبيب لتحديد سبب الأعراض وعلاجها.

أعراض حمى البحر المتوسط

أعراض حمى البحر المتوسط

الأعراض الثانوية:

تظهر خلال التحليل المعملي مثل:

  • ارتفاع مستويات بروتين C في الدم (CRP).
  • ارتفاع تعداد خلايا الدم البيضاء في الدم.
  • تراكم الأميلويد في الجسم، الذي يمكن أن يؤدي إلى تلف الأعضاء.

اقرأ أيضًا: أنيميا الفول.. وما هي أبرز 9 أعراض لها؟

تشخيص حمى البحر المتوسط:

الفحص الطبي:

تشخيص الحمى المتوسطية العائلية يعتمد على معايير سريرية محددة تُعرف بمعايير تل هشومير (Tel-Hashomer)، وتنص هذه المعايير على إصابة المريض باثنين أو أكثر من الأعراض الرئيسية، أو عرض رئيسي واحد بالإضافة إلى اثنين من الأعراض الثانوية، وهو ما يحدده مقدم الرعاية الصحية بالفحص السريري، وتُساعد مراجعة التاريخ المرضي العائلي مقدم الرعاية الصحية في تشخيص المرض أيضًا، إذ يعد مرضًا وراثيًا.

تشخيص حمى البحر المتوسط

تشخيص حمى البحر المتوسط

الفحص المعملي:

يشمل تحليل الدم والبول أثناء نوبة المرض، قد تظهر تحاليل الدم والبول ارتفاعًا في مستويات معينة من العلامات التي تشير إلى وجود التهاب في جسمك، ويعد ارتفاع مستوى خلايا الدم البيضاء التي تحارب العدوى أحد هذه العلامات، كما يُشير وجود بروتين في البول إلى ترسب الأميلويد.

الفحص الجيني:

يمكن للفحص الجيني أن يحدد ما إذا كان جين MEFV الخاص بك يحتوي على تغيير جيني مرتبط بالحمى المتوسطية، ولكن ليست الاختبارات الجينية متقدمة بما يكفي لاختبار كل تغيير جيني، لذلك هناك احتمال نتائج سلبية خطأ ، ولهذا السبب لا يستخدم مقدمو الرعاية الصحية عادةً الفحوصات الجينية كطريقة وحيدة للتشخيص.

اقرأ أيضًا: أنيميا نقص الحديد.. هل أنت معرض للخطر؟

علاج حمى البحر المتوسط:

لا يوجد علاج نهائي للحمى المتوسطية العائلية، حيث إن العلاج يهدف إلى تخفيف الأعراض والوقاية من النوبات والمضاعفات الناجمة عن الالتهاب، وتشمل الأدوية المستخدمة لهذا الغرض ما يلي:

الكولشيسين:

  • يُقلل الكولشيسين الالتهاب في الجسم ويساعد في الوقاية من النوبات وتطور ترسب الأميلويد، بينما لا يحسن من الأعراض أثناء النوبات.
  • يجب استشارة الطبيب لتحديد الجرعة المناسبة، إذ يتناول البعض جرعة واحدة يوميًا بينما يحتاج آخرون جرعات أصغر وأكثر تواترًا، وعادةً ما يستمر العلاج مدى الحياة.
علاج حمى البحر المتوسط

علاج حمى البحر المتوسط

أدوية أخرى مضادة للالتهاب:

بالنسبة للأشخاص الذين لا تتحسن علاماتهم وأعراضهم باستخدام الكولشيسين، قد يصف الطبيب أدوية تمنع بروتينًا يسمى انترلوكين-1، وهو مرتبط بالالتهاب، وقد تمت الموافقة على كاناكينوماب (Ilaris) من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) للعلاج.

من المهم إجراء فحوصات منتظمة مع الطبيب لمراقبة الأدوية والصحة العامة، ولعلنا أجبنا بهذا على سؤال يتردد كثيرًا: هل حمى البحر المتوسط معدية؟ والإجابة: لا، إذ أنه مرض وراثي متنحي نتيجة اضطراب مناعي.

اقرأ أيضًا: فقر الدم ونقص الحديد عند الأطفال.. دليلك من الأسباب للوقاية

كتبت: علا وليد.