كثيرًا ما قمنا في حياتنا بعمل أشياء بغرض إرضاء الآخرين دون اقتناعنا بضرورة فعلها، هذه الحالة تسمى الابتزاز العاطفي، فمثلًا عندما يقول لك أحدهم: “إذا لم تفعل ما أريده؛ فسأغضب أو سأتركك وأرحل”، وفعلت ذاك الشيء فقط لإرضاء هذا الشخص، فأنت تحت هذه الحالة، وفي هذا المقال عزيزي القارئ سنتناول هذه الحالة بشيء من التفصيل.
ما الابتزاز العاطفي؟
يمكن تعريف الابتزاز العاطفي على أنه شكل من أشكال التلاعب النفسي، يحاول فيه شخص ما السيطرة التامة على شخصٍ آخر، عن طريق الضغط عليه بالعاطفة، لتنفيذ أمور أو أشياء معينة يرغب بها، وهذه الحالة تحدث عادة بين الأشخاص الذين تربطهم علاقة إنسانية قوية، مثل: علاقة الآباء والأبناء، أو بين الزوجين، أو بين الأصدقاء المقربين، أو بين الحبيبين.
اقرأ أيضًا: هل تعاني من التعلق المرضي؟.. إليك علاماته وكيفية علاجه
كيف تعرف أنك ضحية الابتزاز العاطفي؟
في حالات الاستغلال العاطفي يتحول شكل العلاقات الإنسانية الطبيعية إلى شكل مشوه ومؤذٍ وغير مفهوم، ومن أهم المشاعر التي تشعر بها إذا كنت ضحية ابتزاز عاطفي ما يلي:
- الخوف من الشخص المُبتز: خوفك من فقدان الشخص المُبتز، أو من رد فعله عند غضبه، أو عقابه؛ فترضخ لأوامره.
- الالتزام في العلاقة تجاه الشخص المُبتز: شعورك بالالتزام بالقيام بواجبات معينة لست مسئولًا عنها، ويكون ذلك بدافع الخوف لا الحب، ولإرضاء الطرف الآخر؛ فتجد أنك تقوم بها بإكراه وضيق نفسي.
- الشعور القاتل بالذنب: يميل الشخص المُبتز إلى عدم تحمل المسئولية، ولهذا يقوم بتحميل أي أمر سلبي يتعرض له عليك؛ مما يجعلك تشعر بالذنب وتأنيب الضمير.
- اختلال التوازن بين الواجبات والرغبات: إذا كنت ترغب عادة في تلبية رغبات الآخرين على حساب إشباع احتياجاتك الشخصية ورغباتك الداخلية، وتجد نفسك دائم الشعور بضيق النفس وعدم الراحة، ويكون هذا السلوك طاغيًا على معظم علاقاتك؛ فاعلم أنك ضحية ابتزاز عاطفي.
مواصفات المبتز عاطفيًا:
- أن يكون ضعيف الثقة بنفسه، وملتهب العاطفة.
- عدم القدرة على المواجهة.
- عدم القدرة على الرفض أو قول “لا”.
- الخوف الشديد من تحملك المسئولية.
- عدم التقدير الكافي للذات ولرغباتك الخاصة.
أشكال الابتزاز العاطفي:
في حالة التعرض للابتزاز العاطفي، تكون الضحية بمثابة رهينة عاطفية، باحثة عن إرضاء الآخر، ومتجاهلة ذاتها واحتياجاتها، ومن أهم أشكاله، ما يلي:
- عقاب الطرف الآخر: يقوم المُبتز بتهديد ضحيته بالعقاب في حالة عدم قيامها بما يريد، فمثلًا يقول الزوج لزوجته: “إن لم تفعلي هذا؛ سأطلقك، أو أن تقول الأم لابنها الصغير: “لو لم تأكل؛ سأضربك”.
- العقاب الذاتي: غالبًا يقوم المُبتز بالتهديد بأذية نفسه في حال عدم قيام الضحية بفعل ما يريد، فمثلًا يقول الحبيب لحبيبته: “إذا تركتيني؛ فسأقتل نفسي”.
- المعاناة: يقوم المُبتز بإشعار الضحية بمشاعر الذنب وتأنيب الضمير، فمثلًا يقول الأب لابنه: “إذا رسبت في الاختبار؛ فسوف أحزن كثيرًا، وأُصاب بسكتة قلبية”.
- المكافأة غير المحققة: يقوم المُبتز هنا بأسلوب الإغراء، حيث يُغري الضحية بالكثير من الأشياء الجميلة في سبيل قيامها بما يريد، فمثلًا تقول الأم لابنها: “إذا عملت الواجب؛ فسأهديك هدية جميلة، ونذهب إلى الملاهي”، ويجب الإشارة هنا إلى أن هذا الأسلوب يختلف عن أسلوب تعزيز السلوك والتشجيع، حيث لا يَفي المُبتز هنا بوعوده مطلقًا، مما يؤدي إلى إحباط الضحية.
كيف أتعامل مع الابتزاز العاطفي؟
- يجب أن يعي الشخص أنه ضحية ابتزاز عاطفي، حيث يدفعه هذا الوعي إلى التحرك نحو العلاج.
- وعي الضحية برغباتها واحتياجاتها الشخصية والتمتع بثقافة الحوار، والقدرة على المواجهة وقول “لا” بكل حزم.
- إدراك الضحية بضرورة وجود حدود في تعاملاتها مع الآخرين يُحظر الاقتراب منها.
- عدم السماح لأي شخص مهما كان قربه منك بالسيطرة على حياتك، أو التحكم بها، وفرض أشياء عليك ضد رغبتك.
- زيادة الثقة بالنفس وبقدراتك، ورفع تقديرك لذاتك، وتجنب أية علاقات يمكن أن يحدث بها الابتزاز العاطفي.
وخلاصة القول، بعد تناولنا لما يعرف الابتزاز العاطفي، تذكر دائمًا أنك قائد حياتك، ولا ترضخ لسيطرة أحد، ولا تصدق أية تبريرات واهية مصطنعة، وارسم خطوطك الحمراء التي لا يتجاوزها أحد، واعلم إنك تستحق الأفضل في كل شيء.
اقرأ أيضًا: ما وراء الألم.. فن التغلب على الصدمات العاطفية وبناء حياة جديدة
كتبت: سحر علي.