متلازمة ستوكهولم، تلك الظاهرة النفسية التي تبدو للوهلة الأولى غريبة ومناقضة للعقل، تستحق التعمق فيها من منظور اجتماعي، والمتابع الجيد للدراما التراجيدية والرومانسية، يرى أنها تعتمد بشكل كبير على العداوة التي تتحول لعلاقة صداقة أو علاقة عاطفية في النهاية، ومسلسل (لا كاسا دي بآبيل، أو بيت الورق كما يُطلق عليه بالعربية) خير دليل على إعجاب الناس بهذا النوع من الموضوعات، فقد أصبح العمل الدرامي ظاهرة عالمية، فما تلك المتلازمة وكيف تتشكل في سياق العلاقات الاجتماعية؟ وهل توجد علاقة بين الاستمرار مع شخص مؤذٍ وتلك المتلازمة؟

ما متلازمة ستوكهولم؟

متلازمة ستوكهولم ظاهرة نفسية تحدث عندما يشعر الشخص الذي يتعرض للأذى أو الاعتداء بمشاعر إيجابية تجاه المعتدي عليه، قد يبدو الأمر غريبًا، ولكن هذا التعلق العاطفي غير المفهوم يحدث أحيانًا في حالات الاختطاف والاحتجاز، بل وحتى في علاقات أكثر استقرارًا مثل العنف الأسري، تلك المتلازمة هي آلية تأقلم في حالة الأسر أو الإساءة، إذ يطور الناس مشاعر إيجابية تجاه خاطفيهم أو المسيئين لهم بمرور الوقت، ربما نجد الموضوع سينمائيًا يصلح للقصص أكثر من الحياة الواقعية فكم منا يتعرض لسطو مسلح أو اختطاف، ولكن تنطبق هذه الحالة على إساءة معاملة الأطفال، وإساءة معاملة المدرب والرياضي، وإساءة معاملة الشريك (العلاقات التوكسيك) بالمفهوم الحديث.

ما متلازمة ستوكهولم؟

ما متلازمة ستوكهولم؟

الاسم مشتق من عملية سطو فاشلة على بنك في ستوكهولم بالسويد، في أغسطس 1973 احتجز أربعة موظفين في بنك سفيريس كريديت بانك كرهائن في خزنة البنك لمدة ستة أيام، خلال المواجهة تطورت علاقة غريبة بين الأسرى والخاطفين، صرح أحد الرهائن خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء السويدي أولوف بالمه، بأنها تثق تمامًا في خاطفيها ولكنها تخشى الموت في هجوم الشرطة على المبنى.

اقرأ أيضًا: هل تعاني من التعلق المرضي؟.. إليك علاماته وكيفية علاجه

تفسير ظاهرة متلازمة ستوكهولم:

يعتبر العديد من الأطباء المشاعر الإيجابية للضحية تجاه المسيء استجابة نفسية (آلية مواجهة) يستخدمونها للبقاء على قيد الحياة خلال أيام أو أسابيع أو حتى سنوات من الصدمة أو الإساءة، بالإضافة إلى حالة الخاطف والرهينة الأصلية، تشمل متلازمة ستوكهولم الآن أنواعًا أخرى من الصدمات التي يكون فيها رابط بين المسيء والشخص الذي يتعرض للإساءة، فبعض الأطفال الذين يتعرضون للعنف من ذويهم يشعرون بأن هذا لصالحهم وربما يخافون الإبلاغ عن ذلك خوفًا من خسارة هذه العلاقة.

تفسير ظاهرة متلازمة ستوكهولم

تفسير ظاهرة متلازمة ستوكهولم

كما نجد الحالة أكثر شيىوعًا في النساء اللاتي يتعرضن للعنف الأسري، ففي كثير من الأحيان تعتبر الضحية أبسط فعل إنساني يقوم به الشخص المعتدي كالاعتذار أو هدية بسيطة كرم كبير ومبالغ فيه منه، كما ترفض الانفصال عن هذا الشخص المسيء.

تشخيص متلازمة ستوكهولم:

لا يعترف الدليل التشخيصي والإحصائي للأمراض النفسية (DSM)، وهو المعيار الذهبي للأمراض والحالات النفسية، رسميًا بمتلازمة ستوكهولم أو يدرجها كحالة، نظرًا لعدم إدراجها، فقد لا يعترف مقدمو الرعاية الصحية بها، وغالبًا ما تُشخص كاضطراب ما بعد الصدمة.

علاج متلازمة ستوكهولم:

نظرًا لعدم الاعتراف بمتلازمة ستوكهولم كحالة نفسية، فلا يوجد علاج قياسي، ومع ذلك علاج اضطراب ما بعد الصدمة، يتضمن علاج متلازمة ستوكهولم عادةً الاستشارة النفسية والعقلية (العلاج بالحديث) أو الدواء إذا لزم الأمر، إذا كنت أنت أو أحد أفراد أسرتك مصابًا بمتلازمة ستوكهولم، فستتعلم طرقًا صحية للتكيف مع الصدمة التي تعرضت لها، فقد يساعد العلاج على:

  • فهم تجربتك، وفهم كيف كان السلوك المتعاطف مع الشخص المعتدي مهارة للبقاء على قيد الحياة.
  • تعلم كيفية المضي قدمًا في حياتك.
علاج متلازمة ستوكهولم

علاج متلازمة ستوكهولم

بعد أن ذكرنا متلازمة ستوكهولم وبعض أسبابها، نرى أن هذه الحالة غير مقتصرة على الخطف والسطو المسلح، لكن تشمل العنف الأسري ضد المرأة والطفل، ويجب على جميع ضحايا العنف أن يعرفوا أنهم ليسوا وحدهم وأن هناك من يهتم بهم ويريد المساعدة، لا تتردد في طلب العون فهذه هي الخطوة الأولى نحو حياة أفضل، علينا أن ننشر الوعي بشأن المنظمات التي تُساعد في حماية من يتعرضون للإيذاء النفسي أو الجسدي، ففي مصر المجلس القومي للأمومة والطفولة، هي الجهة المسئولة عن الحفاظ على حقوق المرأة والطفل والحفاظ عليهم من الاعتداءات، فما عليك سوى الاتصال بالخط الساخن 16000.

اقرأ أيضًا: الابتزاز العاطفي.. كيف تكتشفه وتحرر نفسك من قيوده؟

كتبت: علا وليد.