الأمثال الشعبية عالم غريب ومثير، تصف أخلاق الشعوب وعاداتهم، وتعكس خبايا بيئتهم، وهناك أمثال شعبية أبطالها حيوانات وطيور؛ لأن هذه الأمثال لم تقتصر على المواقف البشرية التي أبطالها بشر فقط، بل إن الحيوانات والطيور كانت ضمن مكونات الأمثال الشعبية العربية، باعتبارها عنصرًا هامًا من عناصر البيئة، وفي هذا المقال عزيزي القارئ سنتناول عدة أمثال شعبية أبطالها حيوانات وطيور.
أمثال شعبية أبطالها حيوانات وطيور:
اعتاد العرب في بعض الأحيان على تخيل قصص أبطالها من الحيوانات والطيور، لخلق مناسبة تقال فيها الأمثال التي ظل يرددها العرب منذ عدة قرون سابقة، ومن أهم الأمثال الشعبية المعروفة التي أبطالها حيوانات وطيور، هي:
مين علمك الذوق؟ اللي معلق فوق:
هذا المثل الشعبي مأخوذ عن قصة تقول إنه كان هناك أسد وذئب وثعلب تمكنوا من اصطياد غزال، وعندما سأل الأسد أصحابه عن طريقة اقتسام الفريسة، اقترح الذئب طريقة لم تعجب الأسد، فضربه الأسد ضربة رمته في الهواء، فصار جثة هامدة ومعلقًا على شجرة، وعندها قال الثعلب اقتراحه لاقتسام الفريسة: “الرأس لفطورك، الفخذان لغدائك، والباقي لعشائك”، فأعجب به الأسد وسأله: “من علمك الذوق؟” فأجاب الثعلب: “المعلق فوق”، أي إنه تعلم الذوق بعدما شاهد ما حدث للذئب؛ فصارت مثلًا.

مين علمك الذوق؟ اللي معلق فوق
اقرأ أيضًا: نقبك طلع على شونة وعند أم ترتر.. حكايات من الأمثال الشعبية
قُصر ذيل يا أزعر:
قصة هذا المثل الشعبي أن بعض الفئران اكتشفوا وجود جرة عسل في مكان ما، فكانوا يذهبون إلى هذا المكان، ويصعدون على أعلى الجرة بالتناوب، ويمد كل فأر ذيله في الجرة ليتعلق به العسل فيلحسه، وكان أحد الفئران قصير الذيل، فحاول أكثر من مرة أن يمد ذيله في الجرة، لكن ذيله لم يصل إلى العسل فقال: “أنا لا أحب العسل”، فأجابه أحد الفئران: “قُصر ذيل يا أزعر”، وأصبحت مثلًا يقال عندما يشتهي أحد شيئًا ما ولا يستطيع تحقيقه.
اللي ما يعرف الصقر يشويه:
حكاية هذا المثل الشعبي أن رجلًا كان يملك صقرًا نادرًا وثمينًا يحبه كثيرًا، فهو مصدر رزقه بعد الله، خرج الرجل ذات يوم وأطلق الصقر على مجموعة من الطيور، وكان الجو غائمًا، وغاب الصقر وطالت غيبته، وظل الرجل يبحث طوال النهار، حتى رأى راعيًا للغنم فسأله عن الصقر، فقال الراعي: “لا أعرف، ولكني وجدت طائرين يتعاركان تحت هذه الشجرة، فاقتربت منهما وضربتهما بالعصا ثم ذبحتهما، وهما الآن في النار، تعال وعندما ينضجان نأكلهما معًا”.

اللي ما يعرف الصقر يشويه
ذهب الرجل مع الراعي وإذا بصقره ومعه طائر على النار، صعق الرجل وقال للراعي: “يا مجنون هذا صقر لا يؤكل”، قال الراعي: “وما الفرق؟ كلاهما في النهاية مجرد طيور”، عندئذ حزن الرجل وبكى وقال المثل المشهور “اللي ما يعرف الصقر يشويه”.
أعقّ من ضب:
هذا المثل الشعبي مأخوذ من صفات حيوان الضب؛ لأن الضب معروف بأنه يأكل أبناءه.
أحمق من نعامة:
من صفات النعامة أنها تدع الحضن على بيضها عند الحاجة إلى الطعام، وإذا رأت بيض نعامة أخرى رقدت عليه ونسيت بيضها، فضلًا عن الصفة المعروفة للنعامة بأنها تدفن رأسها في الرمال ظنًا منها أنها بذلك تختبئ من أعدائها، ولهذا توصف النعامة بالحماقة.
موت يا حمار:
قصة هذا المثل الشعبي أنه كان هناك ملك عنده حمار، وأعلن عن جائزة كبيرة لمن يعلم هذا الحمار القراءة والكتابة، حاول الكثير ذلك وفشلوا وعاقبهم الملك بقطع رقابهم، ثم جاء أحد الرجال وقال للملك: “أنا سأفعل ذلك، لكن أعطني الأموال اللازمة لذلك، وأمهلني عشر سنوات”؛ فوافق الملك، وعندما علمت زوجة الرجل، حزنت وخافت على زوجها، فقال لها: “بعد عشر سنوات قد أموت أو يموت الملك أو يموت الحمار”، فقالت: “موت يا حمار”، وهو يقال عند صعوبة استحالة قيام أحد بعمل الشيء.
ادبحلها القطة:
قصة هذا المثل الشعبي أنه كان هناك ملك لديه ابنة سيئة الطباع وعنيدة بشدة، قرر تزويجها أكثر من مرة، ولكن لم يتقبلها أحد لسوء طباعها، وفي أحد الأيام جاء فلاح ليطلب الزواج من الأميرة، ووافق الملك، بعد الزفاف دخل الفلاح غرفة الأميرة ووجد قطتها بجانبها، فقال: “يا قطة احضري لي كوب ماء”، وكررها ثلاث مرات، والقطة تنظر إليه، وبالطبع لم تحضر الماء، فقام واحضر سكينًا وذبح القطة أمام الأميرة، ثم طلب من الأميرة أن تحضر له الماء، فقامت مسرعة خوفًا من أن تلقى مصير القطة، وأصبح يقال المثل للرجل المقبل على الزواج لكي يسيطر على زوجته وتنفذ أوامره.

ادبحلها القطة
الباب يفوت جمل:
يقال هذا المثل الشعبي عند عدم الرغبة في وجود أحد ومحاولة طرده من المكان، ولكن حقيقة هذا المثل عكس ذلك تمامًا، فهو يحكي عن أحد الصوفيين الذي نزل ضيفًا عند أحد أصدقائه ووجد منزله صغيرًا، فتعجب وقال: “سأبني منزلًا كبيرًا يسع كل الأصدقاء بجمالهم”، وبالفعل بنى منزلًا كبيرًا بابه واسع، وركب على جمله ليتأكد من أنه سيدخل من الباب، وقال حينها الباب يفوت جمل، دلالة على كبر حجم البيت وسعة الباب لدخول الجمل منه.
وفي الختام، نقول إن الأمثال الشعبية هي المرآة التي تعكس حياة الشعوب وسلوكها وتجاربها، وكل ما يتعلق بالبيئة المحيطة، حيث تناولنا عدة أمثال شعبية أبطالها حيوانات وطيور.
اقرأ أيضًا: اكسر وراه قلة.. استمرارية الأمثال الفرعونية في حياتنا اليومية
كتبت: سحر علي.