شاع مؤخرًا مصطلح التربية الإيجابية ويقصد به مجمل الأساليب المستخدمة لتنمية المهارات العقلية والنفسية والاجتماعية والسلوكية للطفل في مراحل عمره المختلفة، في هذا المقال سنتحدث بالتفصيل عن مفهوم التربية الإيجابية، وأهم خطوات تطبيقها، والفرق بينها والتربية التقليدية، مع الإشارة إلى كيفية بناء شخصية الطفل بطريقة صحية ومتزنة.

الفرق بين التربية الإيجابية والطريقة التقليدية

تختلف التربية الإيجابية عن الطريقة التقليدية في أن الأخيرة تعتمد على الإجبار وفرض الأوامر والقمع دون الالتفات دون مراعاة احتياجات الطفل أو رأيه، ويرى علماء النفس أن هذا الأسلوب يؤدي إلى إلغاء شخصية الطفل وتهميشه، بينما تقوم التربية الإيجابية على الاحتواء والتفاهم والاحترام المتبادل، وهو ما يتقاطع مع مفهوم الحوار العائلي الذي يعد من أهم أسس التواصل الفعال بين أفراد الأسرة، ويساعد الطفل على التعبير عن نفسه ومشاعره بثقة.

الفرق بين التربية الإيجابية والطريقة التقليدية

أهمية التربية الإيجابية في عصر الانفتاح

يظن البعض أن التربية الإيجابية أمر صعب، لكنها في الحقيقة ممكنة وضرورية جدًا في هذا العصر المليء بالتحديات والانفتاح الرقمي الكبير، فمن خلال الوعي بأسس تربية الأبناء الحديثة، يمكن حماية الطفل من التأثر السلبي بمحتويات الإنترنت وتوجيهه نحو التفكير السليم والتصرف المسئول.

وتعتمد أيضًا على فهم الأهل لمراحل النمو المختلفة، وإدراك احتياجات الطفل النفسية والاجتماعية في كل عمر، مع توجيهه بأسلوب يقوم على الدعم لا العقاب، والتقويم لا التوبيخ.

أهمية التربية الإيجابية في عصر الانفتاح

4 خطوات لتطبيق التربية الإيجابية بشكل صحيح

لتنفيذها بنجاح، ينصح باتباع مجموعة من الخطوات الأساسية:

  1. تعميق الاحترام المتبادل بين الأهل والطفل، وتجنب التعنيف أو الإهانة اللفظية التي تضعف ثقته بنفسه.
  2. إشراك الطفل في القرارات التي تخصه، مثل اختيار ملابسه أو أنشطته أو طعامه، ليتعلم تحمل المسئولية ويعطيه الثقة بالنفس والقدرة على اتخاذ القرار.
  3. الصدق في التعامل، لأن الكذب أو التحايل يفقد الطفل شعوره بالأمان ويضعف العلاقة الأسرية.
  4. القدوة الحسنة، فالطفل يقلد تصرفات والديه أكثر مما يسمع منهما، لذا يجب أن يكون الوالدن نموذجًا يحتذى به في السلوك والانضباط.
خطوات تطبيق التربية الإيجابية

الحكمة القديمة في تربية الأبناء

قديمًا كان بعض الآباء يلجأون للضرب ظنًا أنه وسيلة للتقويم، لكن مع تطور علم النفس أثبتت الدراسات أن الضرب يضعف شخصية الطفل ولا يربيه، فالأب الذي يضرب ابنه في الواقع لا يعلمه الصواب، بل يعلمه يعبر عن عجزه عن التواصل، وقد قال أحد الحكماء قديمًا: “لاعبه سبعًا، وأدبه سبعًا، وصادقه سبعًا، ثم اترك له الحبل على الغارب”.

أي أن التربية تمر بثلاث مراحل: اللعب في السنوات الأولى، ثم التعليم و التأديب، وأخيرًا المصاحبة والصداقة في مرحلة المراهقة، وهي مراحل تتوافق تمامًا مع مبادئها التي تشجع على بناء الثقة وتطوير مهارات الطفل تدريجيًا بدلًا من فرض السيطرة عليه، ولتحقيق أفضل نتائج في التربية، يمكن الاستعانة بـ 10 نصائح لتربية الأبناء تساعد الأهل على تطبيق خطوات عملية لتحقيق التوازن بين الحزم والحنان.

في النهاية، يمكن القول إن التربية الإيجابية ليست مجرد أسلوب حديث في تربية الأطفال، بل هي نهج متكامل لبناء جيل واثق، متوازن نفسيًا، وقادر على التعامل مع تحديات الحياة بوعي واحترام، فالحب، والاحترام، والحوار العائلي، جميعها مفاتيح أساسية لغرس القيم والسلوك السوي في الأبناء، ولأن كل طفل عالم خاص بذاته، فإن تطبيق مبادئها يحتاج إلى صبر، ومرونة، وفهم لطبيعة كل مرحلة عمرية، حتى نمنح أبناءنا بيئة صحية تُخرج أفضل ما فيهم من قدرات ومواهب.

كتبت: سحر علي.