دولة فلسطين أرض الأنبياء، ففيها مسرى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، من المسجد الحرام في مكة إلى المسجد الأقصى بها، وهي مولد سيدنا عيسى -عليه السلام- حيث وضعته أمه السيدة مريم في بيت لحم ولذلك فهي أرض مقدسة مباركة، على خلفية ما يحدث في فلسطين من اعتداءات لا إنسانية وقصف متواصل من قوات الاحتلال الإسرائيلي في حرب إبادة غير شرعية وغير قانونية وغير إنسانية بكل المقاييس، سنصحبك عزيزي القارئ في رحلة مع تاريخ هذه الدولة وبدايتها.
كيف نشأت دولة فلسطين؟
بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى، قامت الدول الأوروبية المنتصرة بتقسيم مناطقها المكونة إلى دول جديدة بموجب انتدابات أقامتها عصبة الأمم طبقًا للصفقات التي تم التوصل إليها مع باقي الأطراف الأخرى:
- في الشرق الأوسط، أصبحت سوريا ولبنان خاضعة للسيطرة الفرنسية، بينما خصصت بلاد الرافدين وفلسطين لبريطانيا.
- معظم هذه الدول حصلت على استقلالها خلال العقود الثلاثة التالية دون صعوبة كبيرة مع احتفاظ الدولة المحتلة ببعض الحقوق داخلها، ولكن قضية فلسطين كانت معقدة وظلت إشكالية كبيرة.
- كانت القومية العربية والنضال العربي في تصاعد مستمر بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة بعد مثال القومية الأوروبية، ودعت بعض المعتقدات العربية إلى إنشاء دولة واحدة لجميع العرب على أسس علمانية.
- في عام 1917م أصدرت الحكومة البريطانية وعد بلفور، والذي أعلن تأييد بريطانيا لإنشاء (وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين)، وللأسف بالطبع حظي هذا الإعلان بالترحيب والتأييد الحار من اليهود في جميع أنحاء العالم، ولكن عارضه القادة الفلسطينيون والعرب أجمع.
وقد تم تقديم مقترحات مختلفة كثيرة لحل هذه المعضلة مثل:
- دولة عربية، مع أو دون عدد كبير من السكان اليهود.
- دولة يهودية، مع أو دون عدد كبير من السكان العرب.
- دولة واحدة ثنائية القومية، مع أو دون درجة معينة من التقسيم الكانتوني.
- دولتان، إحداهما ثنائية القومية والأخرى عربية، مع أو دون شكل من أشكال الفدرالية.
- دولتان، يهودية وعربية، مع أو دون شكل من أشكال الفدرالية.
في نفس الوقت أكد أكثر القادة العرب أنه لا بد لفلسطين أن تنضم إلى دولة عربية أكبر تغطي منطقة الشام غير الدقيقة، وقد تم توثيق هذه المطالب في اتفاق سمي فيصل وايزمان الذي وقعه (فيصل الأول) حاكم العراق والزعيم الصهيوني (حاييم وايزمان)، ولكن على الرغم من ذلك، فإن الوعد بدولة عربية بما فيها فلسطين لم يتحقق حيث قامت سوريا ولبنان والأردن بإعلان استقلالهم عن حكامهم الأوروبيين، بينما فلسطين الغربية ظلت في الصراع العربي اليهودي.
خلال فترة الانتداب البريطاني، تم اقتراح خطط عديدة لتقسيم فلسطين ولكن لم يوافق عليها جميع الأطراف حتى عام 1947م، تم التصويت على خطة في الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين؛ مما أدى إلى نشوب حرب فلسطين 1948م، التي نتج عنها إنشاء دولة يهودية ولكن دون دولة فلسطينية، ومنذ ذلك الوقت ظلت هناك مقترحات لإقامة دولة فلسطينية، مثلًا في عام 1969م اقترحت منظمة التحرير إنشاء دولة ثنائية القومية على كل أراضي الانتداب البريطاني السابق ولكن رفضت إسرائيل هذا الاقتراح لأنه كان سيؤدي إلى نهاية دولة إسرائيل، ولكن المقترحات الحالية هو الحل القائم على وجود دولتين إما على جزء من الأراضي الفلسطينية أو كلها (قطاع غزة والضفة الغربية) بما في ذلك القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967م.
اقرأ أيضًا: 979 عاما على ميلاد أحمد بن طولون.. مؤسس الدولة الطولونية
بعد هذه التطورات، طالب العرب بدولتهم في الانتداب البريطاني على فلسطين وطالبوا بوضع حد للدعم البريطاني لإنشاء وطن، وقد اكتسبت الحركة دعمًا كبيرًا خلال عشرينيات وثلاثينيات القرن العشرين حيث ازدادت الهجرة اليهودية تحت ضغط من الحركة القومية الناشئة، وفرض البريطانيون ما يسمى (الكتب البيضاء)، وهي مجموعة من القوانين تحد كثيرًا من الهجرة اليهودية وبيع الأراضي لليهود، هذه القوانين صدرت في عام 1922م و1930م و1939م، وهي كلها حاولت إيجاد توازن بين البريطاني مع اليهود والعرب.
بداية اليهود في دولة فلسطين:
تشير الإحصائيات الرسمية بأنه هاجر حوالي 367,845 شخصًا (من اليهود وغير اليهود) إلى فلسطين في نهاية القرن الـ 19، منهم حوالي 33,304 هاجروا بالطريقة القانونية من وجهة نظرهم بين أعوام من1920م و1945م وأيضًا هاجر حوالي 50,000 -60,000 من اليهود، ومعهم عدد من غير اليهود، بطريقة غير قانونية.
وأدت هذه الهجرة إلى زيادة في عدد السكان اليهود ولذلك بدأت بريطانيا بالتعامل بحذر مع كل من الطرفين العربي واليهودي ولكن حجتها هو معاداة السامية في أوروبا التي قامت خلال أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، كان نتيجتها زيادة الهجرة اليهودية (ومعظمها كانت من أوروبا) إلى فلسطين زيادة ملحوظة، مما خلق حالة من الاستياء العربي، وهذا أدى لوضع الحكومة البريطانية قيودًا على الهجرة اليهودية إلى فلسطين حيث أصدرت ما يسمى الكتاب الأبيض لإيقاف وتحديد أو تنظيم هجرة اليهود لفلسطين.
تظل حكاية دولة فلسطين حتى الآن كفيلم ترك المخرج نهايته مفتوحة يتخيلها كل مشاهد من وجهة نظره، ولكننا نعلم جيدًا النهاية التي أخبرنا بها العزيز الحكيم في كتاب يتلى إلى يوم الدين.
اقرأ أيضًا: الدولة الطولونية
كتبت: سحر علي.