هل جربت أن تعتذر لشخص ما بعد أن اقترفت خطأ بحقه؟ سواء كان هذا الخطأ مقصودا أم لا، فالاعتذار والتأسف يورث سعادة وارتياحا داخليا لا يوصف، كما يجعل الطرف الآخر يشعر بالتقدير والامتنان لتحملك وطأة هذا التصرف الراقي.
وإذا كان الأمر كذلك، فلماذا غابت عنا ثقافة الاعتذار؟، ولماذا بعد أي خطأ يتعامل كل شخص كأن شيئا لم يكن؟!، لذلك اليوم عبر هذا المقال سنلقي الضوء حول ثقافة الاعتذار التي تذيب جبال الجليد بلين قلوب الناس، وتقطع أواصر الغضب من جذورها بلا رجعة.

لماذا غابت ثقافة الاعتذار؟

هذه الثقافة في حقيقة الأمر لا تنقص شيئا من الشخصية، ولا تفقد ولو مقدار أنملة من الكبرياء الداخلي، ولكنها تضيف القوة إلى شخصيتك، وتجعلك تزن الأمور بميزان الحكمة والموضوعية.

لكن سلوك الاعتذار غاب في الحقيقة لسيادة ثقافة الكبر والغرور اعتقادا أن هذا التصرف ضعفا وقلة شأن، ويخاف المرء إن اعتذر عن خطئه لكيلا ينظر إليه بعض الناس على أنه متخاذل أو متراجع، فيفضل عدم الاستسلام لفكرة التراجع عن الخطأ؛ ليبدو بمظهر قوي الشخصية، المتمسك بمواقفه، وهو مفهوم خطأ تماما.

اقرأ أيضًا: فن الاحترام من القرآن والسنة 

منافع الاعتذار وتأثيره على الشخصية

الاعتذار يعيد لك شعور الراحة الذي تفقده بالخطأ في حق الآخرين، ويريح ضميرك ناحيتهم، وهو فعل أخلاقي وإنساني رفيع، فكم من مرة تعرضت لمضايقات في الشارع مثلا من سائقي المواصلات أو قائدي السيارات؟، وشعرت بغضب عارم كاد يفتك بك، رغم أن هذه المضايقات نتجت عن أخطاء حدثت دون عمد؟،
ولكن ينتهي كل شيء بمجرد أن يرفع لك سائق السيارة يده ويلوح معتذرا، وقتها ينتهي شعور الغضب ومعه كل آثاره المدمرة للمشاعر، بمجرد أن يقدم أحدهم على تصرف الاعتذار.

في خضم سيرنا في طرقات الحياة المختلفة، الأخطاء بمختلف أنواعها واردة ومحتملة وشائعة الحدوث؛ لأن الإنسان يتعلم ويكتسب خبراته عبر التجربة والخطأ، ومع حدوث ذلك بشكل عارض يصبح الاعتذار ضرورة إنسانية بالطبع؛ كي لا يتحكم الغضب والشر في تصرفات الإنسان.

ونقرأ بين السطور أن ثقافة الاعتذار رقي وقوة وتحضر و ليست ضعفا ولا تخاذلا ولا استسلاما، وإنما شجاعة الاعتراف بالحق والعدول عن الخطأ، وبداية جديدة للتسامح وخلق غطاء من المحبة بين الناس.

فعليك أيها القارئ العزيز المبادرة بالاعتذار المناسب للغاليين على قلبك وغيرهم؛ كي تساعدهم في التغلب على مصاعب الحياة، مع الأخذ في الاعتبار مدى أهمية مراعاة مشاعر الآخرين؛ لتجد من يخفف عنك صدمات الحياة.

اقرأ أيضًا: كيف تفهم مشاعرك بوضوح؟