إفطار المطرية الجماعي

رمضان في مصر حاجة تانية، ليس مطلعًا لأغنية فقط، بل هو حقيقة واقعة والدليل على ذلك إفطار المطرية الجماعي، الذي يوصف بأنه قد يكون أكبر مائدة للإفطار الجماعي في مصر أو أي بلد عربي أو إسلامي أخر، وهو في نفس الوقت حكاية فريدة من نوعها عمرها حوالي سبع سنوات، قدم خلالها أهالي عزبة حماده بحي المطرية في محافظة القاهرة، إفطار جماعي يجتذب أكثر من ثلاثة آلاف صائم تمتلئ بهم شوارع الحي وحاراته الضيقة، ما جعله يكتسب خصوصية تختلف عن أي إفطار جماعي آخر.

إفطار المطرية الجماعي:

ينطلق إفطار المطرية الجماعي عادة في منتصف الشهر الكريم، ويشارك في تجهيزه وإعداده عشرات بل مئات الشباب والسيدات من سكان الحي، حيث يتم توزيع الأدوار على الجميع للخروج بتلك الصورة المبهرة المشرفة، فتقوم السيدات بإعداد بعض المأكولات داخل منازلهن، في حين يقوم بعض الرجال بعملية الشواء في الهواء الطلق، ومن أبرز ما تتضمنه تلك المائدة الرمضانية الضخمة، أن جميع سكان الحي يشاركون في تجهيزه وإعداده من مالهم الخاص.

إفطار المطرية الجماعي
إفطار المطرية الجماعي

اقرأ أيضًا: 8 طقوس رمضانية مصرية.. خلطة فريدة من التقاليد والاحتفالات

ظروف إقامة إفطار المطرية الجماعي لهذا العام:

في كل عام يفكر القائمون على إفطار المطرية الجماعي بشهر رمضان المبارك في كيفية تدابيره، حيث إن أسعار السلع ترتفع بشكل تدريجي، ولكنها ارتفاعات كان يسهل التعامل معها نسبيًا، أما في شهر رمضان الجاري للعام (1445هجرية / 2024م)، كانت الارتفاعات قد وصلت إلى حد كبير جدًا، ويستدعي التفكير في تعامل مختلف مع مائدة الإفطار الجماعية الرمضانية الشهيرة.

ظروف إقامة إفطار المطرية الجماعي لهذا العام
ظروف إقامة إفطار المطرية الجماعي لهذا العام

“في كل عام كنا نتساءل كيف سنتعامل مع مسألة الأسعار، لكن الأمور كانت تنتهي بخير”، هذه العبارات جاءت على لسان (علي أمين) وهو شاب يبلغ من العمر 32 عامًا، يعمل في منظمة خيرية، وهو أحد المسئولين عن إفطار المطرية الجماعي، كان علي مع 29 مسئولًا آخر يفكرون في إلغاء بعض الأطعمة من المائدة كالفواكه والحلويات.

لكن الأيام السبعة السابقة للإعداد للمائدة غيرت كل شيء، فهناك تبرعات مادية من رجال وممثلي مجلس النواب من الحي وسكانه أيضًا، وهناك من أحضر الأرز والخبز، وهناك من أحضر اللحوم والدواجن، كل ذلك جعلهم يعيدون التفكير مرة أخرى، وأقيمت المائدة التي امتدت لأربعة شوارع إضافة الى الحارات الضيقة الداخلية، بعدما كانت شارعين في العام الماضي، ويشارك الأطفال في ذلك الحدث أيضًا، وتحية خالصة من القلب للسيدات اللائي يجهزن بعض أصناف الطعام داخل منازلهن، ويتابعن من خلال الشرفات لحظات الإفطار السعيدة والمبهجة.

الإفطار الجماعي في المطرية
الإفطار الجماعي في المطرية

ويوضح أحد الشباب المسئولين عن إفطار المطرية الجماعي، أن كرم العطاء في هذا الشهر الكريم ليس من المتبرعين فقط بل من الحضور أيضًا، وعلى سبيل المثال كانت هناك عربة آيس كريم تمر في المنطقة فاستوقفها أحد الحاضرين واشترى منه كل ما في العربة، وقام بتوزيعه على الأطفال، وهذه الحالة من الكرم والعطاء والجود هي ما يميز هذا الشهر المبارك ويشيع الحب والمودة بين أفراد المجتمع.

وختامًا عزيزي القارئ، تناولنا إفطار المطرية الجماعي الذي تحول من فكرة حضرها خمسة أشخاص إلى أكبر مائدة للإفطار تملأ خمسة شوارع، لترسم لوحة كبيرة عنوانها لا يخلو من التكاتف والرحمة والتعاون والود والعطاء والكرم المصري الأصيل منذ أيام موائد الرحمن في الحارة المصرية، لتتحول اليوم إلى أكبر مائدة إفطار جماعي في حي المطرية.

اقرأ أيضًا: رمضان حول العالم.. اكتشف أجواء الاحتفال بشهر رمضان المبارك

كتبت: سحر علي.