بعد مرور 300 يوم تقريبًا على مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي التي حققت نجاحًا كبيرًا خاصة في مصر، حيث بدأت حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية كتحرك شعبي في أواخر عام 2023، تجلى تأثير هذه الحملة على الاقتصاد المصري من خلال تغييرات ملحوظة في سلوك المستهلكين، وأنماط التجارة، والسياسات الاقتصادية، في هذا المقال سوف نتعرف على هذه التأثيرات، والتحديات الاقتصادية رغم النجاح الذي حققته الحملة، والإنجازات التي حققتها هذه الفترة.
أهداف حملة مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي:
بدأت حملة مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي في منتصف شهر أكتوبر 2023 بمصر، حيث دشن مجموعة من نشطاء الفيسبوك مبادرة أطلق عليها اسم (صنع في مصر)، ورفعت أيضًا بعض الوسوم مثل: لا تدفع ثمن رصاصاتهم، وقاطعوا بضائع الاحتلال، ومقاطعون، وهل قتلت فلسطينيًا اليوم؟ بالإضافة إلى إطلاق عدة مواقع وتطبيقات تساعد في التعرف على المنتجات التابعة للمقاطعة وبدائلها أشهرها قضيتي وبدناش وبويكوت.

وتعد هذه الحملة رد فعل على السياسات الإسرائيلية تجاه فلسطين في حرب الإبادة الجماعية؛ وذلك لدعم القضية الفلسطينية من خلال الضغط الاقتصادي؛ أدت هذه الحملة إلى تحقيق أهداف متعددة، منها:
- تسليط الضوء على القضايا الإنسانية، وذلك بالتركيز على شراء بدائل المنتجات التابعة للمقاطعة، حيث يسعى المشاركون في هذه الحملة إلى دعم حقوق الفلسطينيين وتسليط الضوء على القضايا الإنسانية.
- تعزيز الاقتصاد المحلي، من خلال تقليل الاعتماد على منتجات المقاطعة الإسرائيلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي ويشجع على استهلاك المنتجات المصرية.
- الضغط على إسرائيل من خلال تقليل صادرات منتجات مقاطعة إسرائيل إلى مصر، حيث تتوجه وتأمل الحملة في خلق ضغط اقتصادي يؤدي إلى تغييرات سياسية.
نتائج حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية 2024:
تُظهر البيانات الحديثة تأثيرًا ملحوظًا لحملات المقاطعة على مبيعات الشركات المستهدفة، فيما يلي بعض الإحصائيات والأرقام المحدثة:
الشركة | نتائج حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية 2024 |
ماكدونالدز | في الربع الأخير من عام 2023، أعلنت الشركة عن إيرادات بلغت 6.41 مليار دولار، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى 6.45 مليار دولار، كما ارتفعت مبيعات المتاجر العالمية بنسبة 3.4%، وهو أقل من التقديرات التي كانت تتوقع زيادة بنسبة 4.7%. |
ستاربكس | سجلت الشركة إيرادات بقيمة 9.4 مليار دولار في نفس الفترة، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى 9.6 مليار دولار. |
إيه بي تي الإسرائيلية | واجهت خسائر بلغت أكثر من 23 مليون دولار جراء حملات المقاطعة ضدها. |
هربي | تكبدت خسائر قدرها 20 مليون دولار بسبب مقاطعة منتجاتها. |
بالإضافة إلى الخسائر المالية، تؤثر حملات المقاطعة سلبًا على سمعة الشركات وصورتها الذهنية لدى الجمهور، مما يدفع بعض الشركات إلى تغيير سياساتها للتخفيف من حدة الانتقادات والمقاطعة، وتجدر الإشارة إلى أن تأثير المقاطعة يختلف من شركة لأخرى بناءً على حجمها وانتشارها في الأسواق المختلفة، وكذلك على مدى استجابة المستهلكين لحملات المقاطعة.
اقرأ أيضًا: فخ المقاطعة.. منتجات حديثة تابعة للمقاطعة و3 طرق لاكتشافها
تأثير حملة مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي على السلوك الاستهلاكي في مصر:
أحدثت حملة مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي تغييرات جذرية في سلوك المستهلكين المصريين، كما أدت الدعوات لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية إلى تحول ملحوظ في أنماط الاستهلاك، مثل:
- زيادة الوعي بالمنتجات المحلية، حيث بدأ المستهلكون في البحث عن بدائل المنتجات التابعة للمقاطعة؛ مما أدى إلى زيادة الطلب على المنتجات المصنعة محليًا.
- تحسين التحقق من مصدر المنتجات، فأصبح المستهلكون أكثر حرصًا على التحقق من مصدر المنتجات، والتأكد من عدم كونها ضمن منتجات المقاطعة الإسرائيلية.
- التحول إلى المنتجات الإقليمية، حيث شهدت الأسواق توجهًا نحو استهلاك المنتجات القادمة من دول عربية أو إسلامية، كبديل لمنتجات مقاطعة إسرائيل.
تأثير مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي على الأسواق والاقتصاد المصري:
أدى تحويل الطلب من المنتجات التابعة للمقاطعة للمنتجات المحلية إلى تغييرات كبيرة في الأسوق والاقتصاد المصري، ومنها:
- نمو الشركات المحلية، حيث استفادت الشركات المحلية من زيادة الطلب؛ مما ساهم في توسيع إنتاجها وتحسين جودة منتجاتها.
- إعادة هيكلة التجارة، حيث تم تعديل سلاسل التوريد لتلبية الطلب المتزايد على بدائل منتجات المقاطعة الإسرائيلية؛ مما أدى إلى توسع نطاق التجارة الداخلية وتحسين كفاءة توزيع السلع.
- تخفيف الاعتماد على الواردات الإسرائيلية، حيث ساهم انخفاض الطلب على منتجات مقاطعة إسرائيل في تقليل الواردات منها؛ مما أدى إلى تقليل العجز التجاري وتعزيز توازن المدفوعات.

التحديات الاقتصادية التي تواجهها حملة مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي:
رغم النجاح الذي حققته حملة مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي، إلا إنها واجهت بعض التحديات التي أثرت على الاقتصاد المصري بطرق مختلفة:
- صعوبة التكيف السريع، فلم تكن جميع الشركات المصرية مستعدة لتلبية الزيادة المفاجئة في الطلب؛ مما أدى إلى بعض المشاكل في توفير السلع البديلة.
- آثار قصيرة الأمد على التضخم، حيث تسبب انخفاض توفر بعض المنتجات التابعة للمقاطعة، في ارتفاع مؤقت في أسعار بدائل المنتجات التابعة للمقاطعة.
بدائل المنتجات الإسرائيلية في مصر:
مع تصاعد حملات المقاطعة، لجأ المستهلكون إلى البحث عن بدائل المنتجات الإسرائيلية في مصر، تشمل المنتجات الغذائية، الأدوات الكهربائية، ومستحضرات التجميل، مما عزز مكانة الشركات المحلية ودعم الاقتصاد المصري، ومن أبرز هذه الأمثلة ما يلي:
- شركة جهينة المصرية: شهدت زيادة في الطلب على منتجات الألبان والعصائر مع توجه المستهلكين نحو البدائل المحلية.
- مبادرة صنع في مصر: دعمت الشركات الصغيرة والمتوسطة، مما ساهم في تعزيز الاقتصاد الوطني.
- شركة النساجون الشرقيون: ازدهرت مبيعاتها مع تفضيل المستهلكين للمنتجات المحلية في صناعة السجاد.
- قطاع الحرف اليدوية: انتعشت الصناعات التراثية مثل الخزف والنسيج، مما وفر فرص عمل جديدة للشباب.
اقرأ أيضًا: قائمة شاملة.. أشهر المنتجات التابعة للمقاطعة وبدائلها
إنجازات حملة مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي:
أحد الإنجازات الرئيسية للحملة، هو زيادة الوعي الاجتماعي لدى المصريين حول تأثير قراراتهم الاستهلاكية في دعم القضية الفلسطينية، كما حققت إنجازات أخرى، منها:
- تعزيز المسئولية الاجتماعية، فأصبح المستهلكون أكثر إدراكًا لأهمية دعم الاقتصاد الوطني، والمشاركة في حملة المقاطعة كوسيلة للتعبير عن التضامن مع القضايا الإنسانية.
- زيادة التوعية الإعلامية، حيث ساهمت وسائل الإعلام في نشر الوعي حول أهمية مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، ودعم البدائل المصرية.
- تشجيع التعاون المجتمعي، حيث شجعت الحملة على تشكيل مجتمعات افتراضية وعلى الأرض؛ لتبادل المعلومات حول المنتجات التابعة للمقاطعة والمنتجات البديلة، وتعزيز الوعي بالقضايا المرتبطة بالاقتصاد والسياسة.

توجه الاقتصاد المصري في المستقبل مع استمرار حملة المقاطعة:
مع استمرار حملة المقاطعة، يتجه الاقتصاد المصري نحو تبني استراتيجيات جديدة لتعزيز الاكتفاء الذاتي، وتقليل الاعتماد على المنتجات الأجنبية، بما في ذلك المنتجات التابعة للمقاطعة، ومن أهم هذه الاستراتيجيات:
- تطوير الصناعات المحلية، إن الاستثمار في الصناعات المحلية، سيعزز قدرة الاقتصاد المصري على تلبية احتياجات السوق المحلية دون الاعتماد على الواردات.
- تنويع مصادر الاستيراد، من خلال العمل على تنويع مصادر الواردات، وذلك لتقليل الاعتماد على الواردات من دولة واحدة أو مجموعة دول محددة؛ مما يعزز استقرار الاقتصاد.
- التعاون الإقليمي وتعزيز التعاون الاقتصادي مع الدول العربية والإسلامية، يمكن أن يقدم بدائل تجارية فعالة للمنتجات التابعة للمقاطعة، ويدعم التجارة البينية.
كيف ألهمت حملة المقاطعة المصرية الدول الأخرى لدعم المنتجات المحلية؟
ألهمت حملة المقاطعة المصرية العديد من الدول لاتخاذ خطوات مشابهة لدعم المنتجات المحلية والضغط على الشركات الداعمة لإسرائيل، فقد انتشرت دعوات مماثلة في مختلف أنحاء العالم العربي والإسلامي، حيث تبنى المستهلكون سياسات مقاطعة للمنتجات والشركات المرتبطة بإسرائيل، مما أدى إلى تعزيز الصناعات الوطنية وتقليل الاعتماد على المنتجات الأجنبية.
أمثلة على حملات مقاطعة ناجحة حول العالم:
- حملة المقاطعة العالمية لجنوب أفريقيا: خلال فترة الفصل العنصري، أطلقت حركة عالمية لمقاطعة المنتجات الجنوب أفريقية، مما ساهم في الضغط على النظام الحاكم آنذاك، وأدى في النهاية إلى إنهاء نظام الفصل العنصري.
- مقاطعة حافلات مونتغمري: في الولايات المتحدة عام 1955، قاد مارتن لوثر كينغ حملة لمقاطعة حافلات مدينة مونتغمري احتجاجًا على سياسات الفصل العنصري في وسائل النقل العام، واستمرت المقاطعة لمدة 381 يومًا وأدت إلى إلغاء قوانين الفصل في الحافلات.
- حركة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية (BDS): هي حركة دولية تسعى إلى مقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل بسبب سياساتها تجاه الفلسطينيين، وحققت الحركة نجاحات ملحوظة في زيادة الوعي العالمي بالقضية الفلسطينية والضغط على إسرائيل لتغيير سياساتها.
بعد 300 يوم من انطلاق حملة مقاطعة منتجات الاحتلال الإسرائيلي، أصبح من الواضح أن الحملة قد حققت تأثيرًا ملموسًا على الاقتصاد المصري، حيث ساهمت الحملة في تغيير السلوك الاستهلاكي للمصريين، وتعزيز الاقتصاد المحلي، وإعادة تشكيل الأنماط التجارية، وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها، إلا أنها أظهرت القوة الكامنة في التحركات الشعبية وقدرتها على إحداث تغييرات واسعة النطاق.
اقرأ أيضًا: سبيرو سباتس.. بديل مصري ينافس مشروبات المقاطعة
كتبت: نورهان أحمد.