في مقالنا السابق عرضنا كيف كان أرسطو يعكس ضعفا في جزء من نظرية معلمه أفلاطون ويؤكد على جزء آخر، وأيضاً شرحنا علومه المتعددة في التصنيف والأحياء والفلسفة، لكن في مقالنا هذا سنذكر أهم نظريات أرسطو عن الأخلاق، السياسة، والمرأة.

“علم الأخلاق عند أرسطو”

يرى الفيلسوف العالم أرسطو أن الإنسان يجب أن يحوي بداخله نفوسا عدة: “نفس نبات، نفس حيوان، نفس من عقل” ويقصد بهم أن نفس النبات هي جسده الذي يلزمه العناية والطعام لينمو ويكبر ويشد عضده، أما نفس الحيوان فهي نفس حسية ويقصد بها إدراك العالم من حوله واستكشاف حواسه وكيفية استخدامها، أما نفس من عقل يقصد بها النفس الفكرية وهي العقل الذي حباه به ربه وجعله مميزا عن بقية خلقه.

يطرح أرسطو كذلك فكرة السعادة للإنسان في شكل سؤال مهم جداً “كيف يتوجب على الإنسان أن يعيش؟ ما الذي يلزمه ليحيا حياة متفتحة؟”
عندما قسم أرسطو السعادة في ثلاثة أشكال مختلفة أجاب على سؤاله بشكل غير مباشر وقصد بها أن الأنسان لا يكون سعيداً إلا إذا نمى كل القدرات التي يملكها بالقوة.

أنواع السعادة كما وصفها أرسطو كانت:
– الشكل الأول هو الحياة في المتعة والتسلية.
– الشكل الثاني هو أن يعيش كمواطن حر ومسؤول.
– الشكل الثالث هو أن تعيش عالماً وفيلسوفاً.
يؤكد أرسطو على أن هذه الشروط الثلاثة يجب أن تجتمع كي يعيش الإنسان حياة سعيدة متناغمة والوسيلة لعيش هذه الحياة هي التوازن والاعتدال، فلا تفرط مثلاً في الطعام فتكون في خطر ولا تقلل جداً منه فتكون أيضاً في خطر، وهذا المثل يضرب على كل مانحيا به ومعه.

“مفهوم أرسطو لسياسة المجتمع”

يبدأ أرسطو من جديد فكرة أنه يجب على الإنسان ألاّ يتوقف عند مظهر واحد من مظاهر الأشياء، فكما يقول: ” دون المجتمع حولنا لا نكون بشراً حقيقيين فالأسرة والقرية تغطيان حاجاتنا الأساسية كالغذاء، الدفء، الزواج وتربية الأطفال، أما الشكل الأعلى للمجتمع فلا يمكن أن يكون إلاّ الدولة”.

نظم أرسطو الدولة- ولابد أنكم تتذكروا مدينة أفلاطون الفاضلة– في ثلاثة أشكال ناجحة:

– الملكية:
وهي التي لا يكون فيها إلا رئيس واحد ولابد أن يكون صالحاً لا يخضع شعبه للطغيان.

– الأرستقراطية:
حيث نجد أن عددا متفاوتا من المسؤولين ولا يجب تحول هذا الشكل إلى لعبة في يد الحكام.

– بوليتي (الديمقراطية):
وهو الشعب بجميع فئاته، ويجب أيضاً أن ننتبه حيث لا تتحول الدول إلى مولية بدلاً من ديمقراطية.

“المرأة في نظر أرسطو”

لم يكن أرسطو مثل معلمه أفلاطون الذي أقر أن المرأة كما الرجل تستطيع أن تصبح رئيسا أو جنديا إذا تم تدريبها وتعليمها مثل الرجل وإخراجها من دائرة البيت والزواج والإنجاب المفرغة للتي تجعلها تدور حول نفسها فيها، أرسطو لم يعبأ بنظرية معلمه وطرح رأيه الخاص.

إن أرسطو يقول أن المرأة مخلوق غير كامل، ففي الزواج يرى أن المرأة سلبية تتلقى والرجل إيجابياً يعطي ولا يرث الطفل إلا صفات أبيه، فقد كان يعتقد أن كل صفات الطفل تكون كاملة في مني الرجل، فالمرأة كالأرض تكتفي بتلقي البذور في حين أن الرجل كالفلاح الذي يبذر.

إنه لمن العجيب والمؤسف أن يخطئ رجل ذكي كأرسطو هذا الخطأ الجسيم في فهم العلاقة بين الرجل والمرأة وهذا يبرهن على أن أرسطو لم يكن له خبرة في الحياة الزوجية والأطفال، فإن من الخطير أن يظل الرجال مسيطرون على الفلسفة والعلوم .

وما زاد الأمر كارثية هو أن نظرية أرسطو هي ما سادت حتى القرون الوسطى حتى في أواسط الكنيسة التي لم تستند في موقفها إلى الإنجيل، حيث السيد المسيح لم يكن عدواً للمرأة.

وأخيراً..انتهينا من أرسطو ونظرياته وهذا يجعلنا نفكر فيما حولنا بترتيب واضح وشكل محبب كي لا نشبه الحيوانات في حياتهم الذين يحيوها دون تفكير أو عقل.

 

كتبت/ إيمان الخطيب